«العنف ضد المرأة».. حكايات مؤلمة من دفتر التحرش الجنسى

كتب: آية المليجى

«العنف ضد المرأة».. حكايات مؤلمة من دفتر التحرش الجنسى

«العنف ضد المرأة».. حكايات مؤلمة من دفتر التحرش الجنسى

تستيقظ باكراً تؤدى بعض المهام الروتينية التى اعتادت عليها قبل مغادرة المنزل، لكن حيرة تقع فيها كل يوم من اختيار ملابس فضفاضة تقيها من عيون من أباح لنفسه حرمة جسدها أو تبعدها عن كلماته الجارحة، لكنها أيضاً لم تسلم من شرورهم، فالسير بأمان فى الشوارع بعيداً عن شبح التحرش الجنسى أصبح من أمنياتها، فمعاناة قاسية تواجهها الفتاة يومياً بمجرد خروجها من المنزل سعياً للرزق أو طلباً للعلم.

{left_qoute_1}

اعتادت دينا خالد (اسم مستعار)، على ركوب المينى باص للوصول إلى عملها منذ سنوات، وفى إحدى المرات استقل معها رجل خمسينى يرتدى عباءة، فمن هيئته يبدو أنه عامل فى البناء، فجاء مكانه وراءها، وبعد دقائق بدأت تشعر بيده تحاول التحسس بجسدها، لكنها ظلت تكذب نفسها، حتى نظرت إليه وترسخت ملامحه فى ذهنها «هو كان عامل نفسه عبيط وباصص للسقف»، بحسب حديثها لـ«الوطن».

شعور بالندم صاحب «دينا» بعدما نزلت من المينى باص، فهى لم تأخذ حقها بعد، وبعد مرور أسبوع واحد على الحادث، أعطاها القدر فرصة أخرى حينما استقلت المينى باص من نفس المنطقة التى اعتادت عليها، ليركب معها الشخص ذاته، فملامحه باتت محفورة بداخلها، وجاءت الصدفة لتجلس بذات المكان ويجلس هو الآخر وراءها، دقائق قليلة كانت كفيلة لفضح أمره حينما أمسكت «دينا» بيده المقتربة من جسدها.

صرخات وألفاظ نابية ظلت توجهها الفتاة العشرينية إليه، بينما تظاهر الخمسينى بالذهول «فضل يقول لى هو أنا عملت لك إيه»، ظلت «دينا» فى حالة من الهياج العصبى وسط سكوت من حولها فى المينى باص، وحينما هددته باصطحابه إلى قسم الشرطة لتحرير محضر، أخبرتها سيدة مسنة بأنها ستأتى معها للإدلاء بشهادتها «تقريباً الست دى هى اللى قررت تساعدنى وتقول لكل البنات اللى طالعة تركب خلى بالكم فى واحد قاعد ورا مش كويس».

ظلت الفتاة العشرينية متأثرة بما وقع معها، لذلك حاولت ألا تستقل أى وسيلة مواصلات أخرى حتى استطاعت شراء سيارة خاصة بها لإنجاز مهامها «المواصلات بقت حاجة غير آدمية، عشان كدا جبت عربية».

داخل إحدى محطات مترو الأنفاق وقفت رحمة أحمد، فتاة عشرينية، على رصيف المحطة منتظرة قدومه، وسط زحام من الركاب، لتفاجأ بحركة مريبة من شاب اقترب منها ولمس جسدها بطريقة غير لائقة على غفلة، حالة من الذهول انتابت الفتاة العشرينية ثوانى معدودة حتى استوعبت الأمر، فوجهت إليه ضربة على ظهره وحاولت الإمساك به لكنه أسرع من خطوات قدميه.

دخلت الفتاة العشرينية فى حالة من البكاء وهى تحاول اللحاق بالشاب، لكن فتاة أخرى رأت ما حدث فجرت وراءه واستطاعت الإمساك به، وأصرت «رحمة» على اصطحابه لأمن المترو، الذى حاول تهدئتها، ووعدها بإتيان حقها وتحرير المحضر «ساعتها فضل الشاب يعيط ويقول لى مستقبلى هيضيع وأهلى هيجيلهم جلطة».

لم تلتفت الفتاة العشرينية إلى بكائه وأصرت على استكمال الإجراءات، وسط توسلات الشاب الذى ظهر من هيئته أنه موظف بأحد البنوك، غادرت «رحمة» مكتب الأمن على أن تحضر فى اليوم التالى إلى نيابة قصر النيل.

أخبرت «رحمة» والدتها وشقيقها بما حدث معها، واصطحبتهما فى اليوم التالى إلى النيابة لاستكمال الإجراءات، وهناك وجدت أسرة الشاب حاضرة فظلوا يتوسلون إليها للتنازل عن المحضر «كانوا هيبوسوا إيدى عشان أتنازل، عمرى ما شفت حد اتذل كده». وفى اللحظات الأخيرة قبل دخولها لمكتب وكيل النيابة، قررت الاتصال بوالدها لإخباره بحقيقة الأمر بعدما أخفته عنه، ورغم تدعيمه لموقفها لكنه نصحها بالتنازل حتى لا تصاب بمكروه من أسرة المتهم فى حال حصوله على حكم قضائى «ساعتها فعلاً خفت يعمل لى حاجة واتنازلت فعلاً عن المحضر».


مواضيع متعلقة