"الدمج" بين معلمين وأولياء أمور.. تدريب مفتقد وغربة طلاب بسبب التنمر

كتب: نهال سليمان ودعاء الجندي

"الدمج" بين معلمين وأولياء أمور..  تدريب مفتقد وغربة طلاب بسبب التنمر

"الدمج" بين معلمين وأولياء أمور.. تدريب مفتقد وغربة طلاب بسبب التنمر

ترجع مدارس الدمج إلى قرار أصدره الدكتور محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم الأسبق عام 2015، بشأن قبول الطلاب ذوي الإعاقة البسيطة في مدارس التعليم العام، ونص على تطبيق نظام الدمج للتلاميذ ذوي الإعاقة البسيطة بالفصول النظامية بمدارس التعليم العام الحكومية، والمدارس الخاصة، ومدارس التعليم المجتمعي، والمدارس الرسمية للغات، والمدارس التي تدرس مناهج خاصة في جميع مراحل التعليم قبل الجامعي، ومرحلة رياض الأطفال، وفقًا لما يختاره ولي أمر الطفل.

ومع بداية العام الدراسي، ورغم أن النظام ليس بجديد، إلا أن بعض المعلمين وأولياء الأمور كشفوا عن بعض الصعوبات التي يواجهونها أثناء الدراسة سواء في إيصال المعلومة أو تقبل الطلبة بين زملائهم.

وتستعرض "الوطن" تجارب مدرسين وأولياء أمور، مضافًا إليهم الرأي التربوي عن طريقة التدريس الصحيحة.

{long_qoute_1}

(أشرف. إ)، معلم الرياضيات بإحدى المدارس الابتدائية، يرى أن نظام الدمج وضعه خصيصًا كوسيلة لإعطاء فرصة للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة للتعامل مع الواقع والتعرف على وجود عالم خارجي، لكن ما يحدث أن طالب الدمج قد يلحق أضرارا بهم، إذ تكون لطلاب الدمج احتياجات لا يستطيع المدرس الغير مؤهل التعامل معها في نفس الوقت المطلوب منه التعامل مع غيره.

وأضاف معلم الرياضيات، أن المادة المتخصص بها تحتاج لبذل مجهود إضافي لتوصيل المعلومة للطالب العادي، بينما يحتاج لمجهود أكبر بكثير كي يجعل الطالب ذوي القدرات الخاصة أن يستمع للشرح فقط دون القيام بحركات غير إرادية تسهم في التشويش على زملائه، مطالبا بضرورة إيجاد فصول خاصة بهم ليتوجهوا إليها عند وجود حصص مهمة كالرياضيات، حتى يستطيع الطالب العادي تحصيل المادة الدراسية.

كما يستبعد مدرس الرياضيات فكرة أن توفر المدرسة مدرس مساعد لطالب الدمج، مثل نظام "الشادو أو ملازم الطفل": "مش لاقيين مدرسين أساسيين يكفوا علشان نجيب مساعد لكل طالب دمج"، وتابع لا يوجد نظام معين ولا تدريب للتعامل مع طلاب الدمج ولا تقييمات لمتابعة تطورهم حتى يمكن تقديم خدمة جيدة لطالب ذوي القدرات الذهنية الخاصة الذي يرى "أشرف" أنه لن يتم شفاؤه باتباع أسلوب الدمج.

معلم آخر بالمجال الصناعي في إحدى المدارس الحكومية، طلب عدم ذكر اسمه، قال إن الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة في المدرسة التي يعمل بها من ذوي النمو العقلي الضعيف والغير طبيعي، كما أنه يحتاج متطلبات كثيرة يقوم بأفعال غريبة أثناء الشرح، ما يعمل على انشغال باقي زملاؤه، ذاكرًا أن نظام الدمج يهدف إلى دمج الطالب نفسيًا وتعليميًا، إلا أننا نفقد أولا الجانب النفسي نظرًا لأننا لم نتدرب على التعامل والتدريس لطالب الدمج، كما أنه يتعرض لسوء معاملة من زملائه: "الفصل فيه أكتر من 50 طالب وبيختلفوا في الفروق الفردية بينهم، ده غير طلاب الدمج وفروقهم"، معللا فشل الدمج التعليمي بكون الطالب يحضر كل الحصص لجميع لمواد حتى غير المناسبة له، وفي النهاية يكون امتحان خاص مختلف عن امتحان زملائه.

وطالب بضرورة تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الفكرية حيث إن المدارس العادية غير مؤهلة، وأن ذلك يتسبب في تبديد طاقة المدرس وإجهاده "الحصة في النظام الجديد ساعة والمفروض أشرح الدرس للطلاب العاديين واتعامل مع طالب الدمج اللي ممكن أسيب الشرح علشان أسيطر على تعامل الطلبة معاه وافهمهم وأحل المشكلة".

