«البنوك الرقمية».. ثورة تكنولوجية لإنتاج نظام مصرفى متقدم فى مصر

كتب: فاطمة نشأت ورباب إمام

«البنوك الرقمية».. ثورة تكنولوجية لإنتاج نظام مصرفى متقدم فى مصر

«البنوك الرقمية».. ثورة تكنولوجية لإنتاج نظام مصرفى متقدم فى مصر

فى إطار التحولات الجذرية التى يحدثها التحول الرقمى بشكلٍ يومى، التى أصبحت تعيد تشكيل جميع قطاعات الأعمال فى جميع أنحاء العالم، شهد القطاع المصرفى بمصر، إعادة تحديد النهج الخاص بأعماله لمواكبة التطورات الجارية وتبنى نهج قائم على تمكين العملاء، ورفعت بنوك كثيرة شعار «إجراء المعاملات البنكية بفاعلية وفى كل الأوقات».

ومن هذا المنطلق، جاء مصطلح البنوك الرقمية التى تدعم تمكين العميل بإدارة حساباته أو إنجاز أعماله مباشرة دون الحاجة لعامل مصرفى، ووفقاً لاستطلاع أجرته شركة فوجيتسو اليابانية المتخصصة فى تقنيات الاتصالات، ونشرت نتائجه فى مارس الماضى، أظهرت أن العملاء بدأوا يتقبلون التغيير الناتج عن التحول الرقمى، ويتوقع 39% منهم أن تختفى الصيرفة اليدوية بالبنوك خلال 10 سنوات.

{long_qoute_1}

وكان أول ظهور للبنوك الرقمية فى 2015، من خلال بنك مونزو Monzo البريطانى، الذى نشأ كأول مصرف ذكى دون فروع تقليدية، وأصبح لديه أكثر من 800 ألف عميل فى الحساب الحالى وذلك فى نوفمبر الماضى.

وفى ورقة بحثية صادرة عن البنك الدولى لـ«ليورا كلابر» أحد خبراء الاقتصاد بالبنك، حول كيفية تأثير البنوك الرقمية والدفع الإلكترونى على نجاح المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال فى الدول النامية بشكل خاص، أكدت تعدد مزايا البنوك الرقمية فى هذا السياق وأهمها أنها تتيح لرواد الأعمال تتبع مبيعاتهم اليومية بسهولة من خلال الدفع الرقمى، فإن هذا الشخص يمكنه أن يدير مخزوناته وهوامش ربحه بشكل أفضل.

وأضافت «كلابر» أنه بالنسبة لكبار رواد الأعمال، فإن البنوك الرقمية، يمكن أن تخفض من التكلفة الباهظة للامتثال الضريبى فى البلدان النامية، ويمكن لهذا أيضاً أن يشجع على توسيع القاعدة الضريبية للحكومات.

{long_qoute_2}

وتابعت أنه كثيراً ما يعجز صغار رواد الأعمال منخفضى الدخل بشكل خاص، عن الحصول على الائتمان بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والتشدد فى الضمانات المطلوبة، ويمكن أن تساعد البنوك الرقمية رواد الأعمال فى التغلب على هذه العقبات بتكوين تاريخ ائتمانى يؤهلهم للاقتراض لكى يبدأوا النشاط أو ينموه، ومن شأن تطبيق هذه الممارسات فى البلدان النامية أن ييسر الحصول على الائتمان على نطاق واسع، خاصةً للفئات الضعيفة كالنساء والفقراء.

وعلى مستوى المنطقة العربية، فقد أطلق «بنك المشرق» الإماراتى، أول بنك رقمى بنهاية 2017، ويقدم جميع الخدمات المصرفية الفورية عبر قنوات رقمية فقط ومن دون فروع، ويحمل اسم «المشرق نيو»، كما صرح بنك الإمارات دبى الوطنى بأن عدد العملاء الجدد الذين استقطبهم البنك الرقمى «Liv» فى الإمارات يبلغ نحو 10 آلاف عميل شهرياً يتم فتح حسابات مصرفية لهم بما يعادل عدد الحسابات التى يتم فتحها شهرياً عبر 120 فرعاً للبنك فى أنحاء الدولة المختلفة.

مما يلفت الأنظار نحو أهمية سعى الحكومة المصرية إلى تهيئة الدولة واتخاذ الإجراءات اللازمة نحو التحول الرقمى، وكان طارق عامر، محافظ البنك المركزى، قال فى تصريحات سابقة العام الماضى، إن البنك المركزى يدرس إنشاء بنك رقمى فى مصر، لكى يتواكب مع التطورات العالمية السريعة فى مجال التكنولوجيا المالية.

ثم أشار أيمن حسين، وكيل محافظ البنك المركزى لنظم وتكنولوجيا المعلومات، إلى أن «المركزى» بدأ بالفعل فى وضع الأسس والقواعد لإنشاء بنك رقمى متكامل، مضيفاً أن «المركزى» فى مطلع الأسبوع الماضى تلقى 4 طلبات من البنوك العاملة فى السوق المصرية للحصول على رخصة إنشاء بنك رقمى.

وفى هذا السياق قال طارق فايد، رئيس بنك القاهرة، إن البنوك الرقمية تمثل مستقبل الصيرفة العالمية ولا يمكن للقطاع المصرفى العزوف عن تطبيقها، خاصة فى ظل توجه الدول للتحول لمجتمع رقمى متكامل، موضحاً أنه فى السنوات الأخيرة فى ظل التطور الإلكترونى فى جميع مدن وقرى مصر، لن يكون هناك صعوبة فى تقبل المواطن التعامل مع فرع رقمى لا يحتوى على مصرفيين.

