التعريفة الجمركية والحكومة الخضراء

فى التاسع من سبتمبر 2018م، صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 419 لسنة 2018م بالتعريفة الجمركية، ونُشر بالجريدة الرسمية بعد يومين من صدوره، وبدأ العمل به بعد يوم واحد من تاريخ النشر. ولعل ما يلفت النظر فى هذا القرار هو حرص الدولة المصرية على تشجيع استعمال مصادر الطاقة البديلة النظيفة والمتجدّدة، بدلاً من المصادر التقليدية، الأمر الذى تجلى فى ثلاثة بنود: (الأول) استحداث بند دولى للسيارات التى تعمل بمحرك كهربائى، حيث تقرّر إعفاؤها من الضريبة الجمركية، تشجيعاً لاستخدام هذه النوعية من السيارات. (الثانى) تخفيض الضريبة الجمركية بنسبة 35% من ضريبة الوارد المقرّرة بجدول التعريفة الجمركية على السيارات التى تعمل بالغاز الطبيعى، بهدف استخدام بدائل نظيفة للوقود بالسيارات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن نسبة التخفيض على هذه الفئة من السيارات كانت 25% فقط فى قرار رئيس الجمهورية رقم 184 لسنة 2013 بإصدار التعريفة الجمركية. (الثالث) تخفيض الضريبة الجمركية بجدول التعريفة الجمركية على السيارات المستحدثة دولياً، التى تعمل بالمحركات المزدوجة «كهرباء وبنزين» Hybrid. حيث تم تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات التى تعمل بمحركين كهربائى وبنزين، من 40% إلى 30% للسيارات سعة 1600 سى سى، وللسعة الأعلى من 135% إلى 100% فقط.

والأثر العملى للتعريفة الجمركية الجديدة هو انخفاض سعر السيارات التى تعمل بمصادر الطاقة النظيفة، مقارنة بالسيارات التى تعمل بالبنزين. والهدف من وراء ذلك هو تشجيع استخدام السيارات صديقة البيئة، الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى خفض الانبعاثات الضارة وتحسين جودة الهواء فى بلادنا. لكن، هذا فى ما يتعلق بمن يستورد أو يشترى سيارة جديدة تعمل بالغاز الطبيعى أو سيارة تعمل بمحرك كهربائى أو بمحرك مزدوج (كهرباء وبنزين). أما فى ما يتعلق بتحويل المركبة العادية للعمل بالغاز الطبيعى، فلم يطرأ أى تغيير على المعاملة الجمركية للمعدات التى تستخدم فى إجراء هذه العملية، بحيث بقيت نسبة الضريبة الجمركية على حالها، وهى (2%). ونفس الحال ينطبق على معدات تجهيز محطات تموين المركبات بالغاز الطبيعى، والمقرر لها ضريبة جمركية مقدارها (2%). والأمر ذاته يسرى على معدات الرصد البيئى وقطع الغيار الخاصة بها ومعدات الطاقة الجديدة والمتجددة (طاقة الرياح - الطاقة الشمسية) وقطع الغيار الخاصة بها، التى يستحق عنها أيضاً ضريبة جمركية مقدارها (2%). وكنا نتمنى أن يتم تخفيض نسبة الضريبة الجمركية على كل هذه المواد، بما يسهم فى تعزيز وسائل الحفاظ على البيئة وتقليل التلوث.

وعلى كل حال، فإن التعريفة الجمركية الجديدة تؤكد بلا شك رغبة الحكومة فى التشجيع على استخدام السيارات صديقة البيئة، بما يكفل تقليل الانبعاثات الضارة. ويسهم ذلك بلا شك فى تحسين الصحة العامة فى بلادنا، وتشجيع السياحة، باعتبار أن البيئة النقية أحد سبل الجذب السياحى. ولكل ما سبق، نرى من الواجب علينا الإشادة بالتعريفة الجمركية الجديدة، باعتبارها خطوة كبيرة نحو تحقيق هدف «حكومة خضراء صديقة للبيئة». والله من وراء القصد...