"فتوح" فنان المنسوجات اليدوية: "الخيامية المطبوعة خربت بيتنا"

كتب: رنا علي

"فتوح" فنان المنسوجات اليدوية: "الخيامية المطبوعة خربت بيتنا"

"فتوح" فنان المنسوجات اليدوية: "الخيامية المطبوعة خربت بيتنا"

مأذنتان على باب زويلة العريق هما مدخل أكثر شوارع الحرفيين قدماً، الطريق القصير الضيق، بيوته متلاصقة وغير متسعة المساحات، دكاكينه مؤمنة بأبواب مزدوجة، ألواح خشبية يقويها من الخلف قضبان من الحديد السميك القديم، الناس تجمعهم وحدة المكان و"الصنعة"، كانوا على قلب رجل واحد فى تأمين منطقتهم وحماية محالهم وبيوتهم، "صناعة الخيامية" السر الذى يحفظ الترابط الانسانى بين أبناء منطقة "الأزهر الشريف". "خان الخيامية".. شارع قديم رائحة المسك والبخور تفوح منه لتعطيه لمسة من التراث القديم، فيه تمتزج اشعة الشمس مع خيوط عماله لتنسج مهنة كانت تنفرد بها مصر عن بقية الدول العربية، منذ بدايتها في عصر المماليك استطاع الفنان المصري نسج خيام الأمراء بل وأبدع في زخرفتها ومن هنا اطلق علي الخان اسم "الخيامية" نسبة للحرفة القائمة عليه، وهي فن التطريز علي القماش بواسطة الإبر التي تبدأ منها رحلة "الخيامي" في نسج خيوطه الملونة بعضها البعض لتصبح صورة حية تمتاز بدقه وجودة عالية في صناعة المفروشات والتبلوهات المطرزة. "المهنة دي انا خدتها أباً عن جد، بس دلوقتي سوقها بقي ضعيف الخيامية المطبوعة غطت علي شغلنا ودا اسمه خراب بيوت" مأساه يعيشها "طارق فتوح" الذي قضي ربع قرن في "فن الترك".. الاسم الآخر للخيامية ويعني "الرسم بالإبر" اوشك الآن علي الانقراض بسبب غزو المنتجات الصينية وفن الطباعة الجاهزة الذي يعتبر ارخص كثيرا من تكلفة "الهاند ميد"، "كان زمان شغلنا بيستخدم في الفراشة لعمل صوانات المآتم و الافراح وكان سعر "اللفة" بيوصل لـ 25 جنيه وكانت بتعيش.. مش دلوقتي!" يذكر "الرجل الاربعيني" ذكريات ذلك الفن الذي يراه الأجود علي عكس التطور الحالي، فظهور ماكينات لطبع التصميمات على القماش بنفس الدقة جعل تجار الفراشة يستعيضون به عن "الخيامية"، واللجوء للطباعة الحديثة منخفضة التكاليف وزهيدة السعر. يضيف "فتوح" الحاصل علي ليسانس الحقوق أنه فضل العمل بمهنة آباءه وأجداده، لانه يجد فيها ملاذه وراحته النفسية مصنفا نفسه أنه فنان من الطراز الاول، على الرغم من كثرة "الدكاكين" في الخان التي يصل عددها إلى 60 دكاناً، "فتوح" يرى محله أكثر روحانية و مشغولاته تبلغ بدقتها وسحر الوانها جمالاً خاصاً، وعلي ذكر المشغولات يقول " الحتة البسيطة اللي مفيهاش تفاصيل ممكن تاخد مني من 3 إلي 4 أيام، أما اللي فيها تفاصيل وتطريزها قريب من بعضه ممكن تقعد بالاسبوع و 10 أيام" ساعات طويلة تُستغرق لصنع تحفة فنية أصيلة ولكن اصبح الركود مصيرها، ويكمل "السياحة بعد ما انضربت شغلنا تدهور أكتر ومش بعيد تاكله العتة ودا بسبب قلة الدعاية للمهنة اللي زمان كانت بيتعملها معارض خاصة في بلاد بره دلوقتي لا حصّلت بره ولا جوه".