فى بلاط صاحبة الجلالة.. السادات كان مولعاً بالصحافة وباعتقال الصحفيين

فى بلاط صاحبة الجلالة.. السادات كان مولعاً بالصحافة وباعتقال الصحفيين
- أنور السادات
- إبراهيم سعدة
- إلغاء الرق
- استطلاع رأى
- اعتقال الصحفيين
- الاتحاد الاشتراكى
- الاقتصاد المصرى
- التجديد النصفى
- الجمعية العمومية
- أثار
- أنور السادات
- إبراهيم سعدة
- إلغاء الرق
- استطلاع رأى
- اعتقال الصحفيين
- الاتحاد الاشتراكى
- الاقتصاد المصرى
- التجديد النصفى
- الجمعية العمومية
- أثار
تباينت آراء عدد من الكتاب والصحفيين الذين تحدثوا لـ«الوطن» حول تعامل الرئيس الراحل أنور السادات مع الصحفيين مهنياً ونقابياً، فمنهم من يرى أنه كان قريباً منهم وألغى الرقابة على الصحف، وأنه كان شغوفاً بالمهنة، خاصة أنه ترأس مجلس إدارة دار التحرير عقب ثورة يوليو، وآخرون رصدوا مواقف وصفوها بـ«العدائية» كفصله 150 صحفياً قبل حرب أكتوبر، وقرار تحويل النقابة إلى «نادٍ اجتماعى»، وطلبه شطب عدد من الصحفيين من جداول القيد بالنقابة بسبب هجومهم عليه، فضلاً عن مواقفه الشخصية مع عدد من الكتاب كأحمد بهاء الدين ومصطفى أمين ومحمد حسنين هيكل وكامل زهيرى وغيرهم.
ويقول الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إنه لم يكن فى البداية من أنصار السادات، مضيفاً: «كنت أتصور دائماً تصوراً خاطئاً أنه شخصية مسرحية، ورفدنى ضمن 67 صحفياً من أخطر الكتّاب، وعدنا قبل بدء الحرب بـ3 أيام، وظلت العلاقة هكذا حتى إعلان مبادرته لزيارة إسرائيل» بحسب تعبيره، وتابع «مكرم»: «عدت للكتابة بعد فترة انقطاع مع 67 صحفياً رفدهم السادات، وكانت زوجته جيهان السادات دائماً تصبّرنا وتقول لنا اصبروا على الرئيس وهترجعوا تكتبوا تانى، وكانت علاقته بهيكل متوترة لأنه كان يظن أنه ينبغى أن يقف هيكل إلى جواره، وهيكل رأى أن السادات لم يستثمر الحرب».
وحول قصة إعلان السادات الذهاب إلى الكنيست، التى كانت سبباً فى تقاربه مع مكرم محمد أحمد، يقول الأخير: «عندما قال أذهب للكنيست كنت مسئول الديسك فى الأهرام، ويوسف السباعى، رئيس مجلس الإدارة، واخترت عنوان الأهرام على لسان السادات: (مستعد للذهاب إلى أى مكان لإنقاذ أولادى)، وأشرت إلى أنه على استعداد لأن يسافر إسرائيل، ولقط الفكرة معلق أمريكى وحاول أن يجرى حواراً مع السادات وبيجن، وانبسط السادات وسأل مين اللى كان على الديسك، فقالوا له مكرم، كان يتصور أنى شاطر لكنه كان يظن أنى تابع لهيكل، الذى أحبه لكنى لم أكن أداة لديه».
وتابع «مكرم»: «هاتفنى السادات على ديسك الأهرام وأسرّ لى بقصة سفره لإسرائيل لنشرها، وكتبت القصة وقدمتها لعلى الجمال، ثم اتصل السادات مرة أخرى وقال: لا تنشر إلا بعد الرجوع من سوريا لاستطلاع رأى الرئيس حافظ الأسد، وكنت الوحيد الذى لديه معرفة وثيقة بمشروع السادات وتفصيلاته وخطاباته، وقدمتها ليوسف السباعى، الذى هاتف السادات للتأكد من صحة ما قدمته فى القصة الصحفية، ورد السادات بأنها قصة صحيحة».
وأكد رئيس «الأعلى للإعلام» أن السادات واحد من أعظم زعماء المصريين وصحح كثيراً من الخطوط العريضة لثورة يوليو، حيث كان الاقتصاد يقوم على القطاع العام، سواء بسياسات الانفتاح التى مكنت الاقتصاد المصرى من أن يقف على ساقين، ويستثمر جهود الرأسمالية الوطنية بدلاً من ساق واحدة هى القطاع العام الذى كان قد تهالك لكثرة الأعباء التى يحملها على عاتقه، وقد يكون الرئيس السادات تحمل الكثير بسبب هذا الانفتاح الذى ظهر فى البداية كأنه «سداح مداح»، كما كتب أحمد بهاء الدين حينها، وعاتبه السادات على مقاله.
وتحدّث «مكرم» عن أزمة تحويل النقابة إلى ناد اجتماعى قائلاً: «تصور خطأ أن مجلس نقابة الصحفيين متواطئ مع طلاب الجامعة المعتصمين، وظن أننى ويوسف إدريس ساندناهم ورُحنا له وقدمنا له عريضة ووضحنا له الموقف وقال إنه سيتحقق من صدق أقوالنا».
