إيران تفضل داعش عن غيرها
- إسرائيل ب
- اتهامات ا
- الأراضى السورية
- الأزمة السورية
- التنظيمات الإرهابية
- الحرس الثورى
- العرض العسكرى
- العمل الإرهابى
- العمليات الإرهابية
- العملية الإرهابية
- إسرائيل ب
- اتهامات ا
- الأراضى السورية
- الأزمة السورية
- التنظيمات الإرهابية
- الحرس الثورى
- العرض العسكرى
- العمل الإرهابى
- العمليات الإرهابية
- العملية الإرهابية
هناك بعض من العمليات الإرهابية تأتى كخدمة ثمينة لضحاياها، وهذا ليس بمستغرب عبر تاريخ العمل الإرهابى المسلح، الذى تقوم به التنظيمات الراديكالية التى ترفع راية الدين كمرجعية لنشاطها، أو غيرها ممن يعتنق منطلقات أخرى دفعته لحمل السلاح من أجل إنفاذها، الأشهر والأكبر فى هذا السياق، هو عملية الهجوم على برجى التجارة فى نيويورك 2001، حيث وفر هذا الاعتداء الذى راح ضحيته 2996 شخصاً، الذريعة لحربى الولايات المتحدة على كل من أفغانستان ثم العراق.
واعتبار الهجوم الإرهابى المذكور بفرض صحة التسمية ذريعة أو خدمة، أول ما خرجت كانت وسط تحليلات أمريكية، وصفت حينها بوثيقة الصلة بأجهزة التحقيقات والاستخبارات المحلية، التى أصابها زلزال ضخم يماثل عملية اصطدام الطائرتين بالأهداف الأمريكية، ومع توالى الأحداث بعدها وتنامى عمليات الحصاد، ترسخت النظرية إلى الحد الذى ذهب بالبعض إلى اتهام نظام بوش الابن وأركان إدارته، بأنهم وراء تنفيذ تلك العملية بشكل مباشر أو غير مباشر، ويظل هذا حديثاً أمريكياً خالصاً، بعيداً عن أى محللين آخرين، وللآن الكتب والدراسات موجودة، تزدحم بها الأرفف والمنصات على أكثر من وجه للحد الذى يصعب حصره.
فى أقل تقدير أو تداع لمثل تلك العمليات، أن تظل الجهة المنفذة غامضة أو يصيب اليقين إزاءها تشويش بالغ، ما يسمح للمستفيد بأن يراهن بسهولة على عامل الزمن، الكفيل بالإبقاء على دائرة الشك مفتوحة على أى احتمال.
الهجوم الإرهابى الذى شهده العرض العسكرى الإيرانى، فى مدينة الأحواز عاصمة الإقليم الذى يحمل الاسم ذاته، أثناء العرض العسكرى لقوات «الحرس الثورى» الذى أوقع 29 قتيلاً وما يزيد على 60 مصاباً، يبدو أنه من ذات النوع من العمليات المشار إليها، فتفكيك غموض الهجوم بالبحث عن أعداء الحرس المسددة إليه الطلقات يبدو شاقاً، حيث يحظى الأخير بقائمة من الأعداء داخلياً وخارجياً، يصعب معها الإمساك بيقين حاسم تجاه جهة بعينها، ورصد ردات الفعل الأولى للجهات الرسمية الإيرانية، ربما يصيبنا بالتشويش نفسه، حيث بدأت باتهام انفصاليين أحواز مدعومين من دول عربية، حددتهما بالسعودية والإمارات على وجه الحصر، وهذا كان اتهاماً مسجلاً باسم وزارة الاستخبارات الإيرانية، تلقف هذا الاتهام «حسين سلامى» نائب القائد العام للحرس الثورى، ليطلق بعدها مباشرة تهديدات لكلتا الدولتين بشن هجمات انتقامية، ظناً منه بأن اتهام الوقوف خلف العملية سيظل قاصراً على هذا الاتجاه، لكن سرعان ما أدركت طهران أن رواية متعجلة بهذا المضمون، قد تمنح «جائزة» مجانية لاستخبارات كل من السعودية والإمارات، على الأقل بقدرتهما على النفاذ للداخل الإيرانى وتجنيد وتكليف من يقوم بالتنفيذ، خاصة بهذا القدر من الاحترافية والمباشرة فى إصابة الهدف «قوات الحرس»، لذلك سرعان ما خفت هذا الاتهام بل ووضع سريعاً ما يشوش عليه، بعد التيقن من أن ذلك يحقق للأمن الإيرانى خسارة مضاعفة، فضلاً عن عدم التأكد من القدرة على تنفيذ عمل انتقامى يحقق توازناً فى معادلة الرعب، التى بثت على الهواء ووثقت بالصور.
