«الوطن» تفتح ملف أهم فئات الطبقة المتوسطة.. الطبيب (2)

كتب: إسراء سليمان

«الوطن» تفتح ملف أهم فئات الطبقة المتوسطة.. الطبيب (2)

«الوطن» تفتح ملف أهم فئات الطبقة المتوسطة.. الطبيب (2)

«أقسم بالله العظيم أن أراقب الله فى مهنتى وأن أصون حياة الإنسان فى كافة أدوارها، وفى كل الظروف والأحوال، باذلاً وسعى فى استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم وأستر عوراتهم وأكتم أسرارهم وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله باذلاً رعايتى الطبية للقريب والبعيد، للصالح والخاطئ والصديق والعدو، وأن أثابر على طلب العلم أسخره لنفع الإنسان، لا لأذاه، وأن أوقر من علمنى وأعلم من يصغرنى، وأن أكون أخاً لكل زميل فى المهنة الطبية، متعاونين على البر والتقوى وأن تكون حياتى مصداق إيمانى فى سرى وعلانيتى، نقية مما يشينها تجاه الله ورسوله والمؤمنين، والله على ما أقول شهيد»، بهذه الكلمات يقسم الطبيب فور تخرجه وقبل تسلمه مهام عمله والتعامل مع المرض، ليبقى السؤال: هل يلتزم كل الأطباء بهذا القَسَم، خاصة مع ظهور حالات عديدة من الابتزاز التى يقع فيها المريض من جانب الطبيب، سواء كان ابتزازاً مادياً أو إهمالاً له فى رعايته داخل المستشفيات الحكومية، مقابل الكشف عليه فى عيادته الخاصة، ومنهم من يلقب بالتاجر أو الجزار الذى يبحث عن الأموال فقط قبل معالجة المريض.

تشوه الصورة الذهنية للأطباء، بسبب بعض الأخطاء الطبية وإهمال بعض الحالات، دفع النقابة لإعداد قانون المسئولية الطبية للتفريق بين الأخطاء الطبية الوارد حدوثها وكيفية محاسبة الطبيب حال حدوث الخطأ الطبى والإهمال مما يؤدى إلى المضاعفات الطبية، إلا أن القانون تأخر صدوره حتى الآن من البرلمان.

وقال الدكتور أسامة عبدالحى وكيل النقابة، رئيس لجنة التأديب، لـ«الوطن»، إنه من الصعب أن يحكم على مجتمع الأطباء بأكمله ولا يوافق على وصفهم جميعاً بـ«التجار»، موضحاً أن هناك نماذج للأطباء الذين يبذلون قصارى جهدهم لمعالجة المريض وإنقاذ حياته، فى ظل ضعف الإمكانيات بالمستشفيات والمستلزمات الطبية، ونقص فى الأسرة، وفى كل مجتمع يوجد الجيد والسيئ، ولا يمكن تعميم هذا الخطأ على جموع الأطباء. وعن دور لجنة التأديب بالنقابة فى محاسبة المخطئين من الأطباء، أضاف «عبدالحى»، أن معظم الأطباء ملتزمون بالقسم الذين أدوه قبل ممارسة مهام عملهم، مؤكداً أنه حال وقوع خطأ من الطبيب أو أى حادثة يُدان فيها، ويتم إخطار النقابة بها، أو عند وصول شكاوى ضد أى طبيب، تقوم لجنة التأديب داخل النقابة بإجراء تحقيق داخلى وتوقيع العقوبة المناسبة على الطبيب، مشيراً إلى أن هناك أطباء تم التحقيق معهم بالفعل، ومنهم من وصلت عقوبته إلى وقفه عن مزاولة المهنة، وشطبه من النقابة.

{long_qoute_1}

وقال الدكتور سمير على تونى، عضو مجلس نقابة الأطباء: إن لجنة الشكاوى بالنقابة تستقبل شكاوى المرضى، ويتم عرضها على لجنة التحقيق فى النقابة، ويتم دراسة ملف القضية، واستدعاء الطبيب ومقدم الشكوى والاستماع إلى أقوال كل منهما حول ملابسات الحادث، وإذا تمت إدانة الطبيب يتم عرضه على لجنة التأديب، بحضور عضو قضائى، لافتاً إلى أن العقوبة تتراوح بين لفت نظر وإنذار، وتصل إلى الشطب من النقابة والإيقاف عن مزاولة المهنة.