وقال (فكري.ح)، مدرس حاسب آلي، إن طلاب الدمج في المرحلة الإعدادية يشترط حصولهم على نسبة ذكاء معينة بعد تخرجهم من المرحلة الابتدائية، وعلى الرغم من ذلك فإنهم يعانون من صعوبات في الانسجام مع أقرانهم، وتكون لهم تصرفات غير متوقعة: "الطالب اللي كان عنده إعاقة ذهنية معانا في المدرسة بيخرج ويدخل أي فصل في أي وقت، ويمشي ف يالمدرسة ويضرب زملائه".

وتابع مدرس الحاسب الآلي، أن طالب الدمج لا يفهم 90% مما يشرح، كما أنه لا يوجد نظام الدمج الجزئي، الذي يتيح للطالب حضور اليوم الدراسي بشكل كامل في الفصول العادية.

وأضاف مدرس الإعدادي، الذي لم يتلقَ تدريبا على التربية الخاصة مع ذوي الاحتياجات الخاصة، أن الفصل يحتوي على 50 طالب فلا يستطيع في الوقت الضيق لمدرسة تعمل بفترتين دراسيتين من إيصال المعلومة لطالب الدمج بطرق أكثر مراعاة لظروفه للفت انتباهه: "لو في مدرسة أو فصل لوحده هقدر أفهمه وألفت انتباهه بطريقة تناسبه".

"فيه طلاب شبه أسوياء تمامًا بيروحوا يعملوا اختبار ذكاء في الإدارة علشان يلتحقوا بتعليم الدمج ويستفادوا من سهولة الامتحانات "، والذي كان سببًا آخر جعل الأستاذ فكري ينتقد النظام وإجراءاته.

من جهة أخرى، قالت الدكتورة بثينة عبدالرؤوف، الخبيرة التربوية، إن الدمج يتبع مستويات، إذ أنه لا يمكن دمج كل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أنه قد يكون كليا لأو جزئي على حسب الحالة الصحية لكل طفل، فمثلا الطلاب من ذوي نسبة الذكاء التي تقل عن 70% لا يمكن إدماجهم لأنهم يتصرفون بطرق غير طبيعية من الممكن أن تضر زملائهم، كما لا يمكن التحكم في تصرفاته وتوقعها، بينما يمكن الدمج إذا كانت نسبة الذكاء بين 70% و 80% وأيضا ذوي الإعاقة الجسدية حتى يتعلم الطلاب كيفية التعامل معهم ومساعدة ذوي الاحتياجات، ولكن بشرط تحديد طبيعة الدمج ومستواه، كما يمكن دمج بعض أطفال متلازمة داون ولكن بمناهج خاصة على أن يكون لهم حصص دمج مع باقي الطلاب وحصص أخرى يتم دراسة مناهج مخففة فيها.

وأضافت عبدالرؤوف، أنه يجب وضع ضوابط وشروط لدمج بعض ذوي الإحتياجات الخاصة مثل مساحة الفصل وعدد الطلبة ومدة الحصة ومدرسين حاصلين على تديبات خاصة وقدرات تربوية.

وتابعت الخبيرة التربوية أن الحصة نصف ساعة لن تكفي للشرح، بينما اليوم الدراسي الكامل قد يعطي فرصة جيدة نوعًا ما لطالب الدمج، إذ يقوم المدرس بشرح الدرس أولا ثم منح الطلاب الطبيعيين تمرينا ليتوجه في أثناء ذلك لطالب الدمج لمتابعته بالأسلوب المناسب له.

{long_qoute_2}

قالت هدير محمد علي، إحدى أولياء الأمور، إن المناهج صعبة على الطلاب العاديين وغاية في الصعوبة على "أطفال الدمج"، كما أنهم بحاجة إلى رعاية خاصة، موضحة أن ابنها مصاب بالتوحد ولديه صعوبات تعلم وبحاجة إلى معاملة خاصة لدعم تكيفه مع البيئة المحيطة، حتى يكون قادرا على التواصل بشكل جيد مع زملائه.

وأضافت نادية محسن، ولية أمر أخرى، أنها لاحظت تحسن نوعي مع حالة ابنها كونه مصابًا بمتلازمة داون، ويحب الأطفال الأخرين ويرغب في تكوين صداقات، موضحة أنه يجب أن يكون هناك محاضرات تثقيفية للأطفال لتعليمهم التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، موضحة أن ابنها عانى من "التنمر" فترة بسبب اختلافه عن الطلاب الآخرين.

وعلقت ولاء شعبان، ولية أمر، بأن الدمج بحاجة إلى إعداد غرفة مصادر وغرفة تنمية حسية داخل المدرسة، إضافة إلى معلمين قادرين على التعامل مع الأطفال المدمجة، لكن الواقع أن بعض الإعدادات موجودة لكن لا يوجد تنظيم للتعامل معها كما أن هناك تهميش لتعليم الطفل المدمج من قبل المدرسين، وحال لجوئنا للشكوى تنصحنا الإدارة بنقله إلى مدارس ذوي إعاقة للتعامل معه جيدًا.


مواضيع متعلقة