بنفس الدرجة من التعجل، خرج اتهام المرشد الأعلى «على خامنئى» لأمريكا وإسرائيل بالوقوف خلف العملية، ورغم النظر إليه باعتباره خطاباً شعبوياً فضفاضاً، بأكثر من كونه حديثاً جاداً يمكن البناء عليه إجابة عن المنفذين المباشرين، وطبيعة ودرجة ارتباطهم بأى من أمريكا أو إسرائيل، لكن الأهم والذى ربما فطن إليه سريعاً الرئيس روحانى، أن هذا قد يرضى الداخل مؤقتاً، لكنه يحرمه فى ذات الوقت من إمكانية استثمار هذه العملية الإرهابية، فرغم حدة الخلاف ما بين طهران وكل من واشنطن وتل أبيب، إلا أن خطاب روحانى لكليهما بنى طوال فصول الاحتقان، على أنه يتشارك معهما فى محور تعرضه لتهديدات التنظيمات الإرهابية، وأن وجود إيران على الأراضى السورية وانخراطها العميق فى أحداثها، إنما مبرره الرئيسى هو مكافحة تلك التنظيمات الرئيسية والعابرة للحدود.
تلك المعادلة راهنت عليها إيران سابقاً، فى كل من أفغانستان والعراق بالأحداث المعقدة التى جرت فيهما منذ العام 2001، وظنت فى بداية الأزمة السورية أنه يمكنها الاعتماد على ظلال منها، خاصة بعدما اختبرت الجانب الأمريكى فى صياغة تفاهمات أمنية، مكنتها من القبض على عنق العراق، لذلك وجدت اليوم أن اتهام الولايات المتحدة بالوقوف خلف «عملية الأحواز»، يقوض ما يمكنها تقديمه فى المربع المتشابك، ويحرمها من الوقوف فى صف الضحايا الافتراضيين للإرهاب، لذلك يظل من الأوفق من وجهة النظر الإيرانية الاستغراق فى دور الضحية، وصناعة سردية له من دون المبالغة فى توجيه الاتهامات العشوائية. هذا دفع سريعاً لانحسار الخطاب الموجه إلى الخارج، بالأخص الذى استهدف الولايات المتحدة، حيث يظل هناك فى واشنطن البعض ممن يراهن عليهم روحانى، ما زال يثمن الاعتماد على طهران، فى مجابهة «التطرف السنى»، كما يتشاركان فى تسميته، منذ الاحتلال الأمريكى للعراق.
الرواية الإيرانية التى اتفق على اعتمادها، وجدت أنه من الأوفق استبعاد الدوافع الانفصالية لمنظمة «المقاومة الوطنية الأحوازية»، فهذا كفيل بإلقاء الضوء على ما تعانيه الأقليات من تمييز واضطهاد، وقد يشكل تداعيات عكسية فى حال الوقوف أمام توقيت الهجوم وموقعه والمستفيد منه، لذلك تجاهلت طهران بيان «يعقوب حر التسترى»، المتحدث باسم «حركة النضال العربى لتحرير الأحواز»، وهى فصيل منضوٍ تحت لواء المقاومة، حيث أعلن مسئولية حركته عن الهجوم، كما تبين لاحقاً أن المنفذين (5 أشخاص) من أبناء تلك المنطقة، ولهذا تم إبراز بيان «داعش» فى كافة وسائل الإعلام الإيرانية، بمجرد إصداره على موقع «أعماق» فى كلمة صوتية لـ«أبى الحسن المهاجر»، بعنوان «صولة الموحدين»، ولاحقتها سريعاً الأجهزة الإيرانية عقب ظهور أسماء المنفذين، مؤكدة بأنهم إيرانيون منتمون لتنظيم داعش! رغم أن الأخير كثيراً ما مارس الكذب فى تبنى العمليات، لكن يبدو هذه المرة أنه وجد من يتلهف على شراء بضاعته الفاسدة.