اقتصاد تركيا يواصل النزيف.. وخبراء: يدفع ثمن "عناد أردوغان"

كتب: محمد حس عامر

اقتصاد تركيا يواصل النزيف.. وخبراء: يدفع ثمن "عناد أردوغان"

اقتصاد تركيا يواصل النزيف.. وخبراء: يدفع ثمن "عناد أردوغان"

لا تزال الأزمة الاقتصادية في تركيا تواصل تداعياتها، وفيما يبدو أنها لن تنتهي في الوقت القريب طالما بقيت نفس السياسات من قبل الحكومة اقتصاديا، وكذلك استمرت الأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وخفضت وكالة "موديز" الدولية للتصنيف الائتماني، أمس، تصنيفات الودائع الأجنبية الطويلة المدى لتسعة بنوك تركية من B1 إلى B2.

وأعلنت الوكالة في بيانها، أن القرار ناجم عن تخفيض تصنيف الودائع الأجنبية لتركيا، بحسب ما نقلت صحيفة "زمان" التركية المعارضة.

وكانت الوكالة أعلنت في الرابع والعشرين من سبتمبر الجاري تخفيضها تصنيف الودائع البنكية بالعملات الأجنبية لتركيا إلى B2، القرار الذي أتى كذلك بعد تخفيض تركيا ضريبة الحيازة على الودائع المصرفية بالليرة التي يتجاوز أجلها عام، بينما رفعت مستوى الضريبة على الودائع بالعملة الأجنبية.

ووفق "زمان"، يعكس القرار المتخذ من موديز الضعف المتواصل في الوضع المالي التركي، والمناخ السياسي الذي بات يصعب توقعه أكثر بمرور الوقت، وفي أغسطس الماضي شهد تخفيض موديز التصنيف الائتماني لتركيا من Ba2 إلى Ba3، كما خفضت الوضع الائتماني من راكد إلى سلبي.

ويأتي القرار من "موديز" استكمالا لهذه السلسلة من القرارات الاقتصادية والتي تفاقمت مع انهيار تاريخي لليرة التركية التي فقدت أكثر من 40% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي، وأتى  الانخفاض بعد إجراءات أمريكية عقابية ضد تركيا على خلفية احتجازها القس الأمريكي أندرو برانسون الذي تتهمه "أنقرة" بالقيام بأنشطة إرهابية وأعمال تجسس، وشهدت تركيا زيادة كبيرة في معدلات التضخم، حيث بلغت خلال شهر أغسطس المنصرم 17.90% ليسجل التضخم بهذا أعلى مستوى خلال 14 عاما الأخيرة.

وتزامنا مع قرار "موديز"، أعلنت شركة "أمينيش أمبلاج" بمنطقة جبزى في محافظة قوجة إيلي جنوب تركيا التي تعمل في مجالات مختلفة، بدءا من الصناعات الغذائية وصولا إلى مستلزمات التجميل، تقدمها بطلب تسوية إفلاس لتنضم إلى شركات الأحذية الشهيرة، وفق تقرير لصحيفة "زمان".

وأرجعت الشركة سبب تقدمها بالطلب إلى ارتفاع تكاليف المواد الخام، بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الطلب، وبهذا تجاوز عدد الشركات المطالبة بتسوية الإفلاس من قطاعات مختلفة 100 شركة بحسب إحصائية نقلتها "زمان".

وتفسر الصحيفة سبب لجوء الشركات إلى هذا الإجراء بسبب إلغاء خيار إرجاء الإفلاس، ففي الثامن والعشرين من فبراير ألغت السلطات التركية إرجاء الإفلاس ووسعت نطاق تسوية الإفلاس، ولهذا لجأت الشركات التي تعاني من مشاكل مالية إلى تسوية الإفلاس لإدارة ديونها وهو الخيار الذي لم يُعمل به منذ 12 عاما، وبهذا أمنت الشركات نفسها تجاه ديونها، وأثارت مخاوف بشأن مدى تأثر العاملين بهذا الإجراء.

وقالت الصحيفة إنه "بإمكان الشركات في تركيا إعلان تسوية إفلاس للحماية من الإفلاس والحجز على ممتلكاتها، وتعني الخطوة إرجاء الإفلاس مؤقتا"، وبفضل هذا الإجراء تصبح ممتلكات الشركة خاصعة للحماية بقرار قضائي ولا يتم اتخاذ أي إجراءات حجز عليها، لكن يتوجب على الشركات سداد نصف ديونها كي يقبل طلبها هذا.

ونقلت الصحيفة آراء خبراء استراتيجيين في بنك ماكواري الأسترالي، قالوا إن "تركيا بحاجة إلى حزمة قروض بقيمة 75 مليار دولار لتجاوز الأزمة الاقتصادية"، وذكر الخبيران الاستراتيجيان تيري ويزمان وجريث بيري أن رفع الفوائد لم يعد كافيا بالنسبة لتركيا، وأنها بحاجة إلى قرض كبير لمنع حالات الإفلاس المتوالية، وهروب رؤوس الأموال، وإعادة هيكلة ديونها.

وأكد الخبيران أنهما لا يتوقعان موافقة أردوغان على زيادة جديدة في معدلات الفائدة، مشيرين إلى أن ودائع تركيا من العملات الأجنبية بقيمة 150 مليار دولار احتياطيها من النقد الأجنبي بقيمة 100 مليار دولار غير كافيين، بجانب دينها الخارجي القصير المدى الذي يقدر ب180 مليار دولار.

من جهته، قال المحلل السياسي التركي محمد عبيدالله، في اتصال لـ"الوطن"، إن "الأزمة الاقتصادية في تركيا لا تتوقف فقط على القرارات الأمريكية، هي في جانب كبير منها مرتبط بالسياسات التي تنتهجها الحكومة والرئيس التركي رجيب طيب أردوغان".

وأضاف: "الرئيس التركي اختار صهره ليكون وزيرا للمالية، وغيرها من المناصب الاقتصادية التي اختار فيها أهل الثقة على حساب الكفاءات، فضلا عن عناده أمام آراء الخبراء الاقتصاديين".


مواضيع متعلقة