بالفيديو والصور| طفل "عايز أنام يا حاجة" ينعش المجتمع في مواجهة "التنمر": "مش رايح المدرسة تاني"
بالفيديو والصور| طفل "عايز أنام يا حاجة" ينعش المجتمع في مواجهة "التنمر": "مش رايح المدرسة تاني"
- أولياء أمور
- التربية والتعليم
- العام الدراسي
- الطفل الباكى
- عايزة أنام ربع ساعة يا حاجة
- أولياء أمور
- التربية والتعليم
- العام الدراسي
- الطفل الباكى
- عايزة أنام ربع ساعة يا حاجة
"كيس ساندوتشات" و"زجاجة مياه".. لم تضع "أم أيمن" سواها في حقيبة صغيرها محمد أحمد صالح، خوفًا على قدمه التي تعافت لتوها من كسر ظل مجبورًا لثلاثة أشهر، فرحة مزدوجة بالتخلص من "الجبس" وبداية العام الدراسي لآخر العنقود لم تكن تعلم أنها ستستحيل لشعور بالقهر عقب ساعات قليلة.
أمام مدرسة منية السيرج بشبرا مصر وقفت بين الأمهات عقب إغلاق باب المدرسة، في انتظار انتهاء اليوم الدراسي كي تتسلم صغيرها "بيقولوا هيعملوهم حفلة"، قالتها إحدى الأمهات بثقة في إشارة إلى منشور مديرية التربية والتعليم بشأن الاحتفاء بطلاب السنوات الأولى، لتضفي على قلب والدة محمد مزيدًا من الاطمئنان على صغيرها في يومه الأول.
{long_qoute_1}
ساعات ثقيلة تحت الشمس مرت قبل أن يخرج الصغير صامتًا، لم يتبادل الكثير من الحديث مع والدته ولم يخبرها بأي شيء عما حدث بالداخل بينما تنتظره هي على بعد أمتار قليلة في الخارج، ليست تلك التجربة الأولى للأم الأربعينية مع المدارس "عندي أيمن في تانية ثانوي عام، وهاني في تانية إعدادي" لكن طفلها الثالث محمد "حاجة تانية خالص" آلم قلبها كثيرًا في الشهور الثلاثة التي سبقت الدراسة "لما وقع اتكسر الدكتور قال يريح في السرير 3 شهور، وده عيل فكان بياخد منوم عشان الكسر ما يتدهورش" مفعول للأدوية لم يكن قد ذهب كليًا بحسب الأم التي لم تكتشف وأسرتها ما حدث مع صغيرها إلا عبر الجيران.
"يا أم أيمن إيه اللي على النت ده؟" هتفت بها إحدى الجارات عشية اليوم الثالث من الدراسة لتسارع والدة محمد لها من أجل المشاهدة "نفسيتي تعبت إن ابني الصغير يتعرض للمعاملة دي عشان عاوز يرتاح شوية، واللي زعلني أكتر من اللي حصل التعليقات بتاعة الناس، أنا فوجئت باللي حصل وفوجئت أكتر بوحاشة الناس، ابني كان جنبي بيتفرج بعد ما شاف الفيديو حكالي كل حاجة وقالي في الآخر مش عاوز أروح المدرسة تاني".
{long_qoute_2}
في منزل الأسرة، جلس محمد مبتسمًا، على غير الصورة التي ظهر عليها في الفيديو، ضحكة بريئة احتلت وجهه وهي يروي لـ"الوطن" ما تعرض له في المدرسة "كنت بقول للدادة عايز أنام لأني كنت تعبان والمدرس وهو بيصورني قولتله بلاش وصاحبي كان بيخبي وشي، ولما شوفت الفيديو اتضايقت لأن الكل بقى يتريق عليا، وخلاص هذاكر من البيت ونفسي لما أكبر أطلع ظابط"، استجابت الأم لصغيرها بالفعل "رابع يوم ماوديتهوش المدرسة وأبوه قالي ماتروحيش تشتكي ولا تعملي حاجة وبنشوف لو ينفع ننقله من المدرسة عشان نفسيته ونفسيتنا تعبت من اللي حصل".
