اكتشاف الصدفة.. عالم مصريات يوضح أهمية لوحة طرد الهكسوس بكوم أمبو

كتب: عبدالرحمن قناوي

اكتشاف الصدفة.. عالم مصريات يوضح أهمية لوحة طرد الهكسوس بكوم أمبو

اكتشاف الصدفة.. عالم مصريات يوضح أهمية لوحة طرد الهكسوس بكوم أمبو

لوحة مصنوعة من الحجر الجيري، مفقودٌ أحد أجزائها، تعيد معبد كوم أمبو إلى عصر التحرير، عثرت عليها البعثة الأثرية المصرية بمنطقة كوم أمبو برئاسة الدكتور محمد النجار، يظهر عليها شخصان يقدمان القرابين للملكة تيتي شيري، والملكة أحمس نفرتاري، وعليها نصوص للملكة تيتي شيري تلقبها بأم الملك وسيدة الأرضين، حسب مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.

اللوحة الأثرية التي اكتشفتها البعثة الأثرية هي أحد اكتشافات الصدفة المهمة للغاية في منطقة كوم أمبو، حسب الدكتور بسام الشماع، المؤرخ وعالم المصريات، موضحًا أن اللوحات الأثرية المكتشفة في الفترة الأخيرة، أكثر أهمية من المقابر والمعابد، مثل لوحة "سيتي" التي اكتشفت منذ فترة في نفس المنطقة.

الشماع أكد لـ"الوطن" أن أهمية تلك اللوحات تكمن في تأكيد مصرية منطقة كوم أمبو، حيث إن المنطقة مشهورة بالمعبد الذي بني إبان فترتي الغزو الروماني واليوناني لمصر القديمة، مشيرًا كذلك إلى البطالمة كانوا يبنون المعابد في مناطق المصريين المقدسة لاكتساب ثقتهم ومحبتهم.

اللوحة المكتشفة مؤخرًا في منطقة كوم أمبو لها أهمية تاريخية، حيث إنها تتعلق بشخصيات لها تأثير في التاريخ المصري القديم من الناحية العسكرية ومن ناحية وضع المرأة في المجتمع المصري القديم، وفقًا لعالم المصريات، لافتًا إلى أن اللوحة تدل على المعاملة الراقية التي كانت تلقاها المرأة المصرية في العصر الفرعوني، في الوقت الذي كانت تعامل فيه باقي الشعوب المرأة بشكلٍ لا يليق بآدميتها.

شخصيتان هامتان في التاريخ المصري القديم، تشير لهما اللوحة، على حد قول الشماع، لافتًا إلى أن اولهما الملكة أحمس نفرتاري، واسمها الصحيح هو "إيعاح-مس-نفرت-إيري"، وتعني مولودة القمر الجميلة للغاية، وعاشت في الفترة من عام 1570 وحتى عام 1505 قبل الميلاد، وهي فترة طويلة بالنسبة لمتوسط اعمار المصريين القدماء.

قاموس مصر القديمة، والذي أنتج بالتعاون مع المتحف البريطاني، قال عنها إنها ربما تكون أكثر النساء الملكيات تأثيرًا في الدولة الحديثة، كما أوضح المؤرخ، مردفًا أنها تمتلك العديد من الألقاب السياسية والدينية تشبه ألقاب جدتها تيتي شيري ووالدتها إيعاح-حتب الأولى.

أهم ألقاب إيفرت-إيري، التي أشار لها الشماع، هي موت-نسو، والتي تعني أم الملك، حيث أنها ام الملك الشهير أمنحتب الأول، بالإضافة إلى لقب حمت-نسو-ورت، والتي تعني الزوجة الرئيسية للملك، حيث كانت زوجة الملك إيعاح-مس الأول، الشهير بالملك احمس طارد الهكسوس.

عالم المصريات أكد أن زوجة أحمس كانت أول سيدة ملكية مصرية تحصل على لقب حمت-نتجر، أي زوجة الرب، مؤكدًا أنها كانت لها مكانة كبيرة في الدولة، حيث كانت موجودة أثناء احتلال الهكسوس لشمال مصر، وربما كان لها دورٌ كبيرٌ في عملية تحرير البلاد منهم، وهو المقصود بعصر التحرير.

الشخصية الثانية التي تشير لها اللوحة هي الملكة تيتي شيري، التي عاشت بين عامي 1590 و 1540 قبل الميلاد، كما قال الشماع، مؤكدًا أنها من أهم الشخصيات النسائية في تاريخ مصر القديم، حيث كانت زوجة الملك الطيبي سنخت-إن-رع، أحد ملوك الأسرة الـ 17، وام الملك سقننرع-تاعا، واستمرت حتى أوائل الأسرة الـ 18.

ميزة كبرى تميز تيتي شيري، يراها عالم المصريات متمثلة في كونها كانت من العامة أبناء الشعب، ولم يختلط دمها أبدًا بالدماء الملكية، مشيرًا إلى انها اكتسبت حب الشعب بسبب ذلك، بالإضافة لدورها مع حفيدها الملك أحمس، خلال تحرير مصر من الهكسوس، والفوز عليهم في معركة "شارويين" في فلسطين.

احتمالان يفسران وجود اللوحة في منطقة كوم امبو، يرى الشماع ان اولهما، هو أنها كانت موجودة في مكانٍ آخر، ونقلت إلى منطقة كوم امبو، أما الاحتمال الثاني والذي تتبناه وزارة الآثار، هو انها تثبت أن المصريين القدماء كانوا يقصدون بوضعها في ذلك المكان تأمين مصر من أي هجوم غير متوقع للهكسوس، عن طريق الجنوب.

الجزء المكسور من اللوحة في حالة العثور عليه سيفسر كثيرًا من الأمور، حسب عالم المصريات، أهمها مدى وسبب القلق من دخول الهكسوس من الجنوب، وتوضيح ما إذا كانت اللوحة دينية أم سياسية وعسكرية، أم لوحة حدودية، أو حتى تشير للأغراض الثلاثة، لافتًا إلى ضرورة إيداع اللوحة بالمتحف الحربي بعد دراستها.


مواضيع متعلقة