«هنا نصلى معاً».. وفرصة وزارة السياحة الأخيرة..!
- الخطوط الثلاثة
- جهاز تشغيل
- رئيس جهاز
- مترو الانفاق
- الخطوط الثلاثة
- جهاز تشغيل
- رئيس جهاز
- مترو الانفاق
- الخطوط الثلاثة
- جهاز تشغيل
- رئيس جهاز
- مترو الانفاق
عندما ارتفع أذان صلاة الجمعة أمس هناك فى جنوب سيناء دقت أجراس كنيسة سانت كاترين ليتعانق الأذان مع رنات جرس الكنيسة ليعيدا مشهداً ليس غريباً أبداً على مصرنا التى اعتادت ذات السيناريو من مئات السنين، فأذان المسجد: «أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله».. وأجراس الكنيسة: «بسم الأب والابن والروح القدس إله واحد.. آمين»، وحدا الجميع منذ مئات السنين، وهم فى طريقهم إلى أى من المسجد أو الكنيسة دون أن يشغل بال أحدهم ما يفعله الطرف الآخر، فهذا يرفع يديه بالتكبير وذاك يرسم «صليب عيسى» ليبدآ صلاتهما، فالكل يعبد الله سبحانه وتعالى أملاً فى رضوانه وهو العلى العظيم.
فبمشاركة أكثر من 20 سفيراً ونحو 10 وزراء بعثت مصر أمس برسائل سلام ومحبة وأمان لكل العالم من خلال «ملتقى الأديان تحت شعار هنا نصلى معاً»، عبر أقدم دير فى العالم وثانى مزار دينى بعد الفاتيكان، إلى جانب المسجد الفاطمى اللذين يمثلان قطعة من «وادى طوى» أقدس المواقع لدى كافة الأديان السماوية، حيث تجلى الله سبحانه وتعالى على نبيه موسى عليه السلام ليلقنه الوصايا العشر «فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّى آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّى آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِى مِن شَاطِئِ الْوَادِى الأَيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّى أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ».. القصص: 29-30.
وجاء اختيار هذا الموقع لإقامة «ملتقى الأديان» اختياراً ذكياً للغاية، حيث يوجد الدير والمسجد والشجرة المباركة، فربما يعوض هذا الاختيار تلك الفرص التى توالت على مصر خلال الشهور الماضية لتنشيط حركة السياحة، وبخاصة الدينية، التى تبلورت فى زيارة بابا الفاتيكان للقاهرة ودامت نحو 26 ساعة وبعده لاعب الساحرة المستديرة «ليونيل ميسى» فى فبراير من العام الماضى، ويليه بعد شهر واحد الممثل العالمى «ويل سميث»، ثم مبادرة البابا «أيقونة العائلة المقدسة» لدعوة مسيحيى العالم -نحو 2مليار مسيحى- لزيارة مسار العائلة المقدسة.. وهى الفرص التى كانت تكفى واحدة منها لإنعاش حركة السياحة الدولية لمصر، والتى جرى تجميدها منذ سنوات بسبب حادثة الطائرة الروسية التى ما زلنا نعانى من آثارها حتى الآن، ونتعرض بسببها لحالة من المماطلة نتيجة تضاربنا فى مواجهة اتهامنا بالتورط فى هذا الحادث، غير أنه للأسف أضاعتها وزارة السياحة لعدم قدرة مسئوليها -والأصح أن نقول فشلهم- فى استثمارها سياحياً نتيجة البيروقراطية العنكبوتية للقائمين على الملف السياحى..!
واقع الحال يؤكد أننا فشلنا فشلاً ذريعاً فى استثمار هذه الزيارات بدلاً من أن تكون بداية لانفتاح سياحى غير محدود إذا ما كانت وزارة السياحة وهيئة تنشيطها أحسنت استثمار هذه المناسبات، التى كان من الممكن تحقيق نتائج منها لا نستطيع أن نصل إلى أى منها حتى ولو أنفقنا ملايين الدولارات لتسويق المنتج السياحى المصرى، خاصة السياحة الدينية..!
