«بعد الإعلان عن بدء أعماله فى 2019»... هل ينجح صندوق مصر السيادى فى تعزيز عوائد الأصول العامة؟

كتب: رباب إمام وبسنت ماهر

«بعد الإعلان عن بدء أعماله فى 2019»... هل ينجح صندوق مصر السيادى فى تعزيز عوائد الأصول العامة؟

«بعد الإعلان عن بدء أعماله فى 2019»... هل ينجح صندوق مصر السيادى فى تعزيز عوائد الأصول العامة؟

تكتسب صناديق الثروة السيادية أهمية متزايدة فى النظام النقدى والمالى الدولى، ما حدا بحكومات الكثير من الدول إلى إنشاء هذه الصناديق، ويرجع تاريخ الصناديق السيادية إلى دولة الكويت التى قامت بإنشائه فى عام 1953 تحت اسم الهيئة العامة للاستثمار، والذى وصل حجم أصوله اليوم إلى نحو 524 مليار دولار، وذلك فى ظل توجه الدولة للاستثمار فى عوائد البترول الفائضة لتأمين بديل للنفط.

وبالنظر إلى مسمى «صندوق سيادى» نجد أن الصناديق السيادية هى كيانات مستقلة مملوكة من قبل الدول لإدارة الفوائض المالية للدولة من أجل الاستثمار.

وفى نظرة أكثر توضيحاً لحجم وأداء الصناديق العالمية والعربية، أشارت مؤسسة «ستاندرد تشارترد» البريطانية أن حجم أموال تلك الصناديق يعادل 42% من إجمالى القيم المتداولة فى بورصة طوكيو، و12% من إجمالى القيم المتداولة ببورصة نيويورك.

كما تمكنت الاستثمارات فى هذه الصناديق من امتلاك حصص ملكية فى كبرى الشركات العالمية، وأبرزها «Apple» و«Nestlé» و«Amazon» و«Facebook» و«Shell»، وساعدها على ذلك حجم الأصول المالية الضخم لهذه الصناديق والذى قدر بـ7.88 تريليون دولار، وذلك وفقاً لتقرير معهد الصناديق السيادية العالمية SWF Institute.

{long_qoute_1}

وأفاد نفس التقرير الصادر فى يونيو 2018، أن الصندوق السيادى للنرويج جاء فى المركز الأول عالمياً بأصول قيمتها 824.9 مليار دولار، بينما احتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى عربياً والثانية عالمياً بحجم أصول بلغت قيمتها 773 مليار دولار، ويرجع أغلبها من تصدير النفط.

وعلى ذلك، أصبحت صناديق الثروة السيادية موضع اهتمام متزايد بالنسبة للأسواق وصانعى السياسات، وهذا ما دفع مصر إلى تبنى نفس النهج حيث تعتزم الدولة بدء أعمال الصندوق فى شهر سبتمبر من العام الحالى، ولكن تعتمد فكرة الصندوق السيادى فى مصر على الاستثمار فى الأصول غير المستغلة، وحددت لجنة تقييم الأصول 20 أصلاً غير مستغل على مستوى الجمهورية لضمهم إلى الصندوق.

ويبلغ رأسمال صندوق مصر السيادى 200 مليار جنيه مصرى، أما رأس المال المصدر هو خمسة مليارات جنيه مصرى، ويدفع منه عند التأسيس مليار جنيه مصرى، تسدد من الخزانة العامة للدولة، على أن يتم ضخ الأربعة المليارات المتبقية خلال ثلاث سنوات من تاريخ التأسيس وفقاً لخطط الاستثمار المقدمة من الصندوق، ويعد هذا الصندوق أول صندوق مصرى يستهدف إدارة أصول الدولة.

وفى هذا السياق، قال محمد ماهر، رئيس بنك الاستثمار برايم، إن صندوق مصر السيادى يعتبر أداة استثمارية تدر عائداً للدولة عن طريق الاستثمار فى الأصول غير المستغلة والتى تقدر بمئات المليارات، موضحاً أن الحكومة المصرية تبنت استراتيجيات جديدة لإدارة أصولها وإعادة هيكلتها خلال الفترة الأخيرة، وذلك من خلال إنشاء صندوق مصر، وأيضاً برنامج الطروحات الحكومية فى البورصة المصرية ليعبروا عن رؤية جديدة للحكومة تستهدف من خلالها الاستغلال الأمثل لكافة موارد الدولة لتعظيمها والحفاظ على تلك الأصول وعلى ملكيتها وتأمين حقوق الأجيال القادمة.

وأضاف «ماهر» أن هذه الاستراتيجية ستسهم فى خلق نوع جديد من الاستثمارات التى تتولاها الدولة بالمشاركة مع القطاع الخاص، مؤكداً أن التطبيق الفعلى لهذا الصندوق يحتاج الكثير من الوقت حتى يعيد إحياء الأصول المهدرة ويحسن استغلالها، كما يمثل تحدياً أيضاً.

وأضاف أبوبكر إمام، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار سيجما كابيتال إن هناك مقترحاً بشأن الصندوق السيادى بإنشاء صندوقين فرعيين أحدهما فى القطاع العقارى والثانى فى القطاع السياحى، موضحاً أن الصندوق العقارى سيعمل على تعظيم الاستفادة من الأراضى غير المستغلة بالدولة وإدارتها بشكل جيد، وفيما يخص الصندوق السياحى سيعمل على تحديد حجم الاستثمارات التى يحتاجها هذا القطاع وبالتالى إدارة الأصول المهدرة الأمر الذى يؤدى إلى زيادة الثروة.

