«سائقة الميكروباص»: مقابلة «السيسى» غيرت حياتى من أزمات ومشاكل إلى مستقبل أفضل.. وسائقو «العاشر» يلقّبوننى بـ«شيكامارا»

«سائقة الميكروباص»: مقابلة «السيسى» غيرت حياتى من أزمات ومشاكل إلى مستقبل أفضل.. وسائقو «العاشر» يلقّبوننى بـ«شيكامارا»
- أمن دولة
- الإسكان الاجتماعى
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- العاصمة الإدارية
- سائقة الميكروباص
- أمن دولة
- الإسكان الاجتماعى
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- العاصمة الإدارية
- سائقة الميكروباص
تعمل سائقة على ميكروباص منذ نحو 7 أعوام داخل موقف العاشر من رمضان، على خطوط عديدة، منها العاصمة الإدارية والشروق وبدر، إنها «نحمده سعيد عبدالرازق»، أم محمود، 45 عاماً، عاشت ومرت بالكثير من الظروف الاجتماعية العصيبة أثرت عليها وعلى أبنائها الأربعة طوال السنوات الماضية، وعن طريق الصدفة تحول خط سيرها فى ذلك اليوم، لتنتظرها المفاجأة الأكبر فى حياتها، لم تكن دوماً تتوقعها، وهى مصافحة الرئيس عبدالفتاح السيسى لها على الطريق، ووعوده لها بتنفيذ كل طلباتها، لتتحول حياتها 180 درجة، بهدية من الرئيس ميكروباصاً تعمل عليه بعدما كانت تعمل على آخر منذ سنوات دون رخصة.. «الوطن» استضافت «شيكامارا»، لقبها داخل موقف العاشر، لتحاورها عن حياتها قبل وبعد مقابلة الرئيس، الذى دوماً يقف إلى جانب تلك النماذج داخل المجتمع، وإلى نص الحوار.
ما المهن التى عملتِ بها قبل أن تقررى العمل على الميكروباص؟
- منذ عام 2003 وحتى عام 2006 كنت أعمل سمسارة، وفى عام 2007 قمت بشراء فرن عيش بلدى، وعملت به بمفردى، واستمررت فى العمل داخله حتى عام 2012، ومنذ 5 أعوام بدأت العمل كسائقة للسيارة السوزوكى، ثم الميكروباص حتى الفترة الحالية.
{left_qoute_1}
مَن أبناؤك الأقرب إلى قلبك؟
- «مصطفى» صاحب الـ16 عاماً، هو الأقرب إلى قلبى، ونجلس معاً كثيراً، ونحكى أسرارنا لبعض، ودايماً باصفه بأنه «روح قلبى»، حتى إنه يُساعدنى فى الكثير من أعمال المنزل خلال إجازته، سواء غسيل المواعين أو نشر الملابس، أما «محمود» فهو شريكى فى العمل على الطريق، وأعتبره السائق، وأنا صاحبة السيارة، ويصاحبنى فى كل الورديات التى أتأخر فيها خارج المنزل، تحسّباً لحدوث أى أعطال فى الميكروباص على الطريق، أو أزمة مفاجئة تواجهنى، وبشكل صريح أعتبره السند لى خلال العمل.
كيف كنتِ تتعاملين مع صاحب السيارة؟
- كان يثق فى بشكل كبير، وكان نصيبه 350 جنيهاً فى اليوم الواحد، يحصل على كامل المبلغ فى نهاية كل شهر.
كيف يتعامل معك السائقون داخل موقف العاشر؟
- يلقبوننى بـ«شيكامارا» منذ بداية عملى داخل الموقف، نظراً للتشابه الكبير بينى وبين الفنانة مى عز الدين فى فيلم «شيكامارا»، التى كانت تعمل بالمهنة نفسها.
