بعيدا عن القبة.. حكايات "الدم والنار" في أكتوبر من ذاكرة نواب البرلمان

كتب: فادية إيهاب

بعيدا عن القبة.. حكايات "الدم والنار" في أكتوبر من ذاكرة نواب البرلمان

بعيدا عن القبة.. حكايات "الدم والنار" في أكتوبر من ذاكرة نواب البرلمان

كانوا حينها مقاتلين في الجيش المصري ينتظرون اللحظة التي يثأرون فيها من عدو اغتصب أرضهم، فمنهم من لحقته إصابة في الحرب اعتبرها أعز ما جرى في حياته، وآخر استعوض أهله ربهم إذ حسبوه شهيدا قبل عودته، وثالث اتخذ من أيام عاشها في أكتوبر رمزا لروح وطنية تمنى عودتها، لتأتي تسنح لهم فيها فرصة حكي ذكرياتهم مع النصر، بعد أن تبوأوا موقعا جديدا يخدمون فيه أمتهم كأعضاء تحت قبة البرلمان.

قال اللواء حمدي بخيت، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إن "الحرب بالنسبة لي كان ليها دور مميز في تشكيل شخصيتي والتي أدركتها عندما كبرت وتقلدت بعض المناصب، فهي مفتاح لعمل خلاق ورمز للتضحية"، مؤكدة تأثير مشاركته بالحرب على شخصيته.

وروى بخيت لـ"الوطن"، عن كثير من المواقف والتضحيات التي شهدها أبرزها تدمير أحد العربات أمام عينه واستشهاد الجنود من زملائه بجميع الطوائف.

شاب في مقتبل عمر العشرين حديث التخرج من الكلية الحربية، ليصبح بعد تدريبات مكثفة لأكثر من عام قبيل توقيت الحرب قائدا لمجموعة الاستطلاع والتي مهامها جمع المعلومات عن العدو لصالح اللواء ثالث مدرع الذي كان يطور الهجوم العسكري على محور متلا ضد العدو، ومن ثم أثناء القتال في الفترة من 14 إلى 16 أكتوبر يجمع المعلومات لصالح اللواء خامس مشاة مستطيعين الاستيلاء على جبل المر بعد ثلاثة مواجهات مع العدو منتهية بمكسبهم.

وقبل إنجازهم الكبير بعدة أيام من قيام الحرب، لم يكن الضابط ملازم أول حمدي بخيت يعلم بتوقيت الحرب، وحسب حديثه لـ"الوطن" أنه حصل على اجازة يوم 3 أكتوبر وعند وصوله المنزل وجد خطاب الاستدعاء ليعود إلى أرض المعركة في نفس اليوم، وبعد يومين بصباح المعركة خلال توزيع عربات المياه حصص الجنود منها تقدم لواء مجموعة جمع المعلومات ليخبر الجميع بموعد القتال.

{long_qoute_1}

"كانت معركة عناد خاصة أثناء توجهنا للحصول على جبل المر، وبين التكتيك والقتال استطاعوا الحصول عليه مثبتين صلابة الجندي المصري الأمر الذي أدركه الجميع".. هكذا عبر اللواء حمدي بخيت عن فخره بالجنود المشاركة، مستشهدا بمحاربة المصريون بمعدات الحرب العالمية الثانية في ظل استخدام اسرائيل أحدث المعدات والأسلحة لكن إرادة وصلابة الجندي المصري هي الفائزة.

حالة معنوية كبيرة عاشها الجنود نتيجة نشأتهم على ذلك ورغبتهم في نيل الشهادة مقابل الحرية، فالولاء والانتماء نابعا من داخل الجنود، الذي كان اللواء حمدي بخيت واحدًا منهم، ففي أعقاب الهجمات والغارات الجوية الشرسة أصيب الملازم الأول آنذاك في فخذه الأيمن إصابة بالغة لينتقل إلى مستشفى تحت الأرض بمكان المعركة ومن ثم إلى مستشفى كوبري القبة.