{long_qoute_2}

وأوضح أن دول الخليج أبدت اهتماماً بالمشاركة فى الصندوق السيادى المصرى من خلال التوجه بالاستثمار فى القطاع العقارى المصرى بتمويل سيادى، مشيراً إلى أنه بالرغم من المنافع التى ستحصل عليها مصر من هذا الصندوق إلا أن هناك بعض التحديات أبرزها القوانين والتشريعات، والبيروقراطية، وسوء تصرف موظفى الحكومة.

وبالنسبة لمصر، فالصندوق سيعمل على تنمية ثرواتها من الأصول والموارد الطبيعية بشكل مُستدام، لتعظيم قيمة هذه الموارد للأجيال القادمة، كما سيكون بمثابة إحدى الآليات المهمة فى الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، وكذلك شراء حصص تملُكها شركات أجنبية عاملة على أرض مصر.

وسيقوم بتعظيم نصيب الفرد من الثروة بالاستثمار داخل وخارج البلاد، كما تنطوى منافع الصندوق على تنشيط سوق المال من خلال شراء أسهم فى الشركات لدى البورصة المصرية، بالإضافة إلى تمكّن الدولة من خلاله بالاستثمار فى القطاعات التى لا تجذب مستثمرين.

وقالت الدكتورة بسنت فهمى، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن صندوق مصر السيادى هو صندوق ثروة عينية وليست نقدية، وأن شركات قطاع الأعمال العام تمتلك أراضى لا حصر لها، مضيفة أن الدولة تنشئ الآن عاصمة إدارية جديدة ستنتقل إليها الهيئات الحكومية وتترك خلفها ثروة هائلة من المبانى والأراضى، ومن بينها مبانٍ تاريخية ستدخل فى الصندوق وتدُر عائداً كبيراً من استثمارها.

وطالبت بمشاركة خبرات أجنبية فى إدارة تلك الأصول حتى نستطيع تحقيق أعلى عائد لأننا بالفعل ينقصنا حسن الإدارة وليس هناك مشكلة فى الاستعانة بخبرات الآخرين، مؤكدة أنه تم وضع استراتيجية تمكّن تلك الأصول من تحقيق عائد ملموس، إلى جانب توجيه جزء من إيرادات هذا الصندوق لتقليل عجز الموازنة.

والتحدى بالنسبة لصندوق مصر السيادى، كما صرحت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، فى حوار صحفى سابق مع «الوطن الاقتصادى»، أنه قد يصعب ضم كافة الأصول غير المستغلة دفعة واحدة إلى الصندوق حتى لا تحدث تخمة فى رأس ماله دون استثمارات حقيقية.

وفى هذا الصدد، قال محمد رضا، الرئيس التنفيذى الإقليمى لبنك الاستثمار سوليد كابيتال، إن صندوق مصر هو تطور هيكلى كبير فى فكر الحكومة المصرية لإدارة أصولها بعيداً عن الخصخصة التى حدثت فى التسعينات وتم وقتها بيع أفضل الأصول المملوكة للدولة بقيم غير عادلة.

وأوضح أن التقرير السنوى الصادر عن المنتدى العالمى لصناديق الثروة السيادية أنه على مدى عام 2017 نفذت الصناديق المنضمة للمنتدى، وعددها 30، صفقات استثمار مباشر بنحو 53 مليار دولار أمريكى، منها 16 مليار دولار أمريكى تمثل 119 صفقة فى شركات مقيدة أسهمها بالبورصة، و37 ملياراً بشركات غير مقيدة تمثل 184 صفقة هذا وبلغ نصيب القطاع العقارى نحو 15.5 مليار دولار أمريكى من استثمارات الصناديق السيادية، وهذا ما يؤكد الدور الفعال لمثل هذه الصناديق.

وأشاد بالقانون الصادر بتأسيس هذا الصندوق، حيث إنه شمل مجموعة من النقاط الإيجابية، وأهمها ألا يتقيد الصندوق أو أى كيانات تابعة له، مهما كانت نسبة مساهمة الدولة منها بالقواعد والنظم الحكومية، وأن مراجعة حسابات الصندوق تتم من خلال الجهاز المركزى للمحاسبات والآخر من المراقبين المقيدين لدى البنك المركزى المصرى، أو الهيئة العامة للرقابة المالية.

ويرى «رضا» أن القانون أغفل بعض النقاط التنظيمية والرقابية منها خضوع الصندوق لرقابة مجلس النواب لعرض القوائم المالية للصندوق، وتقرير مراقبى الحسابات للاعتماد، كما أن القانون لم يضع آلية حقيقية لتقييم أداء الصندوق كصندوق استثمار والاكتفاء فقط بالقوائم المالية كمقياس للأداء، مطالباً بأن يتم تقييم أصول الصندوق بصورة دورية شهرياً أو «ربع سنوى» بطريقة صافى قيمة الأصول NAV، وأن ينشر بالجرائد الرسمية تحقيقاً للإفصاح عن نمو قيمة أصوله.


مواضيع متعلقة