كيف كان زملاء أبنائك ينظرون إليهم ووالدتهم تعمل سائقة ميكروباص؟
- جاء إلىّ أحد أبنائى فى يوم وقال لى إنهم يسخرون منه ومنى لأننى أعمل سائقة ميكروباص، ولا أستطيع أن أعبر عن نفسيتى فى ذلك الوقت عندما يأتى إلىّ ابنى ويقول هكذا، رغم أننى أعمل 10 ساعات يومياً من أجل أبنائى الأربعة.
ما نوعية الأغانى التى تفضلين سماعها؟ ومَن المطربون المفضلون أثناء سيرك بالميكروباص؟
- أحب أن أستمع إلى كل أغانى المطربين «أصالة وجورج وسوف وماجد المهندس»، كما أحب كثيراً تشغيل أغانى مصطفى كامل لأن أغانيه تذكرنى بالجروح والمآسى التى عشتها فى حياتى، ولا أحب تشغيل الأغانى الشعبية فى الميكروباص وأرفض تماماً الاستماع لها، على عكس الكثير من السائقين.
{left_qoute_2}
كيف تتعاملين مع أبنائك فى المنزل؟
- أتعامل مع أبنائى بمثابة الأم والأب لهم فى ظل غياب والدهم بشكل كامل، سواء أثناء زواجى به أو انفصالى، وعندما تكون النفسية جيدة لدينا جميعاً نجرى وراء بعض فى المنزل فى جو حب وفرحة وسرور، ورغم أن محمود بيرد عليا ردود تضايقنى كثيراً، لكننى أستطيع تحملها منه وأحبه كثيراً وتعاملنا معاً الند بالند.
إلى أين وصل أبناؤك فى التعليم؟
- لم يستطع «محمود»، 24 عاماً، و«مصطفى»، استكمال تعليمهما نتيجة الضغوط الكبيرة التى تعرضنا لها خلال فترة زواجى بوالدهما، حيث كنت أنا من أقوم بالصرف عليهما من مالى الخاص، ولم تكن لدينا أموال من أجل شراء ملابس المدارس ولا مصاريفها، كيف سيستطيعان الذهاب إلى المدرسة وسط زملائهما دون إيجاد حتى المصروف اليومى، و«مروان» صاحب الـ16 عاماً ما زال فى الصف الأول الإعدادى، و«نور» أصغر أبنائى، لديه 12 عاماً فى الفترة الحالية بالصف الخامس الابتدائى.
{long_qoute_1}
هل كانت الضغوط التى مررتِ بها مادية فقط؟
- بالطبع لا، حيث كانت العلاقة بينى وبين زوجى غير جيدة، وكان يبقى فى البيت، وأقوم أنا بالعمل وحدى من أجل إيجاد لقمة العيش لى وله ولأولادنا الأربعة، مما سبب الكثير من المشاكل والأزمات مع زوجى وقتها، وأثرت بشكل سلبى على حياتنا جميعاً بشكل عام، وعلى أبنائى بشكل خاص، وكان ابنى الأكبر «محمود» هو الأكثر تأثراً على الجانب النفسى، لأنه تحمل هموماً والتزامات ومسئولية أكبر من سنه، وكنت أتظاهر أمام العائلة والمعارف بأن العلاقة تسير بشكل جيد، وكنت أتحمل كل ذلك وأصمد حتى تسير الحياة بشكل طبيعى مع زوجى وأبنائى.
