صالون «عم أحمد»: ممنوع دخول الخنافس.. «هو كل واحد يدخل يقولى وقفلى شعرى؟! الله يرحم أيام النخوة والمرجلة»

صالون «عم أحمد»: ممنوع دخول الخنافس.. «هو كل واحد يدخل يقولى وقفلى شعرى؟! الله يرحم أيام النخوة والمرجلة»
كان عم أحمد يجلس داخل محل الحلاقة الخاص به ينظر من وراء الزجاج إلى الأمطار التى أغرقت الشوارع وغسلتها.. «يا الله» كلمة نطق بها فى سره قبل أن يلتفت إلى الراديو الذى يحتفظ به من الستينات ليديره على محطة «الشرق الأوسط»، فدوما كانت هى نافذته على العالم.. وأمام شعوره بالبرد الذى بدأ يتسرب إلى عظامه ولم يفلح معه إغلاق أزرار البالطو القديم، قرر أن يتدفأ بكوب شاى صنعه على «السبرتاية» ليفاجأ بأحد الزبائن الشباب يدخل عليه طالبا قصة شعر حديثة تشبه قصة «عُرف الديك»، ليرد عم أحمد باقتضاب دون أن ينظر إلى الشاب: «لأ يا بنى مش بعمل القصات دى.. بقص شعر آه بس رجالى مش خنافس».
موقف لا يكف «عم أحمد» عن ترديده على مسامع أى زبون قادم، فهو الذى يعمل بمهنة الحلاقة منذ 63 عاما وضع لنفسه شرطا وهو عدم الحلاقة لشباب الألفية الجديدة: «كل واحد يدخل يقولى وقفلى شعرى واعملهولى عرف ديك وكلامه غريب وبنطلونه ساقط.. فين أيام النخوة والمرجلة والفرقة اللى على جنب».
رغم معرفة عم أحمد بأن رفضه لبعض الزبائن سيعود عليه بالضرر، فإن ذلك لا يشغل باله: «الرزق بتاع ربنا، والواحد معدش متحمل البدع دى»، فالجيل الحالى -من وجهة نظره- يعانى من عقدة الخواجة: «جيل خنافس بيقلد الأمريكان تقليد أعمى مع إننا المفروض إننا نتقلد بالإسلام».
موقف «عم أحمد» لا يختلف كثيرا عن موقف دكانه الصغير الذى رفض أن يساير الحداثة التى اتصفت بها بقية صالونات منطقة الدقى، ليشعر الزائر أنه دخل محلا فى فيلم «أبيض وأسود» بديكوراته وتصاميمه التى تتحدى الزمن، فما زال الرجل يعتمد على كرسى الحلاقة القديم والمقص الحديدى الكبير والتليفون ذى القرص المعدنى و«السبرتاية».
اسم المحل «هاواى» يؤكد نظرية «عم أحمد» فهو ليس نسبة إلى الجزر الشهيرة، لكنه نسبة لـ«الهوى والمزاج العتيق» الذى يضفى لمسته على المكان، والذى شهد مشاهير مثل الكاتب عبدالرحيم الزرقانى والفنان محمد رضا: «مايهمنيش خنافس اليومين دول أنا زباينى دكاترة ولواءات فى الجيش ومستشارين معايا من أيام ما كنت بحلق للواحد منهم بـ25 قرش».