حبيب العادلى والإخوان..!

لا مراجعة فيما قاله حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، أمام المحكمة، التى تنظر إعادة محاكمة قادة الإخوان فى قضية التخابر مع حماس، عن دور الإخوان وحماس فى أحداث يناير ٢٠١١، خاصة ما يتعلق بتصعيد صور الاحتجاجات التى شهدتها ميادين بعض المحافظات، خاصة ميدان التحرير، لقد تدرج الإسهام -أو الإجرام- الإخوانى الحمساوى فى تصعيد شكل الاحتجاجات الشعبية، بصورة توحى بسقوط النظام، بحشد الأنصار للخروج عقب أداء صلاة جمعة يوم ٢٨ يناير، التى سموها جمعة الغضب، وبإشعال النيران فى العشرات من أقسام ومراكز الشرطة والآلاف من سيارات الشرطة أيضاً، وبتعمد إخراج آلاف المسجونين!

ولعل الصورة البالغة التأثير، التى تمت صناعتها بإحكام، صورة سيارة السفارة الأمريكية التى دهست المتظاهرين فى شارع قصر العينى، وتبين بعد ذلك أن قصة سرقة أكثر من عشر سيارات من جراج السيارات التابع للسفارة الأمريكية، كانت كذبة وراءها مسئول بأمن السفارة وفى الوقت ذاته كان أحد كوادر الإخوان!

وأضيف أن التآمر الإخوانى الحمساوى، قائم وموجود وتعددت أشكاله وصوره قبيل عام ٢٠١١، وكانت إحدى صوره الواضحة تظاهرة أو استعراض ميليشيات جامعة الأزهر فى بدايات العام ٢٠٠٦، يومها نظم عشرات من طلبة جامعة الأزهر عرضاً عسكرياً داخل الحرم الجامعى، بطريقة تتطابق مع الاستعراضات والتدريبات التى تؤديها وتمارسها عناصر الجناح العسكرى لحركة حماس، وبذات الملابس التى تتشابه مع ملابس قوات الجيش والشرطة!

التآمر الإخوانى الحمساوى، كما قال الوزير، كان مدعوماً من جانب أجهزة استخبارات عديدة، فى مقدمتها أجهزة الاستخبارات الأمريكية، التى تزايدت إسهاماتها وتعاونها مع الإخوان بعد سقوط مبارك، وإذا أردنا أن نعدد صوراً أخرى للتآمر الإخوانى مع حماس ومع المخابرات الأمريكية وغيرها، فسوف نحتاج إلى مساحات واسعة للحكى والسرد وبالوثائق المؤكدة، وكما أشرت فإنى أتفق مع اللواء العادلى فيما قاله بشأن التآمر الإخوانى، إلا أنى أختلف بشدة مع الوزير الأسبق فيما قال بأنه أدار المواجهات أو تطور الأحداث بحرفية وتمكن، وأختلف مع الوزير فيما سعى من وراء رواياته أمام المحكمة إلى استصدار شهادة إبراء ذمة حول دوره فى إدارة أمور جهاز الشرطة.

وللدقة، فإنى أفرق فيما أقول بين دور العادلى ومعاونيه وبين أداء جهاز الشرطة، فقد كان الجهاز مغلوباً على أمره من حبيب العادلى نفسه الذى دفع بجهاز الشرطة ليكون أداة فى يد رموز الحزب الوطنى، الذين استخدموا الجهاز لصنع النتائج التى أرادوها لانتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى وللانتخابات البرلمانية اللتين جرتا فى العام٢٠١٠. جهاز الشرطة كان ضحية أيضاً لتعليمات وزير الداخلية الأسبق وخطتيه لمواجهة مظاهرات يوم الثلاثاء ٢٥ يناير والجمعة ٢٨ يناير ٢٠١١، فى الأولى كانت خطة الوزير وتكليفه للشرطة بمنع المتظاهرين من التوجه إلى مقر وزارة الداخلية، فتم حشد القوات بميدان التحرير وتم إجبار المتظاهرين على التجمع بالميدان، وفى الثانية كان هدف الخطة منع المتظاهرين من دخول ميدان التحرير، ولكن الإنهاك الذى أصاب الشرطة جعلها تفشل فى تنفيذ ما طلبه الوزير، وكان القرار غير الموفق للوزير أيضاً ذلك القرار الذى أصدره ليلة ٢٦ يناير بإخراج المتظاهرين من ميدان التحرير بالقوة، وهو مانقلته قناة الجزيرة على الهواء مباشرة، ما أشعل نفوس المتظاهرين وجعل الإخوان يشعرون بمدى ضعف النظام وأغراهم بالدخول كطرف عال ومهيج بعد أن أعلنوا فيما سبق إحجامهم عن المشاركة! أشير إلى أنى أهدف من وراء ما أقول إلى أن نستخلص العبر والدروس حول الدور الأمثل الذى يجب أن يقوم به جهاز الشرطة لخدمة أمن الوطن والشعب وليس لخدمة أى هدف آخر.