مؤسس اتحاد أمهات مصر: الأهالى يتحملون المسئولية.. إدمان السوشيال ميديا أو ما يسمى «خرس منزلى»
عبير
تعانى الأسر المصرية من ظاهرة جديدة أطلت برأسها على المجتمع وهى «الخرس المنزلى» التى دفعت الكثير من الشباب والمراهقين إلى الوحدة والانطواء، وأصبح الهاتف المحمول أو جهاز الكمبيوتر هو البديل لدفء الأسرة، وأرجع الكثير من أولياء الأمور السبب الرئيسى وراء تفشى هذه الظاهرة السلبية إلى انتشار الألعاب الإلكترونية التى تجذب الكبار قبل الصغار فأصبحوا غرباء داخل البيوت، مؤكدين أن انتشار البرامج الترفيهية على المواقع الشهيرة كان له دور كبير فى جذب الشباب حتى أصبحوا فى عزلة عن أسرهم، وذهب البعض الآخر إلى أن انعدام الشكل الاجتماعى للأسرة يرجع إلى اتجاه الشباب للاندماج فى العالم الافتراضى الذى خلقته لهم وسائل التواصل الاجتماعى والتى تتمثل فى الفيس بوك والإنستجرام.
مى خالد، من المعادى، تحدثت عن معاناتها مع طفلها البالغ من العمر ١٤ عاماً، قائلة: «قال لباباه عايز موبايل، علشان أبقى زى زمايلى، كان عنده ١٠ سنين، وشوية شوية اتعلق بالألعاب خاصة القتالية بشكل غريب، لدرجة إنه بقى يقعد لوحده لمدة ١٦ ساعة يومياً وقت الأجازات، ومش قادرة آخد الموبايل منه، لأن الممنوع مرغوب».
وتابعت السيدة الأربعينية: «المشكلة مش مع ابنى وبس، لا ده الموضوع أكبر بكتير من كده، أختى عندها بنت فى الجامعة، وبتعانى من المشكلة بشكل كبير، أنا يمكن عندى أمل إن ابنى لما يكبر يبطل يلعب كتير، لكن أختى وبنتها مشكلتهم أكبر بكتير، لأن البنت ماكانتش تعرف حاجة عن الإنترنت ولا كان ليها فيس ولا أى حاجة، وفجأة لما دخلت الجامعة عملت فيس وشوية شوية الموضوع زاد معاها، لدرجة إنها أوقات مش بتنام بالليل علشان تكلم أصحابها، أختى غلبت معاها، بس هتعمل إيه بنتها كبرت وبقى صعب إنها تغصبها على حاجة».
«رامى»: إخوات ابنى مش حاسين بوجوده فى البيت «سحر»: ماقدرش آخد منه الموبايل لأن «الممنوع مرغوب».. «شيرين»: إحنا فى وادى وولادنا فى وادى تانى
وروى رامى خالد، من مدينة نصر، حكايته قائلاً: «ابنى فى سن الشباب، بيفضل قاعد لوحده بالساعات، ماسك موبايله، ومش بيخرج من أوضته غير للحمام والأكل، حتى وقت الأكل بيبقى ماسك الموبايل، فى الأول ماكنتش أعرف هو بيعمل إيه، وليه على طول معاه موبايله، شكيت إنه ممكن يكون عنده اكتئاب أو مرض نفسى، خصوصاً إنه جه عليه وقت ماكانش بيتكلم معانا خالص، ودايماً قاعد لوحده، فرحت لأكتر من دكتور نفسى، وماطلعش عنده حاجة، فبطلت أحاول أخرجه من العالم اللى عزله عننا، مدام هو مرتاح كده».
وأضاف «خالد»: «إخواته مش حاسين بوجوده، حتى أقاربنا لما بنزورهم أو بيزورونا ولا بيفكر يخرج يسلم عليهم، وده خلاه غريب بيننا».
واشتكت داليا وحيد، ربة منزل، من مدينة نصر، من زوجها وانخراطه المبالغ فيه مع هاتفه بالقول: «مابقاش يقعد معايا أنا والأولاد، طول اليوم بيكون فى شغله وبالليل ييجى يأكل، ويقعد من غير ولا كلمة معانا، كل اللى بيكون شاغله الموبايل، اتخانقت معاه كتير بسبب الموضوع ده، لدرجة إنى فكرت أطلب الطلاق، لكن الأولاد صعبت عليا».
وتابعت: «لا بقينا نخرج ولا نقعد سوا حتى فى البيت زى زمان، وقته كله ضايع على الفيس بوك، وبقى ينسى كل مناسباتنا العائلية، ومابقاش يروح يزور أقاربنا، كل ده أثر علينا، لأن العائلة فكرت إنه عايز يبعد عنهم فبطلوا هما كمان يسألوا عننا، وهو ولا دارى ولا حاسس، المهم يكون موبايله فيه نت وإحنا نتحرق». وسردت منار ممدوح، من المعادى، مشكلتها مع أخيها الأصغر، لأنه دائم الجلوس بمفرده داخل غرفته، أمام جهاز الكمبيوتر الخاص به منعزلاً تماماً، قائلة: «مش عارفة أعمل معاه إيه، من بعد وفاة بابا وهو على طول قاعد لوحده قدام الكمبيوتر، تقريباً مابقاش يقعد معانا فى اليوم كله غير ربع ساعة، وباقى اليوم بيلعب فى أوضته، وده عمل له مشاكل كتيرة مع ماما لأنها مش حابة إنه يفضل كده. شيرين مصطفى مشكلتها أكبر لأنها امتدت إلى أطفالها الثلاثة، حيث تؤكد أنها تعانى معهم من أجل إقناعهم بتقليل الاستخدام والانخراط معهم: «ولادى بيذاكروا ومعاهم الموبايل، ومفيش أى شكل اجتماعى لينا، أنا وأبوهم فى وادى وهما فى وادى تانى خالص، وكل ده أثر على علاقتهم بالعائلة كلها، ابنى فى ثانوية عامة، ورغم كده بيفتح مواقع الكورة ليل ونهار، وفى الأجازة بتاعته بيكون منعزل عن أصحابه تماماً، باحاول أتكلم معاه يقرب من أصحابه ويكون ليه صداقات بره المدرسة، يخرج معاهم، لكنه بيرفض وبيفضّل إنه يقعد لوحده بعيد عننا كلنا».
وترى عبير أحمد مؤسس اتحاد «أمهات مصر للنهوض بالتعليم»، أنه رغم إيجابيات الوسائل التكنولوجية الحديثة، إلا أن سلبياتها أكثر بكثير على جميع أفراد الأسرة، لأنها أدت إلى انعزالهم عن أسرهم وعن المجتمع.
وأضافت أن أغلب أفراد الأسرة يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعى والهواتف الذكية طوال اليوم، ما أدى إلى محاولة تقليد الصغار للكبار، ونتج عن ذلك انعزال الفرد داخل غرفته أو الجلوس بين أسرته وكأنه غير موجود، وتابعت: «الأسرة هى السبب لأن الأب بيشترى لابنه اللى لسه فى ابتدائى تابلت أو موبايل، وده بيخليه مع مرور الوقت مدمن إنترنت، فى البداية بينجذب للألعاب البسيطة، بعد كده شغفه بيخليه يدور على ألعاب جذابة وبيتحول من شخص طبيعى إلى شخص انعزالى، وبالتالى فالأسرة هى التى بتشجع الطفل أو الشاب على الانخراط فى عالمه الوهمى بعيداً عنها».