مصرفيون: «تحرير سعر الصرف» أنقذ مصر من «كارثة»

كتب: إسماعيل حماد

مصرفيون: «تحرير سعر الصرف» أنقذ مصر من «كارثة»

مصرفيون: «تحرير سعر الصرف» أنقذ مصر من «كارثة»

أكد عدد من القيادات المصرفية العاملة فى السوق المحلية أن تحرير سعر الصرف جاء كخطوة جريئة فى إطار برنامج إصلاحى متكامل، وساهم فى إنقاذ مصر من وضع كارثى، لافتين إلى أنه كان بمثابة نقطة تحول فى تاريخ مصر الاقتصادى.

وأكد المصرفيون لـ«الوطن» أن «التعويم» ساهم فى بناء احتياطى أجنبى قوى، وعزز من قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها تجاه العالم الخارجى وتوفير النقد الأجنبى اللازم للسوق المحلية، والقضاء على أزمات الشركات الأجنبية العاملة فى مصر، واختفاء السلع من الأسواق وأعاد الاتزان للسوق، وهيأ المناخ للاستثمار وتعزيز موارد البلاد من العملة الأجنبية.

وقال طارق فايد، رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة، إن الوضع قبل تحرير سعر الصرف كان فى غاية الصعوبة، ولم يكن يسير فى الاتجاه الصحيح، حتى وصل الاحتياطى الأجنبى للبلاد إلى أدنى مستوياته، نتيجة قيام البنك المركزى فى ذلك الوقت بضخ كميات من العملة الصعبة فى الأسواق لتلبية الاحتياجات الأساسية لمصر من الخارج.

{long_qoute_1}

أضاف «فايد»: «كان هناك خلل واضح فى السوق نتيجة وجود السوق السوداء وصلت إلى ذروتها، وتمكنت فى ذلك الوقت من التحكم فى جزء كبير جداً من النقد الأجنبى داخل مصر، الأمر الذى جعل مهمة البنوك فى توفير العملة الصعبة لتلبية احتياجات السوق فى غاية الصعوبة، لأن حصيلتها الدولارية كانت فى انخفاض».

ولفت إلى أن وجود السوق السوداء كان سبباً مهماً فى عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار فى مصر، وهو ما ساهم أيضاً فى انخفاض موارد البلاد من النقد الأجنبى، فضلاً عن المشكلات التى كانت تواجه المستوردين فى إتمام صفقات الاستيراد الخاصة بالسلع المختلفة ومدخلات الإنتاج وغيرها نتيجة عدم توافر الدولار، وأدى ذلك إلى وجود قوائم انتظار كبيرة على العملية التجارية، وترتب عليه أن المصانع التى لم تكن تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، مما هدد بتسريح العمالة بها.

وأكد «فايد» أنه كان لا بد من وجود حل جذرى لتلك الأزمات التى كانت تهدد الاقتصاد الوطنى بأزمة كبيرة، لافتاً إلى أنه فى ذلك الوقت كان لدى البنك المركزى المصرى رؤية واضحة لحل المشكلة بقرار جرىء لإنقاذ الاقتصاد المصرى، وهو تحرير سعر الصرف.

وأوضح أنه بمجرد إصلاح منظومة تداول النقد الأجنبى فى السوق المحلية بقرار «التعويم» ظهرت النتائج الإيجابية واحدة تلو الأخرى، حيث شهدنا طفرة فى النشاط الاقتصادى بمختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة، وعادت المصانع إلى الإنتاج بطاقات أكبر وتوظيف عمالة أكثر بدلاً من تسريحها.

وتابع: «الأزمة لم تكن فى سعر الصرف، بل فى توافر النقد الأجنبى وتوفير السلع، حيث إن السوق كانت مهددة بنقص السلع وهو ما شهدناه فى الآونة الأخيرة، أيضاً سعر الدولار فى السوق السوداء كانت فى ارتفاع متواصل، ولم يكن أحد سيستطيع السيطرة عليه بسبب تداوله فى السوق السوداء التى كان هدفها الأول تحقيق الأرباح من المضاربات على حساب الاقتصاد الوطنى».

وأشار «فايد» إلى أن الأزمات فى توفير العملة والاحتياجات الأساسية تبددت بعد تحرير سعر الصرف، حيث ارتفعت موارد البلاد من العملة الصعبة، وارتفاع حصيلة البنوك منها أيضاً، بالإضافة إلى ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى مستوى تاريخى، وأصبحت البنوك قادرة على تلبية احتياجات السوق، وارتفعت الثقة فى الاقتصاد المحلى من قبَل المستثمر الأجنبى الذى كان متخوفاً من وجود السوق السوداء.