وعلى النقيض تماماً يرى الكاتب الصحفى نبيل زكى، رئيس مجلس إدارة جريدة الأهالى والمتحدث باسم حزب التجمع، أن السادات كانت له مواقف ليست فى صالح الصحفيين، وقال: «عاصرت موقفاً عن قرب حينما أوقف السادات الكاتب مصطفى أمين لمجرد أن الأخير كتب أنه يرحب بحزب الوفد الجديد، كما كتب عموداً اشتهر باسم (الهرولة) وكان يقصد أن أعضاء حزب مصر العربى الاشتراكى الذى كان يترأسه ممدوح سالم الذى كان وزيراً للداخلية حينها، هرولوا للانضمام للحزب الوطنى الذى أسسه السادات، وتساءل مصطفى أمين (مش تعرفوا برنامج الحزب الأول؟) فغضب السادات وقال يكفى أنى رئيس الحزب.. برنامج إيه؟».
وأوضح «زكى» أنه فى سبتمبر 1981 وقعت حملة اعتقالات لعدد كبير من الصحفيين، منهم أشهر صحفى فى مصر، محمد حسنين هيكل، فضلاً عن موقفه من تحويل النقابة إلى ناد اجتماعى بسبب مساندتها للحركة الطلابية، حيث أعلنت النقابة بياناً تؤيد فيه الحركة الطلابية التى اندلعت فى يناير 1972، لكن يوسف السباعى وموسى صبرى أصدرا بياناً مضاداً بإدانة الحركة الطلابية: «أنا شخصياً اترفدت من الأخبار بسبب هذا وطلب منى موسى صبرى التوقيع فرفضت لأنى وقعت على بيان النقابة تأييداً لحركة الطلاب»، حسب قوله.
ولفت «زكى» إلى أن لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكى فصلت 150 صحفياً، كما عيّن السادات الكاتب على أمين رئيساً لتحرير الأهرام لإحداث صدمة للصحفيين بالمؤسسة، خاصة أنه أخرج «هيكل» من عرينه فى الأهرام، كما تسبب فى تغيير رئاسة تحرير مجلة التحرير، التى كانت أول مجلة تؤسسها الثورة، فأقال رئيس تحريرها أحمد حمروش، الذى قال له السادات: «دى مجلة حمرا».
وعلى نفس الوتيرة يقول يحيى قلاش، نقيب الصحفيين السابق، إن السادات كان مغرماً بملف الصحافة وكان لديه حلم أن يكون كاتباً ومن أهل المهنة لأن لديه بلاغة وخطابة وهو غرام شخصى فى بداياته، وتابع: «من زاوية النقابة كان الرئيس الراحل يستسهل الأمور ويرى ضمان انحياز الصحافة له وليس تأدية دورها، وبالتالى يرى أنه من المفترض أن كل سياساته تحظى بتأييد الصحفيين، فضاق صدره بالنقد، كما كان يرصد كل ما يحدث فى النقابة حتى قعدة الجنينة فى المقر القديم، وأشار للصحفيين فى بعض خطبه حينما وصفهم بأنهم أصحاب اللياقات البيضاء وأن راتبهم يصل إلى 400 جنيه حينها، وبالتالى وضع بذرة الوقيعة بين الرأى العام والصحفيين، حيث قال إن الصحفيين منعزلون لكى ينال منهم، وترعرعت هذه البذرة بعد ذلك ووجدت من يعمقها ولها مؤشرات حتى الآن»، حسب تعبيره.
وتابع نقيب الصحفيين السابق: «السادات واجه النقابة بشيئين، الأول قرار بتحويل النقابة لنادٍ عام 1979، مما أثار أزمة كبيرة حينها لأن النقابة تضمن الغطاء القانونى والشرعى الذى كان يريد السادات نزعه، وأن تكون النقابة مجرد قهوة بلدى، وذلك بسبب أزمة الهجوم عليه من بعض الأقلام، أما الشىء الثانى حينما طالب كامل زهيرى بشطب صحفيين وإحالتهم للتأديب، ورد كامل زهيرى بشعار (العضوية كالجنسية)، فشعر السادات أن هذا الموقف تحدٍّ له فاتخذ خطوة تحويل النقابة لنادٍ، وكانت الجمعية العمومية نشطة وانضم لها حافظ محمود، أحد النقابيين العظماء، رغم أن موقفه خالف توجهه المؤيد للسادات حينها، انحاز لكامل زهيرى وتصدى لقرار السادات، وطالبه بالتراجع عن هذا القرار فى اجتماع رتبه منصور حسن، وزير الإعلام، وتفهّم الرئيس غضب الصحفيين واستجاب لهم فى النهاية».
وتابع: «فى مارس 1981 كانت هناك انتخابات النقيب والتجديد النصفى لمجلس النقابة، وأدار السادات هذه الانتخابات بنفسه، وقال إنه لا كامل ولا العيال بتوعه ينجحوا فى الانتخابات، وخاض حينها عدد كبير من رؤساء التحرير الانتخابات، منهم سعيد سنبل وإبراهيم سعدة، وخسر كامل زهيرى أمام صالح جلال بفارق 3 أصوات فقط، ولم ينجح من قائمة زهيرى فى المجلس سوى لطفى الخولى من تيار الاستقلال النقابى، وكان اسماً كبيراً مما عكر صفو السادات تماماً». وأوضح «قلاش» أنه بعد نصر أكتوبر كان السادات يريد أن يبدو كأنه نصير حرية التعبير والصحافة ليضمن ولاء الصحفيين له شخصياً، وبالتالى أمر بإلغاء الرقابة على الصحف، حيث كان هناك رقيب فى كل مؤسسة يراجع المادة الصحفية، متصوراً أن ذلك من الممكن أن يضمن مسار الصحافة والصحفيين لصالحه.