مدير برنامج الشرق الأوسط بجامعة فلوريدا: «أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات»

كتب: نادية الدكرورى

مدير برنامج الشرق الأوسط بجامعة فلوريدا: «أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات»

مدير برنامج الشرق الأوسط بجامعة فلوريدا: «أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات»

أكد الدكتور ديفيد دومك، مدير برنامج الشرق الأوسط وجنوب آسيا للبحوث والدراسات الاستراتيجية فى جامعة سنترال فلوريدا، أن أفغانستان من البلدان التى يصعب احتلالها لفترة طويلة، واصفاً إياها بـ«مقبرة الإمبراطوريات»، لافتاً إلى أن حركة طالبان تتبنى مقاومة الدخلاء على البلدان، وهى وجهة نظر يتبناها بعض شرائح المجتمع الأفغانى، ما جعل لها شعبية محدودة. ووصف «دومك»، فى حواره، لـ«الوطن»، الاستراتيجية الأمريكية التى أعلنها حديثاً الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بأنها تفتقد القدرة على هزيمة طالبان، وأنه يجب أن تركز على التوصل لتسوية سياسية مع حركة طالبان، والمساهمة فى ظهور حكومة ائتلافية مستقرة تأتى من الداخل الأفغانى وليست مفروضة عليه، مشيراً أن طالبان قوة محلية لديها مقدرة على مقاتلة الغرباء أو الأجانب الغزاة. وإلى نص الحوار:

بعد 17 عاماً من الحرب فى أفغانستان، لماذا لم يكن فوز الولايات المتحدة ممكناً؟

- أثبت التاريخ مراراً وتكراراً أن أفغانستان هى الدولة التى يمكن أن تُحتل أو يُشن عليها غزو ولكن ليس لفترة طويلة، لسبب معروف هو أن هذه الدولة مقبرة للإمبراطوريات، فمثلاً الإمبراطوريات الروسية أو البريطانية أو حتى السوفيتية فشلوا فى احتلالها لفترة طويلة، نظراً لطبيعتها القبلية المتطرفة. والتدخل الأمريكى لا يختلف كثيراً، فقد تنجح القوات الأمريكية فى التحكم أو السيطرة على العاصمة «كابول» لكنها لن تستطيع إحكام السيطرة الأمنية على بقية البلاد وهو بالصعوبة بمكان. والأسوأ من ذلك هو غياب تعريف مفهوم النصر الأمريكى من هذه الحرب، هل تعنى السيطرة على العاصمة أو إيجاد حكومة صديقة للولايات المتحدة. ويبدو أن الأمريكيين لا يعرفون تحديداً ما يعنى الفوز بهذه الحرب، خصوصاً فى ظل صعوبة القضاء على طالبان.

{long_qoute_1}

لماذا يصعب القضاء على طالبان؟

- حركة طالبان سواء كيانها السياسى أو العسكرى، رغم أنه لم يكن لها شعبية خاصة قبل غزو الولايات المتحدة، وربما لا يكون لها شعبية واسعة اليوم، فإنها قوة محلية لديها مقدرة على مقاتلة الغرباء أو الأجانب الغزاة. وتستفيد طالبان من تعريفها للصراع بأنه ضد الأجانب أو الغزاة، ما يتطابق مع تعريف بعض الشرائح فى المجتمع الأفغانى الذى يعارض دوماً وجود دخلاء على بلاده.

ما تقييمك للاستراتيجية الأمريكية الجديدة التى أعلنها «ترامب» لهذه الحرب؟

- لا أعتقد أن هذه الاستراتيجية قدمت شيئاً جديداً، ومن الضرورة أن تلعب الاستراتيجية الأمريكية دوراً ليس فى التفكير فى كيفية تجنب خسارة هذه الحرب، بل للبحث عن حكومة أفغانية أكثر استقراراً، والإبقاء على قنوات مفتوحة للتسوية السياسية مع حركة طالبان. فى النهاية تقييمى لهذه الاستراتيجية المعلنة بأنها تفتقر للقدرة على هزيمة طالبان فى أى مفهوم للاستخدام العسكرى التقليدى رغم أن هذه الحرب ليست تقليدية.

لماذا لا تزال أمريكا مستمرة فى أفغانستان؟

- هذا هو السؤال، وبعد 17 عاماً ما زال صانعو السياسة فى واشنطن فى مرحلة التأمل. وترجع هذه الحرب فى الأساس إلى فتح الحكومة الأفغانية، التى كانت تقودها حركة طالبان فى السابق، الباب أمام تنظيم القاعدة وغيره من الإرهابيين لتكون البلاد ملاذاً لهم، وارتكبوا على إثر ذلك هجمات مذهلة على الداخل الأمريكى، فكان هذا هو التبرير. ولكن اليوم يبدو أن هناك قلقاً من أنه فى حال تركت الولايات المتحدة وحلفاء آخرين «كابول» سيؤدى ذلك لسقوط الحكومة الأفغانية، وتعود طالبان لتولى السلطة، ما يشكل تهديداً مباشراً بسبب تاريخها فى دعم الإرهاب. كما أن أى فراغ فى السلطة من شأنه أن يزعزع الاستقرار فى المنطقة وخارجها. إلا أن هذه المخاوف لا تغير من حقيقة أن استراتيجية الولايات المتحدة ليست مكتملة إلا أن القوات الأمريكية ستحافظ على وجودها فى هذه البلاد على ما يبدو لسنوات مقبلة.

{long_qoute_2}

إلى أى مدى يمكن أن يسيطر الجيش الأفغانى فى حال انسحاب القوات الأمريكية؟

- يتوقف ذلك على التجربة الفعلية التى يمكن من خلالها الحكم على هذه الأمور، ولكن لم يثبت حتى الآن أن القوات المسلحة لديها قدرة للحفاظ على البلاد بشكل مستمر.

كيف يمكن أن تلعب باكستان دوراً فى دفع طالبان إلى طاولة التفاوض؟

- باكستان هى جارة، والبشتون على جانبى الحدود، ودائماً ما تشارك هذه الدولة بحصتها فى الشئون الأفغانية، وتفعل ما تشعر أنه يحقق مصالحها الاستراتيجية حتى لو تسبب ذلك فى توتر مع «كابول» أو «واشنطن» أو «دلهى». وكثيراً ما تفقد «واشنطن» عقلها بسبب تصرفات باكستان المزدوجة التى تحاول من جهة أن تدعم مساعى الولايات المتحدة بينما فى الجهة الأخرى تدعم حركة طالبان، والجماعات الأخرى التى تقاتل القوات الأمريكية. ورغم أنه لا يمكن الاعتماد كثيراً على باكستان، فإنه يمكنها أن تلعب دوراً دبلوماسياً فى وضع طالبان على طاولة المفاوضات.


مواضيع متعلقة