بعد نجاتها من سحب الثقة.. "ماي" في مأزق جديد

كتب: دينا عبدالخالق

بعد نجاتها من سحب الثقة.. "ماي" في مأزق جديد

بعد نجاتها من سحب الثقة.. "ماي" في مأزق جديد

على مدى أكثر من 30 يوما، ومنذ إعلانها عن خطتها لـ"بريكست"، تتعرض رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، لاعتراضات واسعة وصلت للمطالبات بإزاحتها من رئاسة حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا.

وفي الساعات الأولى من صباح اليوم، أعلن حزب المحافظين، الذي تنتمي له رئيسة الوزراء البريطانية، إجراء تصويت على سحب الثقة منها، الأربعاء، في ظل انفراط عقد خروج البلاد المقرر من الاتحاد الأوروبي، حيث أكد جراهام برادي، رئيس لجنة 1922، التي تمثل النواب الذين ليس لديهم وظائف حكومية، تجاوز الحد اللازم لإجراء الاقتراع، مضيفا أن الاقتراع سيجرى في مجلس العموم.

وأوضح برادي أن عدد رسائل المطالبة بسحب الثقة من رئيسة الوزراء، وصل إلى 15% من عدد أعضاء حزب المحافظين في مجلس العموم بمجموع 48 رسالة، وهو ما يسمح في البدء بإجراءات سحب الثقة من رئيسة الوزراء أو تجديدها.

وفقا للوائح حزب المحافظين، يجب أن تحصل على 159 صوتا، وهو نصف عدد نواب حزب المحافظين زائد واحد، لتكون "ماي" محصنة ضد أي محاولات أخرى لسحب الثقة لمدة عام، وفقا لموقع "بي بي سي" البريطاني، وهو بالفعل ما تحقق لرئيسة الوزراء البريطانية، حيث نجت من ذلك الأمر، بإعلان 159 نائبا دعمهم لها.

تلك النسبة التي حصلت عليها "ماي" جاءت في رأي السفير حسن هريدي، نائب وزير الخارجية الأسبق، لعدم وجود مرشح بديل لها لرئاسة الحزب، موضحا وجود معارضة كبيرة لها حاليا بـ"المحافظين"، وهي ما ستتأجج خلال الفترة القادمة ما لم تحصل على الموافقة بخطاب تبادل النوايا مع قادة الاتحاد الأوربي فيما يخص إيرلندا الشمالية، خاصة في ظل معارضة أخرى لها بحزب العمال.

وأضاف هريدي لـ"الوطن"، أن "ماي" أجلت تصويت البرلمان على خطتها بشأن "بريسكت" بدلا من أمس ليناير المقبل، حتى توفر لنفسها فرصة بإمكانية حصد موافقته، حيث إنها تجري حاليا زيارات متعددة لقادة الاتحاد الأوروبي كلاهاي وبروكسل، لإقناعهم بتبادل الاتحاد ولندن لخطاب النوايا.

وفي حالة موافقتهم على تبادل ذلك الخطاب، سيسهل ذللك مهمة رئيسة الوزراء في التصويت على اتفاقية الانسحاب بالبرلمان، وفي حال عدم الموافقة ستكون "ماي" في "مأزق" قوي، حيث من الممكن أن يتسبب ذلك في خروج لندن من الاتحاد دون اتفاق، وهو ما يعد أسوء سيناريو من الممكن أن تشهده بريطانيا، وفقا لهريدي.

وتابع أنه يوجد رأي ثالث حاليا ببريطانيا، وهي بعدم خروج البلاد من الاتحاد، مشيرا إلى الدعوى القضائية التي تقدم بها عدد من الساسة والمواطنين فيما يخص المادة الخمسين من اتفاقية الاتحاد بشأن الانسحاب منه، والتي بتت فيها محكمة العدل الأوروبية أول أمس بأن انجلترا حالها كأي دولة في انفصالها بأن يتم وفقا لإخطار فقط، وهو ما يعني عدم الحاجة لإجراء استفتاء جديد على الخروج وإمكانية الحكومة في إخطار الاتحاد الأوروبي باستمرارها فيه دون الخروج.