{long_qoute_2}

"المستشفيات عبارة عن مجازر تشيب لها الأبدان، دماء الجنود بكل مكان الأطباء يتجولون بسرعة فائقة، غرف العمليات لا تتوقف عمل دون ملل الجميع يشعر بحجم المسؤولية" وصف دقيق لتجربة للضابط أثناء معايشته مع المستشفى نتيجة إصابته، وخلال فترة علاجه زارته والدته لمدة ساعة واحدة للاطمئنان عليه لتعود إلى بلدتها بالإسكندرية، وبعد تلقيه العلاج عاد البطل إلى منزله على عكاز مستقبلا جميع أشقائه لزيارته.

تجربة ليست بسهلة مر بها اللواء حمدي بخيت، ستظل طوال حياته محفورة في ذاكرته، مختتمًا حديثه لـ"الوطن": "كنا مقاتلين تلقائيين ليس لدينا شعارات الدراما على علم بوضع البلد الذي لا يدركها سوء مقاتل تربى على الولاء والانتماء".

كما شارك اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالنواب، في سلاح آخر وهو المشاة، في حرب أكتوبر، والذي يعتبرها بمثال حي للعمل الجماعي فهي علامة بارزة في تاريخ مصر بطلها هو الإنسان المصري، مؤكدًا أن تكاتف الشعب المصري آنذاك هو أحد أهم السمات الوطنية.

وتخرج عامر، في الكلية الحربية، قبل الحرب بـ11 عامًا، وقبلها بعام واحد حصل على ماجستير العلوم العسكرية، مشاركًا بالحروب التي خاضتها مصر، وهم "حرب اليمن، وحرب 1967، وحرب الاستنزاف، وحرب 1973، وحرب الخليج الثانية".

{long_qoute_3}

"وأوضح عامر لـ"الوطن" أنه حدث ملحمة عظيمة لاسترداد الأرض المصرية تم التغلب خلالها على جميع العراقيل" تعبير عن أهمية نصر أكتوبر، مضيفا أن عبور قناة السويس مثال لمنظومة إعداد الدولة للدفاع عن الأرض وتهيئة الظروف المناسبة للمعركة الشاملة الإعداد والتنسيق والتخطيط الجيد.

وفي قطاع الصاعقة، حارب اللواء أحمد العوضي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، عدوه بأيام فارقة بحياته لا ينساها مقترنة بذاكراته طوال الوقت، حيث شارك بالحرب بعد تخرجه من الكلية الحربية بثلاث سنوات وهو في عمر الـ 24.

وبدأ العوضي، ذكرياته أيام الحرب: "منذ سنة 70 وفي أعقاب الحرب كان متداول أن مصر ستلجأ إلى الحل السلمي الأمر الذي لم نتمناه لوجود رغبة كبيرة داخلنا بمواجهة إسرائيل ومحو العار التي حدثت بعد نكسة 67، والله استجاب دعوتنا وقامت الحرب بالفعل".

وأشار العوضي لـ"الوطن": "كتائب الصاعقة هي طليعة القوات المسلحة والموجات الأولى التي عبرت قناة السويس لتنفيذ بعض الكمائن وتأمين القوات، وقبل الإعلان عن توقيت الحرب، كانت هناك مشاعر واضحة من خلال الاستعدادات أنها على وشك القيام، لكن التوقيت الفعلي لم يكن يعلمه إلا القيادات الكبرى، والذين أبلغوا الجميع صباح يوم النصر الذي شهد العديد من التضحيات وفقد الكثير من زملاء الملازم أول أحمد العوضي.

والملازم الذي لم يكن متزوجًا وقت الحرب، وطالت أهله أنباء باستشهاده لحين استطاع أن يبعث برقية لوالده لاطمئنانه عليه وإخباره أنه ما زال على قيد الحياة، ورغم ذلك عند عودته لم يصدق الجميع أنهم يروه وفي أعينهم فرحة بالعودة.


مواضيع متعلقة