ترامب والإعلام.. معركة "عض أصابع" على خطى "ووتر جيت"

كتب: أحمد البهنساوى

ترامب والإعلام.. معركة "عض أصابع" على خطى "ووتر جيت"

ترامب والإعلام.. معركة "عض أصابع" على خطى "ووتر جيت"

فجر هجوم الرئیس الأمريكي دونالد ترامب، على صحيفة "واشنطن بوست" مؤخرا تساؤلا حول مدى إمكانية حدوث "ووتر جيت جديدة" على يد ذات الصحيفة التي ساهمت في الإطاحة بالرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، وذلك بسبب وصول علاقة ترامب بأغلب وسائل الإعلام الأمريكية إلى طريق مسدود بسبب هجومه عليها منذ تقلد منصبه العام الماضي، وأكد عدد من الخبراء الذين تحدثوا لـ"الوطن" أن ترامب نصب نفسه عدوا للإعلام الأمريكي وأنه يسير بخطى متسارعة نحو مصير "نيسكون".

وركز ترامب هجومه الأربعاء الماضي على الصحفي كارل برنستین الذي ساھم مع زمیله بوب وودوارد في إسقاط الرئیس ریتشارد نیكسون، متھما برنستین بأنه "یختلق" القصص، وكتب ترامب على تویتر "الفوضوي كارل برنستین، رجل یعیش في الماضي ویفكر كمنحط أحمق، یختلق القصة وراء القصة، بات محل سخریة في كل أنحاء البلاد".

ویأتي ھجوم الرئیس الأمريكي على برنستین مع ترقب صدور كتاب لبوب وودوارد، شریك كارل في فضیحة ووترغیت، عن ترامب، ویحمل الكتاب الذي سیصدر في 11 سبتمبر عنوان "خوف: ترامب في البیت الابیض"، ویكشف بحسب الناشر "سیمون وشوستر" تفاصیل غیر مسبوقة عن الحیاة المروعة داخل البیت الأبیض في ظل رئاسة ترامب، وكیفیة اتخاذ الأخیر لقرارات حول سیاسات داخلیة وخارجیة كبرى".

{long_qoute_1}

وقال الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، إن ترامب وضع نفسه في خانة العدو الأول للإعلام "منذ صعوده إلى سدة السلطة يضع الإعلام على لوحة التنشين ويظهر كرها واحتقنا إلى الإعلام التقليدي خصوصا ورغم أنه سبق، وقال إنه في أكتوبر الماضي أنه لولا تويتر ماو صل إلى حكم أمريكا إلا أنه يواصل هجومه على وسائل التواصل الاجتماعي" بحسب تعبيره.

وأوضح عبدالعزيز، أن علاقة ترامب بالإعلام تدخل في باب التحليل النفسي وليس السياسي: "لأن أي سياسي حكيم أو رجل دولة يجب أن يدرك خطورة مناصبة الإعلام العداء واحتقار مفهوم الصحافة ذاته وليس سياسات بعض الصحفيين وهي معركة خاسرة قبل أن تبدأ، لكن من الصعب توقع أن يستمر أو يطاح من منصبه لكن على الأقل جدا يمكن اعتبار أنه صنف نفسه في خانة أكثر القادة ارتكابا للإخطاب في التعاطي مع الإعلام".

وطال الھجوم أیضا شبكة "سي إن إن" الإخباریة التي تعتبر ھدفا دائما لترامب الذي قال إن الشبكة "ممزقة من الداخل بسبب كشف كذبة كبیرة لھم، وھم یرفضون الاعتراف بالخطأ"، وردت "سي إن إن" على ترامب بالقول "لا تخطئ أیھا الرئیس، (سي إن إن) لا تكذب، نحن ننشر الأخبار، وننشر أیضا عندما یكذب أصحاب السلطة، (سي إن إن) تتمسك بتقاریرھا وصحفییھا.. قد یكون ھناك العدید من الحمقى في ھذا التقریر، لكن كارل برنستین لیس واحدا منھم".

{long_qoute_2}

وحلل الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بإعلام القاهرة، طبيعة الصراع بين ترامب والإعلام الأمريكي، لافتا إلى أن ترامب يرى الصحافة بأنها منبع الأخبار الكاذبة وأنها عدوة الشعب كما أنها حزب المعارضة، ما أدى إلى أن أكثر من 300 صحيفة تبدأ حملة ضده في افتتاحياتها فرد ترامب في تغريداته، قائلا: "أنتم صحف مفلسة لا قيمة لها والصحافة المطبوعة لم يعد لها قيما أنا متابعيني على تويتر 100 مليون".