عند هذا الحد يبدو أن القصة انتهت بالنسبة للأسرة، لكنها بدأت بالنسبة للمجتمع، فالفيديو الصادم لطفل يبكي بحرقة مناشدًا مدرسته "أنام ربع ساعة بس يا حاجة"، تحول إلى أيقونة، يتبادلها البعض على سبيل التندر والسخرية من الوضع ككل، سواء المدرسة أو الطالب نفسه، فيما ترجمها آخرون باعتباره أحد أشكال التنمر وعدم تطبيق المعايير في التعامل مع الأطفال.
لم يتوقع أحمد صالح، والد "محمد"، كل هذا الجدل، أخذ يدافع عن ابنه في وجه وصمة تلقاها ضمن تعليقات الفيديو "ابني متربي، لكنه طفل، لما كان في الحضانة، كان بيقول للمُدرسة يا ميس، لكن لأن ده كان أول يوم مدرسة فهو مش مستوعب إن دي مدرسة برضه، والكلمة طلعت منه تلقائية لأننا متعودين أن الست الكبيرة في السن نقولها يا حاجة".
تلقى الأب الذي يعمل نجارًا اتصالًا من وزارة التربية والتعليم، يؤكد الرجل أن من هاتفه اعتذر له ووعده باتخاذ اللازم تجاه المعلمة المخطئة، وأكد "قالوا لي اعمل محضر رسمي واللي انت عاوزه هنعمله، لكن أنا مش هعمل حاجة لأني مش عايز مشاكل لحد، وكفاية اللي حصل لنا من امبارح وهكتفي بالإجراء اللي هتتخذه الوزارة".
مجموعة من الأخطاء أظهرها الفيديو على قصره، تؤكد الدكتورة مايسة فاضل أستاذ علم النفس التربوي، إن تصوير الطالب ونشر الفيديو عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك" بهذه الطريقة أمر غير مقبول، سواء من قام بالتصوير -المعلمة نفسها أو غيرها- لأنه انتهاك لخصوصية الطفل وأسرته بأكملها، فضلًا عن كونه خرقًا لقرار وزير التربية والتعليم منع التليفون المحمول داخل الفصول.
{long_qoute_3}
تؤكد أستاذ علم النفس، أن الفيديو يؤذي نفسية الطفل وأسرته ويدفع إلى كراهية المكان والبعد عنه، لكن ثمة جوانب قانونية يطرحها محمود كبيش العميد الأسبق لكلية الحقوق جامعة القاهرة، يؤكد فيها أن تصوير الغير دون إذن مجرم قانونيًا، سواء كان طفلًا أو بالغًا، وهو ما أكده الدكتور عادل عامر، أستاذ القانون العام، ملخصًا الجرائم التي ارتكبت بحسب قانون العقوبات في هذا الفيديو بقوله: "انتهاك خصوصية الغير، تصوير الطفل دون إذن أهله، وتداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي"، ما يعتبر جنحة تصل عقوبتها إلى الحبس لمدة 3 سنوات، حال مقاضاة أسرة الطفل للمدرسة.
الأمر تجاوز المدرسة والمديرية والوزارة وأسرة الطفل، أصبح له داعمين ومؤيدين، منهم مروة عبدالله، ولي الأمر التي أبدت تعاطفًا مع الطفل "بدور على الخط الساخن لوزارة التربية والتعليم عشان أقدم شكوى ضد جميع المسؤولين بالمدرسة"، تؤكد "مروة": "لما عرفت إنه مكسور قلبي وجعني أكتر، وحسيت بالمأساة اللي كلنا بنعيشها في مدارس أولادنا".
{left_qoute_1}
لم تكتف السيدة الأربعينية بتقديم شكوى ضد المدرسة، تعمل حاليًا على تصميم نموذج لجمع توكيلات من أولياء أمور آخرين على مستوى الجمهورية للمطالبة بتغيير طاقم المدرسة بالكامل ووقفهم عن ممارسة المهنة: "إحنا في مرحلة الإعداد للتوكيل، وفي أمهات من الصعيد والمنصورة وعدونا هيكونوا معانا في الحملة".
الموقف نفسه أعلنه خالد مكي، أحد سكان شبرا وولي أمر أحد الطلاب، الذي تقدم بشكوى إلى وزارة التربية والتعليم، لتطبيق أقصى عقوبة على المدرسة، بالإضافة لنقل الطالب إلى مدرسة أخرى حتى لا يصبح مادة للسخرية من قبل زملائه"، يؤكد: "مش هنسيب حق محمد ولا أسرته، الناس دي لازم تبقي عبرة، وهنتابع القضية وصلت لفين".