رجال المرور
- أسلوب حياة
- إشارات المرور
- إصلاح التعليم
- التشييد والبناء
- الشارع المصرى
- الشوارع الرئيسية
- العنصر البشرى
- اللون الأسود
- النظام المرورى
- الوساطة والمحسوبية
- أسلوب حياة
- إشارات المرور
- إصلاح التعليم
- التشييد والبناء
- الشارع المصرى
- الشوارع الرئيسية
- العنصر البشرى
- اللون الأسود
- النظام المرورى
- الوساطة والمحسوبية
أفظع ما فى هذه الفوضى من يسقطون قتلى على الطريق، وأقسى ما تنطوى عليه هو أن البعض تحجرت قلوبهم وتيبست عقولهم وتركوا الأمور تضرب تقلب، وأغرب ما تعكسه هو أن الجميع يشكو منها ورغم ذلك فالجميع يشارك فيها، وأخطر ما يشاع حولها هو أنها مقصودة وموجهة.
وجه سائق الأجرة لى سؤالاً واضحاً صريحاً لا مجال للهروب منه، فقد كنت أبكته لأنه «خطف» نحو 300 متر عكس الاتجاه فى أحد الشوارع الرئيسية فى مربع شيراتون، لأنها ستوفر عليه نحو 200 متر أخرى لو استخدم الدوران للخلف المتاح، أشار بيده إلى سيارتين لضابطى شرطة يجلسان فى نقطة أمنية، حيث إن السيارتين متخفيتان بالكامل خلف زجاج أسود فاحم، وكلتاهما دون لوحة أرقام خلفية، بل إن إحداهما فوانيسها مطلية باللون الأسود كذلك إمعاناً فى التمويه، قال السائق: «أتستكثرين علىّ كام متر أسيرها عكس الاتجاه ولا تستكثرين على البهوات هذا المنظر»؟!
هذا المنظر الذى بات «عادياً» جداً فى شوارعنا يصبح مؤذياً جداً حين يكون صاحبه رجل أمن يفترض أن يكون قدوتنا ويمثل مثالاً يحتذى، وحين يكون قدوتنا المنوط به تحرير مخالفة سير عكس الاتجاه أو وقوف فى الممنوع أو عدم وجود لوحة أرقام أو قيادة جنونية، بحسب ما ينص عليه القانون، هو نفسه ضارباً بالقانون عرض الحائط، فإن الوضع يكون سخيفاً وسقيماً، والرسالة الموجهة للملايين تكون خطيرة وجسيمة.
فإذا كان رب المرور بالقانون ضارباً فإن شيمة رجل الشارع السير العكسى والجنونى والوقوف فى الممنوع، ناهيك عن اعتبار الخطأ هو العادى والالتزام استثناء.
الوضع الاستثنائى الذى عاشته مصر على مدى السنوات السبع الماضية آن له أن ينتهى وتبسط الدولة كيانها على البلاد، هذا الكيان لا يتم بسطه بالكلام، أو بالتلويح، أو بالتحذير، أو حتى بالتهديد والوعيد، لكنه يعبر عن نفسه ويترجم وجوده عبر تطبيق القانون بحسم على الجميع دون أى استثناءت، لا لزيد أو عبيد أو حتى فلان بك ابن علان بك.
الوساطة والمحسوبية التى عانينا منهما الأمرين على مدى عقود طويلة ضاربة فى التاريخ لم تتوقفا بثورة يناير ولم تتقلصا بثورة يونيو، صحيح أن شدة الغربال الثورى فى عام 2011 جعلت البعض يتصور أن زمن المحسوبية انتهى، إلا أن المحسوبية حين تتحول إلى ثقافة وفكر ومنهج وأسلوب حياة لا تمحوها ثورة أو تطهرها فورة.
الشارع المصرى فى حاجة آنية وماسة وعاجلة لتطهير شديد وعميق، والتطهير إن بدأ بضبط المرور وربط السير فإن الطريق إلى دولة القانون يكون ممهداً منبسطاً، أعمال التمهيد والبسط والتشييد والبناء الدائرة رحاها على مدار ساعات اليوم الـ24 على طريق السويس تجعل كل مصرى فخوراً بما يجرى، وعلى الرغم من عدم انتهاء أعمال الطريق بعد، إلا أن البشائر تؤكد أنه سيكون طريقاً ينافس الطرق القياسية التى نراها فى دول متقدمة ونتحسر على أنفسنا. لكن ماذا عن مستخدمى الطريق والسلوكيات المهيمنة عليه والقواعد الغائبة فى كل جنباته؟ العنصر البشرى ليس فى حاجة إلى مشروع قومى منجز كمشروع الطرق، لكنه فى حاجة إلى تدخل جراحى آنٍ للتخلص من كم التقيحات والتلوثات والالتهابات التى تقتل الآلاف على الطرق سنوياً وتصيب الآلاف غيرهم، بعضهم بإعاقات مزمنة، لا لشىء إلا لأن سائقاً أرعن قرر أن يقود بسرعة جنونية، أو لأن سيارة غير صالحة للاستخدام البشرى أو حتى الحيوانى تطير على الطريق، أو لأن أحدهم قرر أن يقود سيارته عكس الاتجاه لأن الجميع يفعل ذلك، إلى آخر القائمة المعروفة.
لكن الأفظع والأبشع هو أن يلتزم المسئولون عن منع هذه المهازل الصمت التام، وإن تحدثوا فإنهم يقولون إن المأساة سببها «السلوك البشرى»، فمن وما الذى يصحح السلوك البشرى إذن؟ هل يتم تصحيحه ذاتياً؟ هل ننتظر خروج جيل جديد استفاد من إصلاح التعليم بعد عشر أو عشرين سنة؟ أم نطالب أولئك المسئولين بتفعيل القانون الموجود بكثرة وغزارة؟
وبعيداً عن بيانات توقيف 16 سيارة مخالفة، و14 توك توك، وعشر دراجات نارية دون لوحات أرقام، ما الذى يمنع من تركيب كاميرات رادار على كل الطرق دون استثناء؟ ما العائق أمام إعادة تشغيل إشارات المرور الجديدة المزودة بكاميرات، التى تتوقف أكثر مما تعمل؟ بلاش، ما الذى يمنع من أن يكون لدينا رجال مرور فى الشارع من الأصل؟ لو حدث ذلك وطبقتم القانون بحذافيره على القريب قبل الغريب، وبسطتم النظام المرورى فى الشارع، ستكتب أسماؤكم بحروف من ذهب فى تاريخ مصر الحديث.