"موسى جزر".. حكاية مجند شرقاوي دفن جثامين شهداء حرب أكتوبر

"موسى جزر".. حكاية مجند شرقاوي دفن جثامين شهداء حرب أكتوبر
- حرب أكتوبر
- نصر أكتوبر
- حرب أكتوبر 1973
- خط بارليف
- قناة السويس
- حرب أكتوبر
- نصر أكتوبر
- حرب أكتوبر 1973
- خط بارليف
- قناة السويس
لم يفارق ذهنه مشهد دفن جثامين شهداء القوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر 1973، على مدار 45 عاما، فالشاب العشريني، حينها، لم يتخيل يوما أن يحفر بساعديه قبورا لرفقاء الجبهة، كاتما صرخة بداخله كلما وارى جثمان أحد أصدقائه الثرى.
جندي مقاتل موسى جزر، الكتيبة 160 تعيينات في "العدوة صبيح"، التحق بالقوات المسلحة المصرية عام 1971 رفقة شقيقه، حيث قضيا سويا فترة التدريب بمركز العامرية، ويتوزعا فيما بعد على سلاح التعيينات.
جزر الذي يبلغ حاليا 68 عاما، استرجع شريط ذكرياته مع حرب أكتوبر 1973 لـ"الوطن"، فبعد إصدار الرئيس الراحل محمد أنور السادات أمرا بإلحاق عدد من المجندين لسرية دفن الشهداء في بداية شهر أكتوبر، وصل موسى مع أربعة مجندين آخرين إلى مدينة التل الكبير بالإسماعيلية ليستقبلهم قائد المعكسر وكان برتبة لواء، وأبلغهم بحفر مقابر، دون إخبارهم عن السبب.
"وفي يوم العبور، استدعانا اللواء وأخبرنا أننا مثل أولاده وسيظل يعاملنا كأب، والرئيس السادات يرتدي الأفارول على الجبهة، ويتابع ما يحدث في سيناء بنفسه"، حسب موسى.
مرت 6 أيام من وصول موسى ورفاقه للتل الكبير، وهم مستمرون في حفر مقابر مساحة الواحدة منها مترين طول ومتر بالعرض، حتى عبرت القوات المسلحة المصرية الضفة الشرقية لقناة السويس، لتبدأ سيارات نقل تابعة لسلاح المركبات بإدخال جثامين الشهداء للمقابر.
حركة السيارات لم تتوقف على مدار الساعة، حيث كانت المقابر أسفل الجندي موسى وطائرات العدو الإسرائيلي تحلق فوق رأسه، ولمدة 60 يوما دون أن يأخذ قسطا كافيا من الراحة وأياما طويلة بدون نوم، ظل يحفر مقابر ويدفن جثامين شهداء.
موسى لم يكن يحمل سلاحا حين حفره للمقابر، فكل شهيد يقوم بدفنه يتذكر ملامحه وبعدما كان مذهولا في أول أيام الحرب، أصبح يعتبر نفسه المحطة الأخيرة للشهيد قبل دفنه، فيقول: "الحفر لم يكن صعبا رغم التعب، لكن الأصعب كان دفن صديق لك في الكتيبة، أو جندي ألقى السلام عليك يوما ما، تعرف ملامحه وتجهل اسمه، وكنا ندفن الضباط وضباط الصف والجنود، على حسب المعلومات المرفقة بـ(القرص على القايش)، لكن من لم نجد أي معلومات عنه فكنا نكتب على مقبرته كلمة مجهول".
واجه الجندي موسى كثير من المواقف الصعبة، حيث رأى زميلا له في سرية دفن الشهداء يدفن شقيقه وآخر يدفن ابن عمه، لينتظر خلال 60 يوما جثمان شقيقه، ويصاب بعدها بالحمى، فيحول إلى مستشفى الحميات بالزقازيق، وتنتهي الحرب ولم تغب ملامح أي شهيد عن ذاكرته حتى الآن.