وإذا كانت وزارة السياحة أكدت فى نهايات العام الماضى استعدادها لاستقبال طليعة أفواج مسيحيى أوروبا والعالم بعد نحو 6 أشهر فقط -أى فى شهر مايو الماضى إلا أنه مر دون أن نحقق أى شىء- فإن إقامة الملتقى أمس جاءت فرصة ذهبية للوزارة لإنهاء حالة القلق التى اشتعلت فى ذاكرة المواطنين تجاه إمكان نجاح السياحة فى استثمار الفرص التى تتوالى علينا، إذ إن موقع هذا الملتقى يعد من الأماكن السياحية التى يُقبل عليها الزوار بشكل كبير، حيث يتسلق السياح الوادى المقدس بعبور درج مكون من 3٫750 خطوة تُعرف باسم «خطوات الندم»، وهى منحوتة من الحجر على يد رهبان دير سانت كاترين، وتقع بالقرب من السفح الشمالى الشرقى للجبل، ليصلوا مع بلوغ ذروة شروق الشمس إلى مدرج طبيعى يُطلق عليه اسم «حكماء إسرائيل السبعة» للوصول إلى القمة، حيث توجد «كنيسة الثالوث الأقدس» التى أُنشئت فى عام 1934م، ويُعتقد بأنّ سيدنا موسى انتظر فى هذا المكان لكى يستقبل «الألواح»، وعند الوصول إلى قمة «الوادى المقدس طوى» يطل السائح على السلاسل الجبلية المحيطة بالوادى، والوديان الكثيرة، والعديد من الآثار الموجودة.
هذا من جانب الاستثمار السياحى، أما من جانب استرداد صورة مصر الحقيقية.. مصر التى لا تفرق بين من يحمل فى يده «مسبحة» ومن يرسم على ساعده «صليباً».. مصر المحبة والتعايش السلمى بين مواطنيها.. مصر التى تتبادل فيها «أسرتا محمد وبيشوى» أطباق حلوى رمضان.. مصر التى تتجاور «أم أحمد والخالة دميانة» فى أى قرية أو نجع بالصعيد وقد اعتادتا تبادل ما ينقص الدار من «فصين توم.. أو كباية سكر أو زيت».. مصر التى تطبق «مدنية الدولة وحقوق المواطنة»، قبل أن يتضمنهما بنود الدستور.. مصر التى يمد فيها «بطرس» يده مهنئاً «مصطفى» بعيد الفطر المبارك أو الأضحى ويتبادل أحمد تعبير «كل سنة وأنت طيب» مع «رأفت» فى عيد القيامة وصيام العذراء.. مصر التى ستظل «تعيش فينا ولا نعيش فيها» كما قال قداسة البابا شنودة، وهكذا كنا وهكذا يجب أن نستمر..!
أبداً لن تتحقق أوهام «أثرياء الدم» من جماعة الإخوان وفروعها من الإرهابيين بأن بإمكانهم أن يصبح الوطن كله «مصلوباً» وأن يتحول مواطنوه جميعاً إلى «معتقلين» داخل جدران الخوف على مستقبل وطن سعت أياديهم المحمومة كثيراً إلى محاولة تشويه ملامحه التى ارتسمت فى وجداننا عبر عشرات بل مئات السنين.. أبداً لن يشكل أبناؤه ميليشيات تواجه بعضها بعضاً من خلف متاريس الكراهية والحقد أو الثأر.. فنحن أبعد عن أن ننزلق فى هاوية الفتنة الطائفية بل إننا سنصبّ جامّ غضبنا على جماعات العنف، وسنطلق رصاصات القصاص على من اختار أن يواجه إرادة شعب واحد.. إذ إن «قابيل وهابيل» كانا فصلاً فى تاريخ مضى ولن يعود، ولن يجد أحد من «شيوخ الفتنة» أى «غراب» ليلقن أحداً كيف يدارى «سوءة أخيه».. ولك يا مصر ولمواطنيك السلامة دائماً.