رسامة وممثلة ونحاتة.. حكاية "هنا" ووالدتها في تحدي "ضعف السمع"
رسامة وممثلة ونحاتة.. حكاية "هنا" ووالدتها في تحدي "ضعف السمع"
- الإسكندرية
- كلية الفنون الجميلة
- ضعف السمع
- التخاطب
- ذوي الاحتياجات الخاصة
- الإسكندرية
- كلية الفنون الجميلة
- ضعف السمع
- التخاطب
- ذوي الاحتياجات الخاصة
استبدلت العالم الصوتي المزدحم، بالألوان واللوحات والحرير والمشغولات اليدوية، لتصنع محيطها الخاص الذي تهرب إليه بين الحين والآخر لتخرج موهبتها الفنية، وتستغنى في هذه الأوقات عن "سماعات الأذن" التي تعينها على التواصل مع الآخرين.
هنا فرح.. منذ ميلادها قبل 25 عامًا، خاضت رحلة طويلة لتحدي ضعف السمع الذي لازمها منذ اليوم الأول لها، بمساعدة ضخمة من والدتها نهال مصطفى، خريجة الفنون الجميلة لجامعة الإسكندرية، التي قررت التخلي عن عملها والتفرغ الكامل لنجلتها الوحيدة، بعد اكتشافها مرضها الذي مثل لها "صدمة عمرها" بينما كانت تبلغ حينها الـ21 عامًا، حسب وصفها، فلم تكن طفلتها في أعوامها الأولى قادرة على الحديث وتصدر أصواتا فقط، ما دفعها لزيارة الطبيب سريعًا، لترتدي سريعًا سماعات الأذن.
منذ أن بلغت "هنا"، خريجة قسم علم نفس لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية الدولية، عامين ونصف، بدأت أولى دروس التخاطب بإحدى المدارس المتخصصة، يوميا، وعملت والدتها بجهد لكي تتمكن من الحديث كالأطفال العاديين وألا تنضم لمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو بالفعل ما تحقق لها، رغم الصعوبات المتعددة التي واجهتها في الدراسة والامتحانات، نظرًا لبطئها وعدم قدرتها على الحديث بسلاسة، تقول والدتها: "كنت بدعي ليل نهار علشان تعرف تنطق الحرف، ومكنتش شايفه قدامي غيرها".
ومع انتقالها للمرحلة الإعدادية، بدأت "هنا" تدرك اختلافها عن غيرها من الأطفال وكونها ضعيفة سمع، خاصة لمذاكرتها وحفظها الدروس بالكتابة فقط، ولكن في الوقت نفسه، بزغت موهبتها بالرسم، والتي سرعان ما نمتها والدتها مستعينة بخبرتها، فضلًا عن تعليمها داخل أحد المراكز المتخصصة بجانب دراستها، حتى تساعدها في خلق شخصيتها الخاصة، فضلًا عن ممارستها للرياضات المختلفة، لتتقن الرسم بالرصاص والفحم، ثم اتجهت للحرير والتوال لتتقنهم مع مرور الوقت، وخصصت لها والدتها غرفتها لتكون أشبه بـ"مرسم" خاص.
حلم الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، كان الصدمة الأولى في حياة الشابة العشرينية، ولم تتمكن من تحقيقه لتتجه لقسم الإعلام بكلية الآداب والذي خلف ظنونها أيضًا بسبب إعاقتها، لتقرر الانضمام إلى "علم النفس"، لتظهر اجتهادًا كبيرا في تلك الفترة حتى تخرجت فيه بتقدير عام جيد، وسريعًا ما برزت موهبة أخرى بداخلها وهي التمثيل، لتحرص على متابعة مهرجان الإسكندرية السينمائي باستمرار، وتكون صداقات قوية مع عدد من الفنانين الذين أهدت عدد منهم لوحاتها لاحقًا.
وخلال تلك الفترة شاركت في أحد الإعلانات الخاصة، قبل أن يقنعها أحد مخرجي الأفلام القصيرة بتصوير فيلم عن قصة حياتها بعنوان "حلم هنا"، مايو الماضي، ولكن لم تسنح الفرصة لعرضه، لتصيبها حالة اكتئاب، إلا أن والدتها عادت بقوة لتخرجها من أزمتها مجددا، لتعيد النور لقلب نجلتها التي عزمت أن تكون فنانة صاعدة.
بعد تخرجها من الكلية، واجهت صعوبات ضخمة في العمل، بسبب كونها ضعيفة سمع، لذلك لازت بالفرار إلى الرسم، الذي أصبح منفذها على العالم، ومن ثم سعت لعرض لوحاتها بعدد من المعارض الفنية داخل محافظتها، بتشجيع من أصدقائها وأقاربها، ومن المنتظر الأسبوع المقبل أن يتم تكريمها في معرض لذوي الاحتياجات الخاصة بمكتبة الإسكندرية.
تغلبت "هنا" على ضعف سمعها، تدريجيًا عبر عدة مراحل، بطموح قوي أشعلته بداخلها والدتها التي سعت على ألا تشعر نجلتها باختلاف عن غيرها، "تحدت مرضها، ومش بتبين أنها تعبانه خالص، بالعكس هي قوية جدا ودلوقتي بتقول الحمدلله أنها أحسن من غيرها كتير، وأتمنى أن الكل يشجعها، وأن أي أسرة بتواجه نفس المرض ده متيأسش".
لم تقتصر مواهب وطموحات الفتاة العشرينية عن ذلك الحد، بل تأثرت "هنا" بالمنحوتات المميزة في منتدى شباب العالم لعام 2018، وقررت تعلم النحت والشمع لصناعة تماثيل مميزة أيضًا.