د. شوقى علام.. استمرار التقدم نحو الأمام
هل يستطيع واحد أن يملأ الفراغ الذى تركه الدكتور على جمعة فى دار الإفتاء؟ سؤال طرحه المهتمون وتهامسوا بالنفى، حتى جاء الدكتور شوقى علام على رأس «الإفتاء» فى مارس 2013، فأثبت أنه جدير بالمنصب، إذ سار على نهج سلفه وأضاف وطوّر وزاد، وحافظ على مؤسسية الدار وخطابها المتزن المتسم بالوسطية والاعتدال، الداعم لمد جسور التواصل مع أصحاب الثقافات والحضارات المختلفة، ونجحت الدار فى خلق تواصل مع الجمهور والإعلام، وتقديم صورة مشرقة للإسلام، واضطلع المرصد الإعلامى للدار بدور فعال فى رصد الشأن الدينى فى مصر والعالم والقيام بالتحليل والمعالجة وفق المنهج المنضبط.
تشرفتُ بالاقتراب من فضيلة المفتى لأول مرة يوم الأحد الماضى فى الاحتفال الذى أقيم لعرض إنجازات الدار فى سنة مضت والإبانة عن خطط سنة مقبلة، وتأكد لى توافر أدوات النجاح فى الشيخ الكريم، وأول هذه الأدوات طهارة اليد واللسان، وثانيها: العلم والتخصص، وثالثها: التواضع الجم، ورابعها: المصداقية، وخامسها: الاستفادة من الآخرين وقبول النصح، وسادسها: انتقاء الكفاءات وحسن توظيفها، وسابعها: العمل بروح الفريق، وثامنها وأهمها «حسن خلقه».
ويكفى فى الاستدلال على بعض ما ذكرت إصدار الدار لنصف مليون فتوى بتسع لغات خلال 2013، ما يؤكد ثقة المجتمع فى الأزهر الشريف ومرجعيته مهما حاول البعض تشويه الأزهر أو خلق مرجعيات بديلة، كما أن إنشاء موقع باللغة الإنجليزية يمثل نقلة جديدة فى التعامل مع الفتوى.
شملت الفتاوى الصادرة قضايا مُلحة لم نعهدها من فقهاء «المراحيض والتشدد»، مثل: بناء المساجد على أرض زراعية، وهل خال الأم يعد محرماً للمرأة، والحقن المجهرى، وتحديد نوع الجنين، وبيع الآثار، والولاية التعليمية، وزكاة المال لمعهد الأورام أو لتوصيل المرافق للفقراء، والاستعانة بالوسائل التكنولوجية لاستخراج علامات الوراثة المميكنة، واليوجا، وبيع البنزين المدعم فى السوق السوداء، ومعاشرة المطلقة فى فترة العدة، وحكم استحقاق أفراد الأسرة فى كَدِّ أحدهم إذا كانوا يعيشون معه، والأخذ بالثأر دون الرجوع للدولة، وتخدير الحيوان قبل ذبحه، وحق الزوج فى راتب زوجته، والصيام فى البلاد التى يقصر فيها الليل، وبيع الدواء بأقل أو أكثر من سعره، والتلقيح الصناعى، وبيع وشراء أدوية التأمين الصحى، وقيام الصيدلى بترخيص صيدلية لغير صيدلى وغير ذلك كثير، وقد أكثرتُ من ذكر الأمثلة لمزيد الاستفادة لمن يريد بالرجوع لموقع الدار.
وإدراكاً للواقع أبت الدار ألا ينتهى العام إلا بمبادرة شديدة الأهمية لحصر مقولات التكفيريين والرد عليها من خلال تتبع فتاواهم على مدار الساعة، وهى خطوة تأخرت كثيراً ولم تلتفت إليها المؤسسات الدينية مكتفية بمجهودات فردية كالتى قام بها الشيخ جاد الحق فى كتابه: «نقض الفريضة الغائبة».
كل هذه المجهودات التى جعلت الأمم المتحدة تشيد بالدار، وانعكس فى حجم التناول الإعلامى لفعاليات الدار، حيث تم رصد خمسة وخمسين ألفاً وثمانمائة وتسع وستين مادة صحفية، وهو ما كان ليتم لو لم يكن وراء فضيلة المفتى خليةُ نحل من فريق متميز يحيط به إنْ على مستوى الإدارة أو أمناء الفتوى أو التدريب أو المكتب الإعلامى.
إنها السُّنة التى سنها الدكتور على جمعة وسار عليها الدكتور شوقى مضيفاً لها، وبدونها لن تتحرك باقى مؤسساتنا خطوة للأمام، وسيظل الفساد والترهل ينخر فى جدرانها مما ينعكس على الشارع فى صور من الجهل والفقر والتردى والمرض والظلم، هذه السُّنة المتبعة فى دار الإفتاء هى: ماذا كان الوضع حين تسلمت المنصب؟ ما خططى للتطوير على المستويين القريب والبعيد؟ ما الذى أنجزته بعد مرور سنة؟