{long_qoute_2}

من جانبه، أكد ماجد فهمى، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال، أن «الوضع كان كارثياً قبل تحرير سعر الصرف، حيث شهدت تلك الفترة أزمة كبيرة فى توفير النقد الأجنبى، وهو ما هدد باختفاء السلع من الأسواق، وهو ما بدأنا نشهده على أرض الواقع»، مؤكداً أنه على الرغم من ارتفاع أسعار السلع بعد «التعويم»، إلا أن الأمر أصبح مستقراً فى الوقت الحالى، لأنه بدون «التعويم» لم يكن أحد فى استطاعته وقف نزيف الاحتياطى الأجنبى للبلاد من ناحية، أو السيطرة على السوق السوداء التى التهمت «دولاراتنا القليلة» فى ذلك الوقت، فضلاً عن تباطؤ النمو الاقتصادى وتعطل الكثير من المشروعات، وهو ما كان بمثابة تهديد واضح بتسريح العمالة.

ولفت إلى أن تحرير سعر الصرف ترتب عليه القضاء على السوق السوداء، وانتهاء عصر طوابير الانتظار لعملاء الاستيراد، وانتهاء مشكلة نقص فى السلع الأساسية، بالإضافة إلى استعادة البنوك سيطرتها على سوق العملة الأجنبية التى سيطرت عليها السوق السوداء لفترة طويلة، وهو ما كان بمثابة عامل جذب لاستثمارات أجنبية كبيرة، خاصة فى أسواق المال وأدوات الدين الحكومية، مضيفاً: «حتى الشركات الأجنبية العاملة فى مصر لم تكن قادرة على تحويل أرباحها للخارج، فضلاً عما شهدناه قبل (التعويم) من مشكلات خاصة بمستحقات الشركات الأجنبية، خاصة العاملة فى مجالات البترول والطيران».

وأكد «فهمى» أن الاقتصاد المصرى فى حالة أفضل حالياً بلا شك، وبدأنا نشهد ارتفاعاً فى أنشطة مختلفة مثل السياحة والصادرات، قائلاً: «نتطلع إلى زيادتها بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة».

ولفت إلى أن البنك المركزى كان يضخ الدولار لتوفير العملة اللازمة لاستيراد السلع الأساسية إلى أن تم استنزاف الاحتياطى النقدى الأجنبى، لكن تحرير سعر الصرف ساهم فى بناء احتياطى قوى وتاريخى.

وقال «فهمى» إن قرار «التعويم» كان لا بد منه، مؤكداً أن الأسعار كانت آخذة فى الارتفاع بشكل مخيف، لم يكن أحد سيستطيع السيطرة عليها لو لم يكن هناك قرار بتحرير سعر الصرف، مشيراً إلى أنه رغم ارتفاع الأسعار فى الوقت الحالى إلا أن نمو التضخم آخذ فى التباطؤ، ونسبة الزيادة فى أسعار السلع أصبحت أبطأ، وهو من الآثار المهمة لعملية تحرير سعر الصرف، التى كانت تستهدف ضبط السوق وإعادة الاتزان إليها مرة أخرى، لافتاً إلى أن الأزمة ليست فى الأسعار، بل فى عدم توافر السلع فى الأسواق من الأساس وهى المشكلة التى قضى عليها «التعويم».

وأكد السيد القصير، رئيس البنك الزراعى المصرى، أن برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى ساهم فى رسم توجه مصر نحو الطريق الصحيح، قائلاً: «علينا أن ننظر إلى تقييم المؤسسات المالية الدولية ومؤسسات الائتمان ووكالات التصنيف العالمية، فجميعها أشادت ببرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى».

وأشاد «القصير» بقرارات «المركزى» فى إدارة السياسة النقدية وسعر الصرف فى ظل الدعم الكبير لهذه القرارات من القيادة السياسية، حيث ساهم تحرير سعر الصرف فى تحسين مناخ الاستثمار، والقضاء على السوق السوداء للعملة، وأدى إلى خلق ميزة تنافسية للصادرات المصرية، وشجع السياحة المصرية.

وتابع: «لولا بعض الظروف المعاكسة التى تحدث أحياناً، لكان الوضع فى هذا الإطار كبيراً ومشجعاً، فمصر دولة جاذبة للسياحة، وندعو جميع المستثمرين للاستثمار فى مصر لتحقيق كثير من المكاسب»، مؤكداً أن الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى أصبحت الآن نموذجاً مستهدفاً لكثير من الدول التى تسعى إلى تطبيقه.

ووصف يحيى أبوالفتوح، نائب رئيس البنك الأهلى المصرى، قرار تحرير سعر صرف الجنيه بأنه من أهم القرارات التى اتخذتها مصر فى عصرها الحديث، لافتاً إلى أن القرار انعكس بشكل إيجابى على الاقتصاد المصرى، وساهم فى عودة تدفق العملات الصعبة على الجهاز المصرفى بعد أن كانت تتم من خلال السوق السوداء.

وأكد «أبوالفتوح» أن كافة المؤشرات المالية والنقدية تشير إلى تحسن كبير فى الوضع الاقتصادى بفضل برنامج الإصلاح، ويعكس ذلك التطور الكبير الذى شهدته مؤشرات الاحتياطى النقدى والبطالة والميزان التجارى وميزان المدفوعات، وكذلك تقارير المؤسسات الدولية التى أكدت أن مصر تسير على الطريق الصحيح بفضل الإصلاحات الاقتصادية التى تقوم بها الحكومة.


مواضيع متعلقة