«بشرى»: والدى ضحية الإهمال الطبى وأخطاء التشخيص فى مصر

كتب: أحمد منعم

«بشرى»: والدى ضحية الإهمال الطبى وأخطاء التشخيص فى مصر

«بشرى»: والدى ضحية الإهمال الطبى وأخطاء التشخيص فى مصر

أواخر أكتوبر الماضى شكا والد «بشرى» من تعب فى ركبته اليسرى، فبادرت الابنة بإحضار طبيب لفحص أبيها محمد بدوى. «ألم عرضى بسيط» لم تكن «بشرى» تتخيل أن السعى وراء علاجه سينتهى بموت والدها بعد أسابيع قليلة. اصطحبت «بشرى» والدها إلى مستشفى مصطفى محمود بميدان لبنان، لعمل فحص شامل على أنشطته الحيوية، «نتيجة الفحص كان وجود التهاب فى البروستاتا، والتهاب فى مفصل الركبة اليسرى مع النصح بتناول بعض الأدوية». تذكر «بشرى» أن والدها «لم يلق تحسُّناً» ما اضطرها لنقله إلى مستشفى يلقى فيه والدها العلاج. بدأت رحلة البحث عن مستشفى يستقبل والدها فى يوم الثلاثاء 12 نوفمبر: «رحنا مستشفى قصر العينى الجديد ومستشفى مصطفى محمود، وكانوا إما يرفضون استقباله لعدم وجود أسرّة خالية أو لأن حالته لا تستدعى البقاء فى المستشفى، لكن أخيراً استقبلنا مركز خاص للعلاج بمدينة نصر»، وفى المركز طلب الأطباء إجراء أشعة للتأكد من عدم وجود جلطات بالدم، لكن نتيجة الأشعة أشارت لعدم وجود أى تجلطات، بحسب ما تقوله «بشرى»، لكن المستشفى طلب حجز المريض، والد «بشرى»: «قالوا إن الجلطة تظهر خلال 48 ساعة، ولا بد من بقاء المريض تحت الرعاية لإسعافه فور ظهور أعراض الجلطة». وافقت «بشرى» وأخوها على ترك والدهما فى المستشفى وانصرفوا مساء الثلاثاء 12 نوفمبر، وعند عودتها فى اليوم التالى فوجئت بوالدها وقد راح فى غيبوبة، تقول «بشرى»: «سألت الطبيب المشرف على العناية المركزة وقتها عن سبب الغيبوبة، فأجابنى بأن أبى يعانى من جلطة فى المخ واحتمال وجود جلطة فى القلب، وأنه يعانى من تدهور فى وظائف الكلى يستدعى غسلها».[SecondImage] بحسب ما تقوله «بشرى» فإن والدها، الذى توفى فيما بعد، لم يكن يعانى من أزمة مستفحلة فى الكلى: «مجرد ارتفاع فى نسبة الأملاح مثله مثل كثير من المصريين، والغريب أن تحاليل الفحص الشامل الذى أجريته لوالدى قبلها بأيام قليلة لم يذكر أى تدهور فى وظائف الكلى ولا جلطة فى المخ أو القلب». تواصل بشرى أحمد بدوى: «استسلمت للواقع، وانصرفت من المستشفى الموجود فى مدينة نصر بعدما انتهى موعد الزيارة، ثم اتصلت من منزلى بالعناية المركزة فى المستشفى أسألهم أكثر عن وضع والدى وقتها، فقالت لى إحدى الممرضات إن أبى واقع تحت تأثير مخدر وليس فى غيبوبة كما قال لى طبيب العناية فى صباح اليوم السابق. انزعجت لتضارب التصريحات التى أحصل عليها من طاقم المستشفى، وفى اليوم التالى زرت والدى فإذا بيده ورجله متورمتين بشدة ولونهما أزرق». توجهت الابنة إلى الطبيب المشرف على العناية المركزة لاستيضاح الأمر الذى أزعجها بشدة، فأخبرها أنه يعانى من جلطة وهى سبب اللون الأزرق، أما الورم فبسبب «كانيولا المحاليل»، تقول «بشرى»: «أنا عملت لفترة كإخصائية علاج طبيعى، وأعرف أن الزرقان بسبب الجلطة لا يحدث إلا بعد ثلاثة أو أربعة أيام من حدوث الجلطة، فوبخنى الدكتور على تعليقى، وقال: إنتى دكتورة علشان تكلمينى؟ فقلت له: أنا بياعة بامية بس بادفع 3 آلاف جنيه يومياً مقابل علاج والدى ومن حقى أفهم، فطردنى من المكان». لجأت «بشرى» وأخوها لمدير المستشفى، لكن «مدير المستشفى تعامل معى بشكل أسوأ فاتصلت بالشرطة وحضرت لتحرير محضر، وأخذوا تقريراً يشرح حالة والدى، ولما عرضت التقرير على الطبيب الذى يعالج والدى قال: مستحيل حالته تتدهور تلقائياً فى اليومين دول». قبل وفاة والدها بساعات، كانت «بشرى» فى سراى النيابة لحضور التحقيق الذى لم يحضره أى من الأطباء الذين تتهمهم بالإهمال فى علاج والدها: «وكيل النيابة أرسل لاستدعاء طبيب العناية المركزة، فرد المستشفى بأنه لم يكن موجوداً بالمستشفى حينها». فى المساء توفى والد «بشرى»، وتذكر السيدة أنه «لما ذهبت مع أخى لتسلم جثة والدى طالبونا بدفع 14 ألف جنيه كمستحقات، فقال لهم أخى: أفهم من هذا أننى لن أتسلم الجثة إلا بعد 14 ألف جنيه؟ فقال له مسئولو المستشفى: لا يا فندم، حضرتك تستلم الجثة وتدفن وبعد أيام العزاء تشرفنا تسدد الحساب». تقول «بشرى» إنها أحضرت طبيباً شرعياً لبحث سبب الوفاة: «وعندما جاء الطبيب ذكر أن الوفاة كانت نتيجة حقنه بعقار أدى لانفجار الحويصلات الهوائية بالرئة، لكن طبيب الطب الشرعى ذكر أنه لا يمكن الجزم بوجود شبهة جنائية فى الوفاة». وبعد ذلك حاول المستشفى الحصول على توقيع «بشرى» أنها تسلمت جثة والدها وأنه لا شبهة جنائية فرفضت: «وقعت على ورقة كتبت عليها: تسلمت جثة والدى بناءً على تقرير طبيب شرعى حتى لا يضيع حقى وحق والدى فيما بعد، وأستطيع مقاضاة المستشفى». تختم بشرى بدوى شكواها فتقول: «أثناء خروجى بالجثة همس بعض العمال فى أذنى وأخبرونى بأن والدى ليس الحالة الأولى التى تموت بذلك الشكل، وأن المستشفى لن يتصل بنا لدفع مستحقاته حتى نسكت، وبعد أكثر من أسبوعين من وفاة والدى لم يتصل المستشفى بالفعل لمطالبتنا بالمبلغ المتبقى، والمصيبة أن القانون غير رادع بحيث يعتبر تهمة الإهمال تلك مجرد جنحة يتم وقف الطبيب فيها عن مزاولة المهنة لفترة ولا يتم شطبه بسببها بأى حال».