ورجح نائب وزير الخارجية الأسبق تزايد ذلك القطاع داخل بريطانيا، واقتناع الأغلبية يوما بعد يوم بأن الانسحاب من الاتحاد الأوربي لن يخدم المصالح الإنجليزية.

يوم الاثنين الماضي، أصدرت محكمة العدل الأوروبية، قرارا بأن بريطانيا لها الحق في التراجع عن انسحابها من الاتحاد الأوروبي، حيث تضمن حكمها أن "المملكة المتحدة لها حرية إلغاء الإخطار بعزمها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، من جانب واحد"، مضيفة: "مثل هذا الانسحاب، الذي تقرر وفقا لمتطلباتها الدستورية الوطنية، سيكون له تأثير على بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي بموجب شروط لم تتغير من حيث وضعها كدولة عضو".

وأصدرت محكمة العدل حكما يسمح لبريطانيا بالتراجع عن قرارها، من دون الحصول على موافقة الدول الأعضاء، معتبرة أن الحكم يمثل انتصارا لحملة المعارضين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس" .

فيما يرى السفير رخا حسن، نائب وزير الخارجية الأسبق، أن "ماي" تراجعت شعبيتها بشدة داخل حزبها الحزب وبلادها، خاصة في ظل تأثر الاقتصاد بتلك الخلافات وتراجع الجنيه الإسترليني أمام الدولار الأمريكي واليورو الأوربي، معتبرا أن نجاتها من طرح الثقة بذلك العدد يكشف الخوف من وجود انقسامات داخل حزب المحافظين، والرغبة في دعمها لآخر لحظة تجنبا لذلك، وتمسكهم بالخروج من الاتحاد.

ماي في موقف لا تحسد عليه، وفقا لرأي حسن، مضيفا أن مازالت توجد ببريطانيا مطالبات بإجراء استفتاء جديد على الخروج من الاتحاد، فضلا عن استمرار احتمالية إقالة رئيس الوزراء بأمر من البرلمان، أو إقراره بإجراء ذلك الاستفتاء.

وأوضح أن تلك الأزمة، لها شقين أولهما لدى الاتحاد الأوروبي الذي وافق على خطة ماي، وأكد أنه لن يتم التفاوض من جديد على خطة أخرى، وأن يقتصر الأمر على توضيحات فقط، والثاني الشأن الداخلي البريطاني، والذي ينقسم بدوره إلى شقين أولهما المؤيد للخروج من الاتحاد ولكن قطاع منهم يرفض خطة رئيس الوزراء كونها تربط البلاد بالاتحاد وأن الانفصال سيكون صوريا فقط، وهو المبدأ الذي يقتنع به وزير الخارجية، والخروج من الاتحاد الأوروبي المستقيلين.

وأردف أن الشق الثاني هو الداعم لعدم الخروج من الاتحاد كونه سيضر بريطانيا ويلحق خسائر كبيرة فيها، خوفا من تفكيك المملكة في ظل رغبة إيرلندا الشمالية واسكتلندا في الاستمرار داخل الاتحاد، مرجحا أن العدول عن القرار سيكون الأفضل حاليا.

وتتضمن خطة تيريزا ماي، ذات الـ600 صفحة، أطرًا للتفاهم حول "اتفاق الانسحاب" و"الإعلان السياسي" الذي يحدد أطر العلاقات في مرحلة ما بعد "بريكست"، خصوصا على الصعيد التجاري، حيث يعتبر اتفاق الانسحاب خصوصا قضية الفاتورة التي يفترض أن تدفعها لندن للاتحاد الأوروبي بدون أرقام، وينص على حل مثير للجدل لتجنب العودة إلى حدود فعلية بين جمهورية إيرلندا ومقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية، وفقا لوكالة "فرانس برس".


مواضيع متعلقة