أهالى المتوفين يروون ساعات الرعب فى واقعة مستشفى ديرب نجم

كتب: نظيمة البحراوى

أهالى المتوفين يروون ساعات الرعب فى واقعة مستشفى ديرب نجم

أهالى المتوفين يروون ساعات الرعب فى واقعة مستشفى ديرب نجم

«حسبنا الله ونعم الوكيل، عاوزين أرواح الناس الغلابة تروح ببلاش ودمهم يضيع هدر، طلبوا منا ناخد الجثث، علشان ما يتحاسبوش»، كلمات ترددت على ألسنة العديد من ذوى المتوفين داخل وحدة الغسيل الكلوى بمستشفى ديرب نجم المركزى بمحافظة الشرقية أمس، حيث بدأ «رجب السيد عبدالحى»، 50 سنة، مهندس زراعى، ابن شقيق أحد المتوفين، حديثه لـ«الوطن» قائلاً: «لولا أن تقدمت ببلاغ إلى وزارة الصحة، وطالبت أهالى المرضى بضرورة الحصول على حقوق المتوفين والمصابين، كان الموضوع عدى وماحدش عرف عنه حاجة».

وأضاف «رجب» أنه فوجئ باتصال هاتفى من ابن شقيقه، فى نحو السابعة صباحاً، يبلغه بوفاة عمه «صبحى عبدالحى على نجم»، 75 سنة، فى مستشفى ديرب نجم المركزى، الذى كان يتلقى العلاج به بعد إصابته بفشل كلوى قبل نحو 4 سنوات، فتوجه على الفور إلى المستشفى، ليجد جثته فوق «ترولى» فى الطرقة أمام وحدة الغسيل الكلوى، مشيراً إلى أنه فوجئ بوجود عدد كبير من المرضى فى حالة خطرة، وأخبره ابن شقيقه بأن المرضى دخلوا لإجراء عملية غسيل كلوى، وبعد نحو 10 دقائق من تركيب الأجهزة لهم، أصيبوا بحالات إغماء وغيبوبة، مما دفع ذويهم للاستغاثة بالأطباء والممرضين، وسرعان ما توافدت سيارات الإسعاف لنقل المرضى إلى عدد من المستشفيات الأخرى.

وأضاف: «علمت من أحد المرضى أن هناك حالات وفاة أخرى، أخذها ذووها وخرجوا بها من المستشفى، بناء على طلب من إدارة المستشفى بمغادرتهم، ومنعاً لتشريحها، فما كان منه إلا أن اتصل بوزارة الصحة للإبلاغ عن الواقعة، وبعد نحو نصف ساعة، فوجئ بعودة الجثتين الأخريين للمستشفى مرة أخرى، واختتم تصريحاته لـ«الوطن» بمناشدة الجهات المختصة، والرئيس عبدالفتاح السيسى، التحقيق فى الواقعة، وعدم مرورها مرور الكرام، حتى لا تتكرر مرة أخرى.

{long_qoute_1}

«سمر صبحى»، ابنة المتوفى، بدأت حديثها بقولها: «حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى كانوا السبب وبهدلة الناس الغلابة وموتهم»، مشيرةً إلى أنها كانت بصحبة والدها قبل ساعات من خضوعه لجلسة الغسيل الكلوى، وكانت حالته جيدة، كما كان حريصاً على جمع أشقائها ورؤيتهم، وأوصاهم على بعضهم، ومضت قائلة بينما كانت تغالب دموعها: «قلبه كان حاسس أنه هيروح المستشفى ومش هيرجع». والتقط «حامد عبدالمولى»، 27 سنة، عامل، مقيم بقرية «طحا المرج»، بدائرة مركز ديرب نجم، طرف الحديث، قائلاً إن والدته «فردوس عبدالله أحمد»، 58 سنة، ربة منزل، توفيت أثناء خضوعها لجلسة غسيل كلوى بالمستشفى، مشيراً إلى أن المستشفى حدد موعد الجلسة فى السادسة صباحاً، فاصطحبتها زوجة أخيه للمستشفى فى الخامسة والنصف صباحاً، مشيراً إلى أنها بعد قليل من دخولها غرفة الغسيل، وتركيب الأجهزة، وتوصيل المحاليل بأوردتها، تدهورت حالتها بشكل مفاجئ، وتوفيت فى الحال، وأسرع إلى المستشفى بعد تلقيه خبر وفاتها.

