جامعات المستقبل.. كلية هارفارد للقانون

«كلية هارفارد للقانون» من أعرق كليات القانون فى العالم، تأسست عام 1817م، وتتصدر التصنيف العالمى، وتخرج فيها العديد من رجال السياسة والقانون البارزين مثل الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما ومرشح الرئاسة الأمريكية السابق «ميت رومنى» ومرشح الرئاسة الأمريكية المستقل «رالف نادر» ورئيس جمهورية تايوان السابق «ما يينج جيو» ورئيسة أيرلندا السابقة «مارى روبنسون» ورئيس المحكمة العليا السابق فى الفلبين «ريناتو كورونا» ورئيس المحكمة العليا فى سنغافورة «ساندروش مينون» والرئيس السابق للبنك الدولى «روبرت زوليك» ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان «نافانيثيم بيلاى» أو «نافى بيلاى».

وبالاطلاع على المنهاج الدراسى فى كلية القانون بجامعة هارفارد، يمكن أن نسرد بعض الملاحظات، أولها أن هذا المنهاج يتضمن مواد متنوعة تسهم فى بناء العقلية القانونية وبيان العلاقة بين القواعد القانونية والقواعد الاجتماعية الأخرى الحاكمة لسلوك الأفراد، لاسيما الدين والأخلاق. فالهدف من وراء دراسة القانون هو بناء العقلية القانونية وليس تزويد الطالب بمعلومات قانونية تتغير بتغير التشريعات والقوانين. فعلى سبيل المثال، يدرس الطالب فى كلية القانون بجامعة هارفارد مادة اسمها «اللغة والقانون». ومادة «البحث القانونى المتقدم»، وثمة مادة أخرى بعنوان «القانون الدستورى: الحرية والدين». بالإضافة إلى ذلك، يلاحظ الاهتمام البالغ بتأهيل الدارس لسوق العمل وتزويده بالمهارات اللازمة لممارسة المهن القانونية المختلفة، لاسيما مهنة المحاماة باعتبارها عماد العمل القانونى. وفى هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن المنهاج الدراسى تضمن العديد من المواد، مثل «المحاماة أمام المحاكم وفنون التعامل فى قاعة المحكمة»، و«التحليل الكمى التطبيقى للمحامين»، و«أساليب التحليل للمحامين»، و«برمجة الكمبيوتر للمحامين»، و«أن تصبح أستاذ قانون»، و«تحديات المستشار القانونى»، و«التحقيقات الجنائية فى قضايا الياقات البيضاء»، و«المحاماة والاستراتيجية القانونية فى عصر التكنولوجيا». كذلك، يلاحظ أن المنهاج الدراسى يواكب التطور ويعمد إلى إلقاء الضوء على أحدث مستجدات الثورة الصناعية الرابعة والإشكاليات القانونية التى تصاحبها. وفى هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى العديد من المساقات الدراسية، ومنها مادة بعنوان «التحديات التطبيقية والأخلاقية للذكاء الاصطناعى»، ومادة أخرى بعنوان «السيارات ذاتية القيادة والحكومة المحلية»، ومادة ثالثة بمسمى «القانون الجنائى الإلكترونى». وثمة ملاحظة أخرى، وهى تضمن المنهاج الدراسى العديد من المواد التى تجعل الدارس منفتحاً على التخصصات الأخرى ذات الصلة بالقانون، منظوراً إليه باعتباره وسيلة لتنظيم الحياة فى المجتمع. ولن يتسنى لرجل القانون أن يقوم بهذا الدور إلا بالانفتاح على العلوم الأخرى وأن يكون لديه نصيب من الثقافة القانونية العامة. ولا يفوتنا فى هذا الصدد أن نشير إلى عبارة بليغة للمستشار الجليل سمير ناجى، حيث قال: «رسوخك فى القانون بقدر اطلاعك خارج القانون». ويبدو أن هذه الفلسفة كانت حاضرة فى ذهن واضعى المنهاج الدراسى فى كلية هارفارد للقانون، حيث يتم تدريس العديد من المواد التى تكفل تحقيق هدف الانفتاح على العلوم الأخرى وبيان وجه الاستفادة منها فى مجال القانون، كما هو الشأن فى مادة «فن التغيير الاجتماعى»، ومادة «خلق الحياة من القانون»، ومادة «التحليل الاقتصادى للقانون».

وفى الختام، يلاحظ أن أغلب المواد لا يعقد لها امتحان، وإنما تعتمد على تكليف الطلاب بعمل أبحاث، الأمر الذى يسهم فى خلق روح الابتكار والإبداع لدى الطالب وتعويده على التفكير النقدى وأن تكون له رؤيته وآراؤه الخاصة به، وعدم الاكتفاء بقراءة كتب ومؤلفات الأساتذة. ونعتقد أن «كلية هارفارد للقانون» يمكن أن تكون نموذجاً استرشادياً لتطوير كليات القانون فى بلادنا.

والله من وراء القصد.