م الآخر| استشعار الحرج

كتب: طارق فاروق

م الآخر| استشعار الحرج

م الآخر| استشعار الحرج

في ظل محاكمات الأنظمة السابقة منذ ثورة يناير حتى الآن، ومنها ما نطلق عليها محاكمة القرن والجمل ومجلس الوزراء والاتحادية.. محاكمات كثيرة وأسماء كثيرة ولكنها بلا جدوى، ,مرورا بمسلسل البراءة للجميع لنظام الحزب الوطني اللا ديموقراطي، إلى نظام حزب الحرية والخيانة الشهير بالحرية والعدالة واستشعار الحرج. متى سنرى الأحكام الرادعة يا قضاء الشعب؟ وكأن استشعار الحرج هو قدرنا وقدر كل أسرة فقدت أب أو أم أو أخ أو أخت، حتي صار استشعار الحرج القشة التي قصمت ظهر آلاف الأسر المكلومة. متى سنرى الأحكام الرادعة والمحاكمات السريعة لمن قتلوا أبنائنا، وأفقروا شعبنا، ونهبوا أرضنا؟ وقذ أصبح على أرض مصر الكنانة من يبحث عن غذائه في صناديق القمامة. أليس هذا المثال كاف يا قاضي البلاد لاستشعار الحرج؟ ألا يجعلك تاخذ القرار الرادع بقلب مطمئن وضمير يقظ؟. لا ننتقص من دوركم ولا نشكك في نزاهتكم، ونقدر الضغوط المحيطة بكم، ولكننا نطلب منكم الغوث يا أهل القانون، فأغيثونا وكلنا خلفكم. وهنا أذكركم ونفسي والقارئين بالعدل والقصاص في زمن الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما أتى له شابان بينما هو في المجلس، وهما يقودان رجل، فقالوا: يا أمير المؤمنين هذا الرجل قتل أبانا. ‏قال: أقتلت أباهم؟ ‏قال: نعم قتلته. فكان قرارعمر: القصاص. ‏قال الرجل: يا أمير المؤمنين.. أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية، فأُخبِرَهم ‏بأنك سوف تقتلني، ثم أعود إليك، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا. قال عمر: من يكفلك أن تذهب إلى البادية ، ثم تعود إليَّ؟ ‏فسكت الناس جميعا. قال عمر: من يكفُل هذا الرجل أيها الناس؟ فقام أبو ذرّ الغفاريّ بشيبته وزُهده وصدقه، وقال: يا أمير المؤمنين، أنا أكفله. قال: أتعرفه؟ ‏قال: ما أعرفه.. قال: كيف تكفله؟ ‏ قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين، فعلمت أنه لا يكذب، وسيأتي إن شاء‏ الله. ‏فذهب الرجل، وأعطاه عمر ثلاث ليال يُهيّئ فيها نفسه ويُودّع أطفاله وأهله، ثم يأتي ليقتص منه لأنه قتل. وعاد الرجل الميعاد، وقال: جئتُ لأُقتل، وتركت اطفالي بلا ماء ولا شجر في البادية يا أمير المؤمنين، خَشيت أن يُقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس. فسأل عمر بن الخطاب أبو ذرّ: لماذا ضمنته؟ فقال أبو ذرّ: خَشيت أن يُقال لقد ذهب الخير من الناس. ‏فوقف عمر وقال للشابين: ماذا تَريان؟ قالا: عفَونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه، وقالوا نخشى أن يُقال لقد ذهب العفو من الناس. فإننا لا نطلب سوى العدل والقصاص، لقوله تعالى في القرءان الكريم "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". صدق الله العظيم.