وأكد «حامد» أنه فور وصوله المستشفى فوجئ بأن الجميع فى حالة «هلع»، ممرضون وأطباء وأهالى المرضى يهرعون ولا أحد يعلم بما جرى، عدد كبير من المرضى كانت حالتهم تتدهور، وأضاف: «أثناء انتظارى بجوار جثة والدتى، لمعرفة كيفية وفاتها، بادرنى أحد الموظفين بقوله: «خذ أمك من المستشفى وروح على بيتكم، انت هتستنى لحد ما جثتها تتشرح»، مشيراً إلى أنه استجاب لحديث الموظف وخرج بجثة والدته من المستشفى، واستأجر سيارة ربع نقل، لنقلها إلى المنزل، وتابع أنه «بعد نصف ساعة من وصولنا المنزل، وقبل تغسيل جثتها، فوجئت بأحد العاملين بالمستشفى يطلب منى إحضار جثتها مرة أخرى»، ولفت إلى أنه عندما شاهد جثة والدته لأول مرة، فور وصوله المستشفى، وجد آثار «رغاوى» على فمها، مما يشير إلى احتمالية إصابتها بتسمم نتيجة تناول دواء فاسد، وطالب بضرورة ظهور الحقيقة كاملة.

وأضاف «عطية مهدى»، 41 سنة، قائلاً: «عايزين حق زوجة عمى واللى توفوا، مش معقول الناس تروح المستشفى علشان تتعالج ترجع بيوتها جثث هامدة»، وأكد «إحنا ناس مؤمنين بقضاء الله وقدره، بس اللى حصل يدل على أن هناك إهمال جسيم، ولابد من محاسبة المسئول»، مشيراً إلى أن المستشفى به نقص كبير فى الخدمات بشكل عام، وكثيراً ما كان مرضى الغسيل الكلوى يضطرون لشراء أدوية على نفقتهم الخاصة، بينما قالت «رحاب عبدالمولى»، ابنة المتوفاة: «آخر مرة رأيت فيها أمى كانت حالتها الصحية جيدة، ولا يبدو عليها أى شعور بالتعب»، وتابعت بقولها: «مش عاوزين حد ييجى يقول لنا أصل هى كانت كبيرة فى السن وبتعانى من أمراض، وتوفيت قضاءً وقدراً، زى ما هو متوقع، إحنا عاوزين حق الله، واللى موّت الناس دى لازم يتحاسب، يمكن أمى ست كبيرة وأدت رسالتها، بس لو كان مات شاب صغير وعنده أسرة وعيال يتيتموا ليه؟».

والتقت «الوطن» عدداً من أقارب الضحايا والمصابين، الذين تجمهروا أمام مستشفى ديرب نجم المركزى، فى محاولة للوقوف على أسباب وفاتهم وتدهور حالتهم الصحية، وأكد أحد الشهود أن أكثر من 30 مريضاً تدهورت حالتهم بشكل خطير أثناء خضوعهم لجلسة الغسيل الكلوى، ولا أحد يعرف الأسباب، مشيراً إلى أن بعض الأهالى نقلوا ذويهم إلى عدد من المستشفيات الخاصة، والبعض الآخر تم تحويله إلى مستشفيات الزقازيق الجامعى و«الأحرار»، وأضاف أن إدارة المستشفى حاولت التعتيم على الواقعة، وسمحت بخروج جثث المتوفين، إلى أن تم إبلاغ وزارة الصحة بالأمر.

وقال أحد الموظفين بمستشفى ديرب نجم المركزى، رفض ذكر اسمه، إن أحد مفتشى الصحة حضر إلى المستشفى فى وقت سابق، وطلب من المدير الإدارى عدم بدء تشغيل جلسات الغسيل الكلوى إلا فى المواعيد الرسمية فى الثامنة صباحاً، وهو ما لم يلتزم به المدير، وأصر على إجراء جلسات الغسيل الكلوى فى الساعة السادسة أو السابعة، وأشار إلى أنه كانت هناك شكاوى من العديد من المرضى، بخصوص عدم كفاءة وحدات غسيل الكلى بالمستشفى، لافتاً إلى أن معظم هذه الماكينات تبرع بها بعض الأهالى.


مواضيع متعلقة