حكايتى بالأغانى

خديجة حمودة

خديجة حمودة

كاتب صحفي

إذا كنت من عشاق الأغانى وألحانها والدندنة والشعراء وخواطرهم وكلماتهم وصورهم الرومانسية وأحلامهم ورحلاتهم للقمر وسط السحاب ومصاحبتهم للحوريات وعدوهم نحو قوس قزح وأرجحتهم بين الحب والكراهية والسعادة والموت والحياة والنجاح والفشل والأمل والزهو والافتخار والخجل والجرأة والرسم وألوانه والورد وأوصافه وهمس الملحنين بصوت الناى الحزين، وهتافهم بدقات الطبلة ورقصهم على أصوات الآلات الموسيقية من الطنطنة والرنين والصلصلة والصفق والترنم والدفدفة والحنين والدبدبة والزياط والجلبة والطنم والصفق والقضيض والكهكهة والدق والنبأة والأوام (وهى أصوات الآلات الموسيقية كلها) مجتمعة فيما يشبه المظاهرة السلمية أو مظاهرة المحبين والعشاق، إذا كنت من هؤلاء فهيا لتتعرف علىّ (بالشدة على الياء) بالأغانى، عندما التقى الفارس أبوالشريط الأحمر بجميلة الحى انطلقت الأغانى لتقول (دقوا المزاهر يلا يا أهل البيت تعالوا) وكانت هذه هى بداية القصة التى كنت أنا وشقيقى نتاجها، وشهور وشهور ليستمع الجيران والأحبة إلى دقات عالية وشموع ورائحة بخور وأطعمة مصرية للولائم والاحتفالات ويأتى (بليغ حمدى) العازف الحالم بعوده ليغنى مرحباً بالمولودة الجديدة، وسرعان ما تتغير الأغانى إلى صوت (محمد فوزى) مدللاً الصغيرة (ذهب الليل طلع الفجر) وتهمس الأم (سيد الحبايب يا ضنايا انت) و(ما وما تبقى ماما وبا وبا تبقى بابا) و(الشمس البرتقانى عليها ليّا سنة) و(جدو ياجدو يا أحسن جد)، وتبدأ المشاعر فى البحث عن الكلمات لتعبر عن مكنون القلوب وما تحمله فيعلو صوت السندريلا (صباح الخير يا مولاتى يا ماما يا أمة يا اماتى)، منافساً صوت القيثارة وهى تقول (ست الحبايب يا حبيبة يا حنينة وكلك طيبة) و(بيت العز يا بيتنا على بابك عنبتنا) وليكون رد الفعل الجميل بصوت الصبوحة (أمورتى الحلوة بقت طعمة ولها سحر جديد)، وهنا تظهر المشاعر الجديدة وتتغير الأحلام والاتجاهات وتنطلق وتتلون وتسهر القلوب الصغيرة مع جواب العندليب (حبيبى الغالى من بعد الأشواق) وفى (أحضان الحبايب) وتنهمر الدموع مع (تخونوه وعمره ما خانكم ولا انشغل عنكم)، ويزيد الإحساس بالقهر وهو يصرخ بصوته المعذب (جبار جبار)، ويبحث عن مخرج من أزمته العاطفية ليحتفل ويقول (ضحك ولعب وجد وحب) و(كفاية نورك عليّا نور لى روحى وقلبى) وتبحث القلوب عن الأمان والونس فتتدلل وردة (باتونس بيك وانت معايا) وتزيد الأمانى مع صوتها الرنان (احضنوا الأيام) و(اسمعونى) ويكون الاعتراف الأقوى بالحب بصوتها أيضاً (منتاش محتاج وانا مش محتاجة تقولى وأقولك يا حبيبى) و(طبعاً أحباب) لتشاركها الصبوحة الأحلام وتعترف (ب فتحة باء بحبك ب كسرة بى بشدة)، وبعد هذا الفترة الوردية انطلقت الزغاريد معلنة (عروسة أنا العروسة زوقينى بالطرحة التلى يا أمه) والتى سبقتها مباشرة أغنية العندليب (الناجح يرفع إيده) وتتزامن الطرحة البيضاء وصوت الدلوعة شادية (فارس أحلامى) و(شباكنا ستايره حرير) مع التأكيد للصغيرة واختيار اسمها الحالم الملىء بالهنا (جيتى نورتى البيت) ثم متابعة طول القامة وظهور الأسنان وتعلم الكلمات ومعناها والضحكات المبهجة وتغير الأغانى وشكل فارس الأحلام والأمنيات والآمال للجيل الثالث من العائلة، ومع أول قصة مترجمة للأطفال ممهورة باسمى فى تلك الأوراق التى تعلمت منها كيف أقرأ وأتابع وأنتظر مغامرات (سمير) و(ميكى)تنطلق الكلمات وتعلو الطموحات إلى الصفحات السياسية والأخبار العسكرية وشهادات التقدير والعلو وتنتقل الأحلام إلى طرق أخرى تتسع وتتسع وتتشعب داخلى، فأحدث صاحبة الفضل ومن منحتنى الحياة والحب والقدرة على العطاء فى أحلامى، وأقول لها نجحت يا أمى وأكملت كل ما رسمته لى فى دعواتك وأمنياتك، وأحكى لكم أصدقائى وأحبتى قصتى وحياتى بالأغانى.