الإسكندرية.. حياة هادئة وعمل متواصل للأجانب.. و«البنغال» الأكثر انتشاراً بالمناطق الصناعية
![عامل بنجلاديشى فى أحد مصانع الملابس الجاهزة بالمنطقة الصناعية غرب الإسكندرية](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/2882612521541526453.jpg)
عامل بنجلاديشى فى أحد مصانع الملابس الجاهزة بالمنطقة الصناعية غرب الإسكندرية
تكتظ عروس البحر المتوسط بالعديد من الوافدين من دول أفريقية وآسيوية، يعملون بها منذ سنوات، ومع اتخاذ الحكومة حزمة من الإجراءات للنهوض بالاقتصاد، وعودة الصناعة مرة أخرى إلى مكانتها الطبيعية، أصبح كثير من مصانع الإسكندرية محط أنظار العمالة الخارجية، فى ظل توافر العديد من الشروط التى جذبت المستثمر والعامل الأجنبى، منها الأمن والأمان والاستقرار، وسهولة الإجراءات الحكومية، حتى أصبحت الإسكندرية واحدةً من أكثر المحافظات جذباً للعمالة الأجنبية، كونها مدينة ساحلية لها تاريخ، ويوجد به منطقة حرة استثمارية، إضافة إلى عدد من المناطق الصناعية، خاصةً فى غرب المدينة، مثل العامرية والعجمى وبرج العرب.
رصدت «الوطن» حياة العمالة الأجنبية فى مدينة الثغر، ولماذا لم يرحلوا رغم الظروف العصيبة التى مرت بها مصر، وما الشروط التى يجب توافرها فى الدولة المضيفة للعمالة الأجنبية؟.. خاصةً بعد تزايد أعداد العمال الأجانب الوافدين من بنجلاديش داخل مصانع الملابس الجاهزة، إلى أن وصل عددهم إلى أكثر من 5 آلاف عامل، وفق تقديرات شبه رسمية.
عامل «بنغالى» يمتلك مصنعاً بعد عمل 10 سنوات: أحب العمل مع المصريين.. والدولة تساعدنا فى تخطى جميع العقبات
«محمد حميد»، 37 سنة، عامل وافد من بنجلاديش، جاء إلى الإسكندرية منذ 10 سنوات، عمل فى أحد مصانع الملابس الجاهزة لسنوات طويلة، وتزوج من مصرية، وأصبح الآن واحداً من أصحاب المصانع بالمنطقة الصناعية الحرة، ويقوم بتصدير منتجاته للخارج، تحدث لـ«الوطن» قائلاً: «أعيش فى الإسكندرية منذ عشر سنوات، جئت للعمل فى إحدى شركات الملابس الجاهزة بالمنطقة الحرة، وبعد فترة بدأت أعمل لحسابى، ثم قمت بفتح ورشة صغيرة لتصنيع الملابس، وأمتلك الآن مصنعاً للملابس الجاهزة»، وأضاف رجل الأعمال البنغالى: «أنا بحب مصر جداً، وأعشق المصريين، وتزوجت من مصرية، معنديش أى مشاكل، وطالما أوراقى سليمة يبقى مفيش مشاكل، والحكومة بتساعدنا، والفرص للاستثمار فى الوقت الحالى جيدة جداً، والدولة بتزيل جميع العقبات»، وأشار إلى أنه يتعامل مع العمال فى مصنعه وفقاً للقوانين واللوائح المصرية، ويحرص على الالتزام بها وتطبيقها، وتابع بقوله: «العمال اللى شغالين معايا فى المصنع ملتزمون بمواعيد العمل، وتسليم الطلبيات فى مواعيدها المحددة، وأنا ملتزم معاهم بمرتب كويس، وأساعد فى توفير كافة احتياجاتهم، علشان كده بيحبونى وأنا بحبهم».
أما «رينا. م»، 27 سنة، عاملة من بنجلاديش أيضاً فى أحد مصانع الملابس الجاهزة، فقد ارتسمت على وجهها علامات الخوف أثناء وجود «الوطن» داخل المصنع، فى البداية رفضت الحديث خوفاً من ظهورها أمام الكاميرات، بينما كانت تنصت لباقى العاملين، ولكنها قطعت الحديث فجأة بقولها: «أنا هنا فى الإسكندرية بقالى 8 سنوات»، واعتبرت أن العمل فى مصر يجذب الكثيرين من أبناء جنسيتها، خاصةً بسبب فرق العملة الذى يصل إلى نحو 10 أضعاف، وأكدت أنها جاءت إلى مصر بغرض العمل وليس للدراسة، ولا توجد أى مشاكل لديها، حيث تقدم الحكومة المصرية للعمال الأجانب كافة الخدمات بكل سهولة ويسر.