ما السبب الرئيسى فى انفصالك عن زوجك؟
- فى عام 2011 قام والدهم ببيع ابنى «يوسف» عقب ولادته ولم يكن يسمح لى بالذهاب إلى الحضّانة بحجة الخوف على صحتى وأوهمنى أننى كنت فى حالة صحية حرجة عقب الولادة، وللأسف لم يكن ذلك صحيحاً، ولم يكن هناك سبب أيضاً لحصولى على مخدر كُلى، ولا داعى لإبقاء ابنى الصغير داخل الحضانة لفترة طويلة اقتربت من الشهر، حيث كان يسمح لنفسه فقط بالذهاب إليه وإبقائى أنا فى المنزل، واكتشفت تلك الحادثة عندما حدث أمامى عقب الولادة أن هناك شابة تريد الحصول على ابنى أكثر من مرة، وعندما جاء والدهم إلىّ بطفل لم أشعر أنه ابنى إطلاقاً، لأن كل أبنائى لديهم حسنة فى أجسادهم، وراثة عن والدهم، لكنها فى أماكن متفرقة من الجسم، وذلك الطفل لم يكن به تلك الحسنة، بالإضافة إلى أننى كنت أحلم قبل أى ولادة بالطفل الذى سألده واسمه ومكان الحسنة بالتحديد فى جسده، وهو ما حدث بالفعل مع جميع أبنائى الأربعة، وكان الخامس الذى باعه والده حلمت به قبل ولادته بأن الحسنة فى القدم، لذلك رفضت أن آخذ الطفل الذى جاء به زوجى، وما زال حتى تلك اللحظة يريد العودة مرة أخرى إلينا ويحاول جاهداً فى ذلك عن طريق المكالمات اليومية عبر المحمول، لكننى رافضة تماماً لذلك ولا أرد على اتصالاته، لأننى لا أنا ولا أبنائى فى حاجة إليه.
وسط الظروف التى كنتِ تعيشين وسطها وأحلامك كيف رأيتِ مقابلة الرئيس «السيسى» لكِ؟
- لم أكن أتوقع تلك المقابلة إطلاقاً، ولا حتى تلك الهدية التى لن أستطيع نسيانها، لا هى ولا بالتأكيد توقُّف الرئيس لى أنا شخصياً، وطلبه منّى عدم الخروج من السيارة، ويأتى هو لى لكى يُصافحنى.
احكِ لنا ماذا حدث بالضبط فى لقائك مع الرئيس؟
- أنا كنت محمّلة «درة» مدينة الشروق، وعادة ما أحمّل على هذا الطريق، أو مدينة المستقبل - ضباط لمدينة السلام، أو الشروق، «حسب رزقى ما بينادينى»، كنت خارجة من الأكاديمية المفروض أطلع الكوبرى اللى حضرتُه جاى عليه، أنا لو كنت أخدت بالى منهم قبل ما أطلع الكوبرى كنت ركنت على جنب، وخصوصاً إن رخص العربية مسحوبة من سنتين على طريق السويس عشان العربية خاصة.
{left_qoute_3}
ماذا حدث بعد ذلك؟
- كنت طلعت الكوبرى، ونظرت خلفى وجدت صرحاً من السيارات يستخدمون الأنوار الكثيفة، فهمت أن هذا موكب لمسئول مهم، فقررت أن أزيد من سرعتى حتى يكون بيننا فارق وأستطيع أن أعبر منهم، وقررت أن أترك لهم حارة النفق الأولى، حتى يمروا وأمر بسلام، فوجئت بسيارة منهم تأتى لتعبر الطريق، وتغلقه أمامى، ظننت أنها لتأمين الطريق، لأنى بافهم فى عمل تأمين المواكب من كثرة عملى على الطريق، هدَّأت من سرعة السيارة تاركة له الفرصة ليمر، وأشرت له بيدى من نافذة السيارة، فأشار لى أن أركن، بالفعل ركنت وفوجئت بثلاث سيارات تغلق علىَّ الطريق من الناحية الأخرى، وأحد الضباط يشير لى بأن أتقدم، فتقدمت لأجد عدداً من الضباط يتوجهون ناحيتى، قلت لنفسى: «بس.. أمن دولة»، وفجأة وجدت سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، طبعاً «أنا اتخضيت»، قلت له: «أنزل لك؟» قال «لأ.. خليكى، أنا اللى هاجى لك لغاية عندك»، قلت له: «ما كانش طموحى غير إن حد يساعدنى أجيب عربية بالقسط»، قال لى: «عينى، وفيه ناس معاه ماسكين نوتة، قال لهم خدوا بياناتها، واللى هى عاوزاه يحصل لها النهارده»، طبعاً، لم أتخيل أن يشغل الرئيس باله بى فى وسط كل مهام الدولة، قلتُ موقف وعدّى مثل أى موقف تانى، لكن وجدته مهتم، وبالفعل تسلمت السيارة فى نهاية اليوم.