{long_qoute_3}

وأضاف أن البنوك الرقمية ستحدث طفرة وتطوراً كبيراً فى المعاملات المصرفية فى مصر، حيث إنها ستوفر الكثير من الوقت الذى يقضيه العميل فى فروع البنوك التقليدية، لأن طبيعياً أن يكون العنصر البشرى أقل سرعة فى إتمام المعاملات من الآلة الرقمية، كما تتميز الفروع الرقمية بأنها ستكون أكثر دقة وشفافية من مثيلتها التقليدية.

وذكر «فايد» أن مصرفه يستهدف التوسع جغرافياً بإنشاء 40 فرعاً جديداً خلال العام المقبل، من بينها عدد من الفروع الرقمية التى ستنتشر فى مختلف محافظات مصر، مشيراً إلى أنه على البنوك فى الفترة المقبلة أن تزيد من التوعية المصرفية ونشر مفهوم الشمول المالى بشكلٍ أوسع بين جميع شرائح المجتمع، وعدم الاقتصار على فئات معينة.

وقال أشرف القاضى، رئيس المصرف المتحد، إن البنوك الرقمية إما أن تكون من خلال فروع تقدم الخدمات المصرفية دون تدخل بشرى، أو بنوك افتراضية تقدم كل خدماتها من خلال الإنترنت، مؤكداً أنها بجميع أشكالها تحول مهم وضرورى ستمر به مؤسسات النظام المصرفى عاجلاً أم آجلاً، لافتاً إلى أن الحلول البنكية الرقمية ستسهم فى خفض تكاليف التشغيل بنحو 30%.

وأضاف أن ثقافة المصريين أصبحت مؤهلة للتعامل مع التكنولوجيا، خاصة أنهم يتعاملون مع التطبيقات بشكل يومى، والعميل أصبح يبحث وبشكل أساسى عن سرعة الخدمة وجودتها مما يعزز من فرص رقمية القطاع المصرفى.

وتابع أن من أهم مزايا دخول البنوك الرقمية فى السوق المصرية، تعزيز المنافسة بينها وبين البنوك الموجودة بالفعل، فالبنوك التقليدية سترفع كفاءتها بما يتماشى مع البنوك القائمة على المعاملات الرقمية، خاصة أن الأولى بدأت بالفعل فى الاعتماد على التكنولوجيا فى كثير من خدماتها.

وقال «القاضى» إن المصرف المتحد مستعد للمنافسة، ولكل التغييرات التى تحدثها الرقمية، مؤكداً أن استراتيجية المصرف هى التيسير على العملاء والسرعة فى توصيل الخدمة، ولذلك قام البنك بافتتاح Digital center يتعامل فيه العميل مع الآلة فقط، متابعاً أن البنك الذى يجعل عملاءه يتعاملون مع موظفى البنك ويضطرون للذهاب إلى الفروع بعد 5 سنوات لن يكون بنكاً ناجحاً.

ومن جانبه قال أكرم تيناوى، العضو المنتدب والرئيس التنفيذى لبنك ABC، إن مصرفه تقدم بطلب للبنك المركزى للموافقة على إنشاء عدة فروع رقمية فى محافظات مختلفة، موضحاً أن مصرفه استهدف التوسع فى السوق المصرية عن غيرها لأنها تملك قطاعاً مصرفياً قوياً قادراً على التصدى للأزمات الاقتصادية والخروج منها، كما أن مصر تملك سوقاً كبيرة من العملاء، حيث يتزايد بها عدد السكان بشكلٍ كبير.

وأضاف أن البنك المركزى يقود مسيرة التنمية ويدعم الصيرفة الرقمية، موضحاً أن «المركزى» رحب بطلب مصرفه بإنشاء فروع رقمية، وأكد دعمه للبنك ولكل ما هو داعم للتحول الرقمى والشمول المالى.

وأشار إلى أن التكنولوجيا ستدعم القطاع المصرفى بشكلٍ هائل، وستجذب أعداداً كبيرة من العملاء، من مختلف الشرائح وخاصة النشء الصغير الأكثر تواكباً مع التطورات التكنولوجية، وغير متعاملين مع البنوك بشكلٍ كبير.

وقد أكدت سهر الدماطى، نائب رئيس بنك مصر السابق، أن التحول للخدمات الرقمية قد أصبح المحرك الرئيسى لنمو الاقتصاد القومى، ويؤدى إلى سرعة الخدمات وتقليل التكاليف ونسبة الأخطاء.

وأضافت أنها تتوقع أن توجد الخدمات المصرفية الإلكترونية بشكل كبير فى مختلف محافظات الدولة المصرية الكبرى التى يعمل بها الأجانب بشكل مستمر، مؤكدة أن بعض البنوك سوف تعمل على إتاحة الخدمات المصرفية الإلكترونية بشكل أكبر خلال فترة لا تقل عن 10 سنوات.

ونوهت إلى ضرورة العمل كمنظومة متكاملة تبدأ بالتعليم والتوعية باستخدام التكنولوجيا إلى التحول الكامل وبالتدريج إلى مجتمع رقمى، مشيرة إلى أهمية النظر إلى الدول التى نجحت فى إتاحة الخدمات الرقمية خلال الفترات السابقة مثل دولة الإمارات العربية، التى نجحت فى تطوير كبير فى مجال الخدمات الإلكترونية المصرفية، والولايات المتحدة وبريطانيا.


مواضيع متعلقة