«شبح ترامب» و«الحروب الحمائية» يسيطران على قمة «صناعة الصلب فى الشرق الأوسط»

كتب: صالح إبراهيم

«شبح ترامب» و«الحروب الحمائية» يسيطران على قمة «صناعة الصلب فى الشرق الأوسط»

«شبح ترامب» و«الحروب الحمائية» يسيطران على قمة «صناعة الصلب فى الشرق الأوسط»

القرارات «الصادمة» التى اتخذها الرئيس الأمريكى بفرض رسوم حمائية على كافة الواردات الأمريكية من منتجات الصلب أشعلت حرباً تجارية، اتسعت دائرتها لتشمل كافة الأسواق الدولية، وسيطرت بشكل واضح على قمة «الحديد والصلب بالشرق الأوسط» التى تنظمها مؤسسة «ميتال بوليتان» العالمية، وتضم أغلب كبار اللاعبين فى سوق الصلب فى العالم، حيث أبدى كبار المنتجين فى العالم العربى تخوفاتهم من توجيه إنتاج الدول الكبرى إلى دول عربية لا تتمتع بالحماية الكافية، والقيام بعملية «حرق أسعار ممنهجة»، بما ينعكس سلباً على الصناعات المحلية فى تلك الدول.

{left_qoute_1}

وكان الرئيس الأمريكى قرر فى مارس الماضى فرض رسوم حمائية على واردات بلاده من الصلب بنسبة 25%، وهو ما تبعه إجراء مماثل من دول أوروبية، ثم قيام تركيا، التى تعد إحدى كبار اللاعبين فى صناعة الصلب، باتخاذ الإجراء ذاته وبنفس النسبة.

وبحسب الدراسة التفصيلية التى أعدها جورج متّى، رئيس قطاع التسويق بمجموعة حديد «عز»، وتم عرضها خلال القمة التى بدأت فعالياتها، فإن حجم تجارة الصلب العالمية، والذى يمثل ما لا يقل عن 29% من الإنتاج العالمى (أى 463 مليون طن فى العام الماضى) وما قامت به الدول الكبرى، مثل أمريكا، من إجراءات حمائية ضد واردات الصلب بها، سوف يتسبب فى قيام دول عديدة حول العالم باتخاذ إجراءات مماثلة لحماية صناعتها المحلية.

وكشف الدراسة عن انخفاض واردات الصلب الأمريكى كنتيجة مباشرة لتلك الإجراءات بنسبة 12% خلال التسعة شهور الأولى من العام الحالى، وأنه إذا ما استمر هذا الاتجاه حتى عام 2019، فإن الأسواق المستوردة الأخرى، خاصة التى لا تضع إجراءات حمائية، سيكون عليها أن تستوعب تحول مسار تجارة الصلب إليها، وهو ما سيمثل ضرراً كبيراً على التجارة العالمية.

ووفقاً للدراسة، فقد بلغ حجم تجارة الصلب المتضررة من الإجراءات الحمائية نحو 150 مليون طن، وهى كميات تمثل 33% من التجارة العالمية، وأن تحول تلك التجارة المتضررة سيشكل خطراً على صناعة الصلب بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث سيسعى المصدرون إلى إيجاد أسواق بديلة بعد إغلاق أسواق الاستيراد الرئيسية أمامهم، مع افتراض أن صادرات الصين من الصلب ستظل عند مستوياتها الحالية، التى تبلغ 75 مليون طن.

البيانات تقول أيضاً إن حجم المعروض من منتجات الصلب ارتفع فعلياً خلال التسعة شهور الأولى من العام الحالى بالمقارنة بالفترة نفسها من العام السابق له، حيث تقدر منظمة الصلب العالمية زيادة الإنتاج بنسبة 4.7%. وكنتيجة لتحسن الإنتاج العالمى للصلب فقد انخفض حجم الطاقات الإنتاجية غير المستغلة، فيما ظلت معدلات الاستخدام لطاقات إنتاج الصلب السائل عالمياً أقل من 80% فى العام الماضى، وبشكل أكبر حدة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تراوحت معدلاتها ما بين 40% و69%، حيث ينشغل المنتجون بالمنطقة بتحديث مصانعهم ويكافحون فى نفس الوقت للتنافس مع الواردات من فوائض الإنتاج العالمية.

الدراسة كشفت عن ارتفاع قوى فى أسعار الصلب بالأسواق الكبرى التى اتخذت إجراءات حمائية، حيث ارتفع متوسط أسعار واردات الصلب بأمريكا بما يقرب من 200 دولار للطن هذا العام بعد فرض 25٪ على واردات الصلب فى أبريل الماضى، لكن على النقيض من ذلك، شهدت الأسواق المعتمدة على التصدير، مثل الصين وروسيا ارتفاعاً فى الأسعار المحلية بمقدار 75 دولاراً فقط للطن.

وأشارت الدراسة إلى أن المعدلات الكبيرة للرسوم الحمائية أسهمت فى رفع المنتجين المحليين لأسعارهم فى ظل غياب المنافسة الفعالة من الواردات ذات الأسعار المنخفضة، كما اتسعت الفوارق بين أسعار السوق الأمريكية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، موضحة أنه بالنسبة لحديد التسليح، فقد بلغ الفارق السعرى بين متوسط سعر البيع بأمريكا ومصر نحو 87 دولاراً للطن (قبل الضريبة).

وذكرت الدراسة أن ذلك الفارق كان نحو 176 دولاراً للطن خلال الربع السابق من العام نفس العام، لافتة إلى أنه فى الفترة الماضية، ومنذ أن أصبحت الرسوم الحمائية التى تبلغ 25% فعالة، ارتفع الفارق بالولايات المتحدة إلى 356 دولاراً للطن، وهو ما يتناقض مع المتوسط السائد فى السابق، والذى كان يبلغ 180 دولاراً للطن.

ورصدت الدراسة استمرار انخفاض العجز التجارى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فى ظل تزايد مقابل بالطلب على منتجات الصلب، تزامناً مع التسعير التنافسى للصلب، وخاصة فى قطاعات المسطحات، مثل مسطحات الصلب المدرفلة على الساخن، بالإضافة إلى تزايد الإنتاج، وارتفاع الحصة السوقية للمصدرين للمنطقة، كما أكدت أن المنتجين فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير قادرين على مضاهاة ربحية المنتجين فى الدول المصدرة لهم، والتى تحمى صناعتها وتدعمها.

وحذرت الدراسة من تأثير فروق الأسعار المنخفضة بين منتجات الصلب فى المراحل الإنتاجية المختلفة، بالإضافة إلى رسوم الحماية ضد منتجات الصلب النهائية، التى أدت إلى تحول مصدرى منتجات الصلب النهائية إلى تصدير منتجات الصلب شبه النهائية (البليت وبلاطات الصلب)، وهو ما يعود بالفائدة على مصانع الدرفلة، موضحة أن تلك التغيرات الديناميكية وضعف التوازن بين تكلفة منتجات كل مرحلة من مراحل إنتاج الصلب قد يؤدى إلى إضعاف الموقف التنافسى لمصانع الصلب المتكاملة.

ووفقاً لكلام «متّى»، فإنه رغم تحسن الطلب على الصلب، فإنه لم يكن على مستوى التوقعات، وأن التسارع فى النمو الاقتصادى بالمنطقة، من 1.3% فقط فى عام 2017 إلى 2.7% العام الحالى أسهم فى تحسن الطلب على منتجات الصلب، إذ من المتوقع أن يرتفع الطلب على الصلب بنسبة 2.8% هذا العام.


مواضيع متعلقة