ماذا كان شعوركِ لحظة تسلُّم الميكروباص الجديد؟
- لم أكن أصدق ذلك إطلاقاً، وكان داخلى شعور بأنهم فى لحظة سيرجعون فى اتفاقهم معى مرة أخرى ويستردون السيارة الجديدة منّى، ولم أشعر بالطمأنينة سوى فى موقفين، الأول أثناء الإمضاء على عقد الميكروباص وشعرت وقتها أننى أحلم، والموقف الآخر أثناء دخولى منطقتى به فى منطقة الإسكان الاجتماعى بمدينة بدر، وقتها شعرت أننى صاحبة السيارة، وأنتظر بفارغ الصبر العودة مرة أخرى إلى الموقف وتحميل الركاب بالميكروباص الجديد.
ماذا كان رد فعل أبنائك وجيرانك وأبناء منطقتك بعد الحصول على الميكروباص؟
- فى البداية علاقتى مع جيرانى سطحية للغاية، وكل من أتعامل معهم بشكل تام ومستمر هو الفكهانى وصاحب سوبر ماركت والكافيه المواجهين للمنزل، وكنت أقوم بركن الميكروباص أمامهم خوفاً عليه، وفى يوم الخميس الماضى يوم تسلّمه تفاجأوا بعدم وجود الميكروباص القديم أسفل المنزل، وتفاجأوا بشكل أكبر عندما شاهدونى أدخل أمامهم بالميكروباص الجديد، وظهرت عليهم علامات الدهشة والسعادة، لأننا على علاقة طيبة ببعض، وباركوا لى عليه، أما أبنائى فلم يصدقوا حصولى على الميكروباص إلا عندما رأوه بأنفسهم عندما وصلت به إلى المنزل.
لو لم تكن تلك الصدفة قد حدثت كيف كانت ستسير حياتك؟
- صراحة لا أستطيع التخيل حالياً ذلك الأمر، لأننى كنت قد قمت بالاشتراك فى جمعية بقيمة 1000 جنيه من خلال معاش والدى الذى أحصل عليه شهرياً، وكنت سأحصل على 15 ألف جنيه ثم الدور التالى 15 أخرى ولكن على فترة بعيدة، وكنت سأبقيهم على جنب وعدم التصرف فى تلك الأموال مهما حدث لنا، وكنت سأظل فى حلمى وأعافر خلفه تحت أى ظرف، لأن ربنا كريم وعمره ما هيرضى ليا أى سوء، ولكنى لم أكن أعرف كيف كنت سأدفع باقى مقدم الميكروباص، لأن أقل مقدم فى الفترة الحالية حتى السيارات الصينى 100 ألف جنيه.
ما شعوركِ الآن وأنت صاحبة سيارة بعد أن كنتِ تعملين على سيارة لا تملكينها؟
- الحمد لله ربنا ادانى أكتر من اللى أستحقه، وأولادى طاروا من الفرحة لما تسلمت العربية ووصلت عند البيت، شكراً للريس، وشكراً لصندوق تحيا مصر، أنا مش بـ100 راجل ولا امرأة حديدية ولا حاجة، أنا مجرد ست مصرية أجرى على رزق أولادى بالحلال، وربنا إدانى أكتر من اللى أستحقه، والرئيس جبر خاطرى بالسيارة الجديدة اللى إن شاء الله تبقى دخلة رزق حلال ليا ولأبنائى وفاتحة خير علينا وتأمين لحياتنا ومستقبلنا.
«نحمده أثناء حديثها لـ«الوطن»