وأكد عضو مجلس نقابة الأطباء، أنه فى كثير من الحالات التى تأتى بها شكاوى للنقابة تكون ناتجة عن المضاعفات الطبيعية، ولا تستوجب أى إدانة للطبيب أو الفريق الطبى، بينما تتراوح عقوبات الأخطاء غير المتعمدة بين اللوم، والإنذار، والتعويض، والإيقاف عن مزاولة المهنة مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على سنتين حسب ملابسات الحالة، وقد تصل عقوبة الإهمال إلى الشطب من سجلات النقابة، وإحالة القضية إلى النيابة العامة، منوهاً بأن جميع الأحكام الصادرة عن مجلس تأديب النقابة هى أحكام معترف بها واجبة النفاذ، ويمكن الطعن عليها أمام محكمة الاستئناف.

وشدّد «تونى» على ضرورة عرض القضية على لجنة تحقيق النقابة قبل التسرّع بإطلاق أى أحكام بحق الطبيب أو الفريق المساعد، حيث تتدرج مسببات الحوادث من هذا النوع من المضاعفات الطبيعية للعمليات، إلى الأخطاء الطبية غير المتعمدة، إلى الإهمال الجسيم، موضحاً أن بعض القضايا تتضمّن ملابسات معقدة، يصعب فيها التفرقة بين الخطأ والإهمال إلا من خلال التحقيق، مشيراً إلى أن بعض عمليات الطوارئ على سبيل المثال، قد يحدث فيها أخطاء من هذا النوع نتيجة استعجال الفريق الطبى، وليس بالضرورة بسبب الإهمال.

{long_qoute_2}

وقال الدكتور محمد عبدالحميد، أمين صندوق النقابة، إن الإعلام أسهم بشكل كبير فى قانون المسئولية الطبية الذى تأخر صدوره، لا سيما أن النقابة تقدّمت به منذ أكثر من عام ونصف العام، مؤكداً أنه لا توجد دولة تحاسب الأطباء فى قضايا المهنة بموجب قانون العقوبات، وكأن الطبيب يقتل المريض عمداً، ولم يكن يمارس دوره فى إنقاذ حياته.

وأضاف «عبدالحميد» لـ«الوطن»، أن مشروع قانون المسئولية الطبية نص على وجود لجنة تضم أطباء من نقابة الأطباء ووزارة الصحة وأعضاء من نقابة المحامين والمجتمع المدنى وقضاة، مشيراً إلى أن هذه اللجنة ينبثق منها عدد من اللجان الطبية الأخرى، طبقاً لنوع التخصّص، لتحديد ما إذا كانت مضاعفات طبية أم إهمالاً طبياً جسيماً، وهذا فقط له عقوبة، وتكون بالغرامة فقط، لا سيما أن الأطباء هم الفئة الوحيدة التى تتم محاسبتها من 4 جهات: «العمل، ونقابة الأطباء، والنيابة الإدارية، وقانون العقوبات»، موضحاً أن القانون سيلغى الحبس الاحتياطى للأطباء فى القضايا الطبية.

وأوضح أن قانون المسئولية الطبية يشمل فى بنوده أن كل من يقدم الخدمة الطبية ومرخص له بمزاولة المهنة، والإخلال بالمسئولية الطبية يقع على مقدمها إذا تجاوز فى المعايير المهنية والطبية المتفق عليها عن جهل وليس عن إهمال منه، كما أكد القانون فى مادته الخامسة، أنه «لا يُسأل مقدم الخدمة الطبية فى حالة إذا كان الضرر الواقع على المريض هو أحد الآثار والمضاعفات الطبية المعروفة فى مجال الممارسة الطبية، وإذا اتبع مقدم الخدمة الطبية أسلوباً معيناً فى الإجراء، مخالفاً لغيره فى ذات الاختصاص، ما دام هذا الأسلوب متفقاً مع الأصول الطبية المتعارف عليها، وإذا كان الضرر قد وقع بسبب فعل المريض نفسه، أو رفضه للعلاج أو عدم اتباعه للتعليمات الطبية الصادرة إليه من المسئولين عن علاجه، أو كان نتيجة لسبب خارجى».


مواضيع متعلقة