حول دعوة «د. على جمعة» للتصويت بـ«نعم»
دعا فضيلة الدكتور «على جمعة» إلى التصويت بـ«نعم» على الدستور، وهو ما أراه خطأً وخروجاً عن الحياد الذى يجب أن يكون عليه رجال الدين، بل ذكرت بمقالى: «خدعوك فقالوا المقاطعة حرام» أن المقاطعة ليست كتماناً للشهادة، إذا كانت تعبر عن موقف سياسى، فإذا دعا فضيلته إلى التصويت بـ«نعم»، وأن المؤيد للدستور «مؤيدٌ من الله» فقد تساوى مع ما انتقدنا فيه غيره من المشايخ المؤدلجين، لذا فالحق والصراحة يقتضيان تخطئة الشيخ الجليل والاعتراض عليه، والوقوف ضد حالة الإكراه المؤسسى المعنوى الداعمة للتصويت بـ«نعم»، مما لا صلة له بالديمقراطية، وتُستباح معها الحواجز التى تلزم الدولة بالحيدة.
هذا ما كتبتُه وعارضه الصديق الدكتور أحمد إبراهيم القاوى برد طلب نشره، خلاصته:
الأستاذ... ما ذكرتَه عارٍ تماما من الصحة، فالمقدمة التى بنيت عليها موقفك خاطئة، لأنك افترضت أننا فى وضع طبيعى أمام فريق يصوّت بـ«نعم»، وآخر له تحفظات يصوّت بـ«لا» أو يقاطع، وهذا الوضع غير موجود فى حالتنا، نحن أمام دعوة للتصويت بـ«نعم»، ودعوة للتخريب والفوضى (انظر التقارير الدولية حول ترتيبات التنظيم لتحويل يوم الاستفتاء إلى فوضى عارمة)، من هنا كانت «نعم»، من د. على جمعة صادرة من منطلق وطنى بحت، وليست تحيزاً أيديولوجياً، وهذا اعتقاده الذى نؤيده فيه بشدة، والمجتهد ملزم شرعاً بالتزام ما صح عنده حتى يتبين خلافه بيقين.
وهل يا دكتور لو اُستجيب لتحفظات الآخرين، سيرضون؟ الإجابة لا، لأنه ليس هناك تحفّظات أصلاً، إنما فوضى يُراد استمرارها، ولو أن «الإخوان» تحفّظت على مواد كثُرت أو قلَّتْ لكان انتقادك صحيحاً.
بخلاف دستور 2012، فإن فريقاً صوّت بـ«لا» لوجود تحفّظات إن عُدلت أقر وسكت، هنا لا يجوز للعالم توجيه الناخبين، لكن الوضع اليوم مختلف كلية، وبالتالى لا يجوز مساواة موقف الشيخ بغيره، كما أن المفتى دعا للتصويت بـ«نعم» كرأى سياسى وليس كحكم شرعى مخالفهُ آثم، وهو ما فعله د. نصر فريد حين دعا إلى التصويت بـ«نعم» فى دستور 2012، دون نكير من أحد، لأنه ذكر رأياً شخصياً وليس حكماً شرعياً، بخلاف غيرهما من المشايخ المؤدلجين. فهل يتساوى «الحوينى» القائل: «المقاطعة فريضة والتصويت كله حرام»، وغيره القائل قبل ذلك: «انتخاب مرسى فريضة وانتخاب غيرة حرام» و«التصويت لغير الإسلاميين كفر»، بالشيخ «على» الذى قال: «صوّتوا بـ(نعم)» وسكت؟
وأما حكاية: «مَن يؤيد الدستور مُؤيَّد من الله»، فالنقل غير صحيح، وقد خلق الله لنا عقولاً وآذاناً، فلسنا نعتنى بتشوهات أحدثها محرر جريدة «الوطن» أو «الدستور» ونسير خلفها، دون أن نكلّف أنفسنا عناء سماع الفيديو، ففضيلته قال: «الله يؤيد من يعمّر الأرض ويقف ضد الفساد والإلحاد والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق»، فتأييد الله لمن يقف ضد سوء الأخلاق والتخريب، وليس للمصوّتين بـ«نعم»، وهو مثل: «الله معكم»، لكن فريقاً -لستَ منهم- يحاولون تشويهه دائماً، وهم فى هذا فاشلون، وعلى كلٍ فاعتراضك عليه مقبول، والممنوع فقط هو التطاول وقلة الأدب، وهو ما أشرتَ إليه بمقالك «استحلاء السفاهات.. الاعتداء على المفتى السابق مثالاً».
وأما قولك «علينا الوقوف ضد حالة الإكراه المؤسسى.. إلخ»، فهذا يقال لو كان الشيخ مستمراً على رأس «الإفتاء»، إذن فمساواة ما قاله فضيلته بما قاله غيره مع اختلاف الواقعة والظروف والأحوال فيه ظلم وتجنٍّ، إن وقع من الكارهين للشيخ ومنهجه فلا نلتفت، أما وإنه وقع منك فالرد صار ضرورياً، لأنه إن لم يكن لك من فضل على كثير من الشباب -وأنا منهم- غير أنك ربطت بيننا وبين عقلية الشيخ على جمعة ومنهجه ومدرسته الأزهرية الوسطية، لكفاك.