وقال «زمان الحسين»، 42 سنة، أحد البنغال العاملين فى أحد المصانع بالإسكندرية، إن أغلب العمالة الأجنبية تأتى على عقود جاهزة للعمل من بعض الشركات، كما أن هناك عدداً آخر يأتون إلى هنا للبحث عن عمل، وتبدأ المرتبات التى يحصلون عليها من 400 دولار أو أكثر، حسب العقد مع الشركة، خاصةً فى المنطقة الاستثمارية الحرة، وأضاف أنه جاء إلى الإسكندرية منذ أكثر من 10 سنوات، وعاش أحداث ثورتى «25 يناير» و«30 يونيو»، وأضاف: «شاهدت مدى حب المصريين لبعضهم البعض، أعيش فى شقة مع مجموعة من زملائى من بنجلاديش، شباب المنطقة كانوا يقومون بحمايتنا أثناء أحداث الثورة الأولى، ولم يتعرض أحد منهم إلى أذى، وهذه من أكثر الأشياء التى جعلتنى أتمسك بأن أواصل حياتى هنا»، لافتاً إلى أنه تزوج من فتاة مصرية، وأنجب منها طفلين، مؤكداً أنه لا يوجد معه مشاكل مع أى جهة، مشيراً إلى أن «أهم ما يميز المصريين مساعدتهم، علشان تقدر تنجح».
صاحبة مصنع: لديهم خبرة ولا يتركون العمل إلا بعد انتهاء المطلوب منهم
وفى المقابل، قالت «رقية محمود»، 22 سنة، عاملة مصرية بمصنع يمتلكه رجل أعمال بنغالى، إنها تعمل فى المصنع منذ 3 سنوات، وفى مجال الملابس الجاهزة منذ 5 سنوات، وأضافت أن «أغلب مصانع المنطقة الحرة تعتمد على العمال البنغال أكثر من المصريين، خاصةً فى صناعة الملابس الجاهزة»، مشيرةً إلى أنها عملت مع جنسيات مختلفة، لكن أغلب العمال من الهند وبنجلاديش، ووصفتهم بأنه «شاطرين وملتزمين وجادين فى العمل، وبيتعلموا عربى بسرعة»، وقالت إنها فى بداية التعامل مع صاحب المصنع لم تكن تعرف ماذا يريد، ولكن مع مرور الوقت، تمكنت من فهم حديثه لها، وأكدت أنه شخص «بيحب شغله كثيراً، ويهتم بجودة المنتج والخامة المستخدمة، والتسليم فى الميعاد المحدد».
وقالت «ريتاج أحمد»، 29 سنة، صاحبة مصنع ملابس، إن لديها عدداً من العمال الأجانب فى المصنع، وغالبيتهم من بنجلاديش، ويتم التعامل معهم بالمثل أسوة بالمصريين، إلا أنها أكدت أنهم «أكثر التزاماً، ولديهم خبرة كبيرة فى تصنيع الملابس الجاهزة، ولا يتركون العمل إلا بعد انتهاء العمل المطلوب منهم»، وأشارت إلى أنها تقوم بتوفير جميع الخدمات لهم من سكن وطعام، وجميع مستلزماتهم، وهم يقومون بتسليم الإنتاج كاملاً دون عيوب، وبجودة عالية للتصدير للخارج، وأنها تتعامل معهم منذ 6 سنوات، ولا توجد أى مشاكل من جانبهم، وأكدت أن الحكومة تقوم بتسهيل الإجراءات الخاصة بهم، وذلك لمن يملك أوراقاً سليمة، أما المخالفون فيتم ترحيلهم، وأكدت أن كثيراً من مصانع المنطقة الحرة بها عمالة أجنبية، بالإضافة إلى مدينة برج العرب الصناعية.
ومن جانبه، وصف رئيس الاتحاد المحلى لنقابات العمال بالإسكندرية، فتحى عبداللطيف، العمالة الأجنبية بأنها «خطر يهدد الدولة» فى ظل وفرة العمالة المصرية، مشيراً إلى أن العمال الأجانب ينتشرون بكثافة فى منطقة برج العرب الصناعية، وفى المنطقة الحرة غرب المحافظة، ويقوم بعض رجال الأعمال باستقدامهم من الخارج بسبب قلة التكلفة وفرق العملة، خاصةً من دول شرق آسيا، مثل الهند وبنجلاديش، ويقومون بتأجير شقق لهم، يقيم فيها من 5 إلى 10 أشخاص، دون التزام عدد من أصحاب الأعمال مع غالبيتهم بعقود عمل دائمة، وأضاف «عبداللطيف»، فى تصريحاته لـ«الوطن»، أن قانون العمالة الأجنبية ينص على جذب العمالة الخارجية، فى حالة تدريب العمالة المحلية على ماكينات جديدة، أو مهنة مستحدثة، وذلك لفترة معينة من 6 شهور إلى سنة، ولمدة محددة، وأكد أن الكثير من العمال الأجانب لا يمتلكون أوراقاً أو وثائق رسمية للعمل بصورة شرعية، ويتم ترحيل المخالفين منهم من قبل الحكومة فى حالة كشف أمرهم، مشيراً إلى أن هذه العمالة تؤثر تأثيراً كبيراً على العمالة المصرية، خاصةً أن كثيراً من الشباب يبحثون عن عمل دون جدوى.