وتابع علم الدين: "في تصوري أنها أزمة وستمر لكن الأخطر من هذا أن هناك أزمة أخرى تواجه الصحافة الأمريكية بسب قرارات اقتصادية للإدارة الأمريكية بزيادة الرسوم الجمركية أو تعريفة الضرائب على ورق الصحف المستورد من كندا لأنه أرخص من ورق شركات صناعة الورق زودت أسعار الورق بنسبة 30%".

وأوضح عضو الهيئة الوطنية للصحافة، أن الصحف الأمريكية تعاني من أزمة ضخمة بسبب القرار، متسائلا: "هل هذا القرار يعد انتقاما من الصحافة أم محاولة لتحسين وضع الاقتصاد الأمريكي"، موضحا أنها معركة ممتدة ومتشعبة ولأول مرة يكون كل هذا الكم من الصراع بين رئيس أمريكي والصحافة لاسيما وأنه هاجم مؤخرا "فيسبوك" و"جوجل" و"تويتر"، واتهمهم بأنهم يتعمدوا تشويه صورته كما أنه الذي أطلق مصطلح الأخبار الزائفة، معقبا بقوله "هذه الأزمة تكشف الكثير ما كنا لا نعلمه عن كواليس ودهاليز الإعلام الأمريكي".

وقد شارك برنستین في تقریر لـ"سي إن إن"، وأشار نقلا عن مصادر إلى إدعاء مایكل كوھین محامي ترامب معرفة الرئیس الأمريكي مسبقا باجتماع جرى في یونیو عام 2016، وكان من المتوقع أن یتشارك فیه الروس معلومات سیئة عن المرشحة الرئاسیة ھیلاري كلینتون، ومنذ ذلك الحین والقصة محل تساؤل وتشكیك، خاصة بعد أن تراجع عنھا أحد المصادر، وھو "لاني دیفیس" محامي مایكل كوھین الخاص، لكن الشبكة تمسكت بالتقریر والقصة.

{long_qoute_3}

من جانبه أعرب السفير سيد أبو زيد، مساعد وزير الخارجية السابق، عن أمله في أن يقود صراع ترامب والإعلام الأمريكي إلى ووتر جيت جديدة تطيح به من منصبه، مبررا أمنيته تلك بأن الرئيس الأمريكي اتخذ أسوأ موقف للإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاه القضايا القومية وعلى رأسها قضية فلسطين بقراره نقل السفارة الأمريكية في الأراضي المحتلة من تل أبيب إلى القدس، واصفا القرار بأنه "تصفية قاسية ولا إنسانية للقضية".

وتابع: "أتمنى شخصيا حدوث ووتر جيت جديدة لترامب لأنه يخرج عن المواقف الطبيعية والموضوعية والمألوفة كما أن عقليته عقلية "سمسار العقارات" يسعى الي الكسب المادي ولا عواطف مثلما قال ان امريكا فوق الجميع ومستعدة أن تسير علي جثث الدول الاخري، ورغم ان هذه السياسات وان كانت تعطي مردود ايجابي للامريكان في المدى القصير لكن على المدى القومي سيكون المردود سلبيا".

وأوضح أبوزيد، أن ترامب هدم كل الثوابت الموجودة خاصة فيما يتعلق بعلاقة امريكا باوروبا وعلاقاتها البترولية العالمية والأفكار الغريبة التي ترد على ذهنه، ومنها أن أمريكا تدافع عن الآخرين لمصالحهم هم ومن ثم يجب أن يدفعوا ثمن هذا الدفاع وهذا غير صحيح.

وبدأ صراع ترامب مع الإعلام الأمريكي منذ أعلن عن ترشحه لرئاسة الولايات المتحدة الامريكية حيث هاجمه الإعلام خلال حملته الانتخابية بسبب تصريحاته التي وصفها سياسيون ونخب إعلامية وفنية بـ"العنصرية"، والتي "تهدد قيم الولايات المتحدة"، وأعلنت وسائل الإعلام الأمريكية صراحة انحيازها لهيلاري كلينتون والحزب الديمقراطي خلال الانتخابات الرئاسية، وهو ما أغضب ترامب وصوّب تغريداته النارية على الصحافة الأمريكية، متهماً إياها بـ "الكذب والتضليل وعدم المهنية".

وفي أول مؤتمر صحفي للرئيس المنتخب، فقد ترامب أعصابه في ملاسنة كلامية مع مراسل سي إن إن، إذ لم يسمح له بتوجيه سؤاله، ولم يكتفِ بذلك؛ بل تعداه إلى اتهام الشبكة بنشر أخبار مزيفة، في حين تحدّته الشبكة بعدها بأن يثبت صحة ادعائه، مؤكدة دقة أخبارها، وذلك على خلفية نشر الشبكة الأمريكية لـ "تقرير" يزعم امتلاك الرئيس الروسي تسجيلات لترامب داخل "حفلات جنس منحرفة".

 


مواضيع متعلقة