"قانون التظاهر".. حين يكون الاحتلال الإنجليزي أرحم بالمصريين من حكومة الببلاوي

"قانون التظاهر".. حين يكون الاحتلال الإنجليزي أرحم بالمصريين من حكومة الببلاوي
"بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في الثامن من يوليو 2013، وعلى قانون العقوبات، وعلى قانون الإجراءات الجنائية، وعلى القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر، والقانون رقم 14 لسنة 1923 بتقرير الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة وبالمظاهرات في الطرق العامة.. وبعد موافقة مجلس الوزراء، وبناء على ما ارتآه مجلس الدولة، قرر القانون الآتي نصه.."، هكذا كانت ديباجة رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور، لمشروع قانون التظاهر في الجريدة الرسمية، الذي أثار إقراره عاصفة من الغضب في الأوساط السياسية، وبين شباب الثورة، والذي لا يعلم أحد لماذا صدر القانون في هذا التوقيت الحرج، وخلال الفترة الانتقالية والصراع الدائر مع جماعة الإخوان، تساؤلات عديدة وعلامات استفهام حول هذا القانون، منها كيف كانت تدار أو تنظم التظاهرات والاجتماعات في العهود السابقة.
ووفقا لمنظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بأوضاع حقوق الإنسان في العالم، فإن التظاهرات في مصر كانت محكومة بقانون التجمهر غير المشروع لسنة 1914، والقانون 10 لسنة 1914، وقانون الاجتماعات العامة رقم 14 لسنة 1923، والتي كانت تستخدمها الشرطة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك لحظر المظاهرات العامة، وهي القوانين التي تم الاطلاع عليها خلال وضع قانون التظاهر الجديد، وفقا لما جاء في ديباجة الجريدة الرسمية، وهي قوانين يرجع تاريخها لما يقرب من 100 عام، ووضعها الاحتلال الإنجليزي بعد إعلان الحماية البريطاني على مصر، واستمر طيلة العقود الماضية بدون تعديل.[FirstQuote]
وبقراءة في قانون التظاهر رقم 10 لسنة 1914، والذي جاء من 4 مواد، وتضمن نص المادة الأولى منه: "إذا كان التجمهر المؤلف من 5 أشخاص على الأقل من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر وكان رجال السلطة قد أمروا المتجمهرين بالتفرق فكل من بلغة الأمر منهم ورفض إطاعتة أو لم يعمل به يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 20 جنيها"، وهو بالمقارنة بقانون التظاهر الجديد في مادته السابعة "تحظر الإخلال بالأمن العام والنظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو تعطيل مصالح المواطنين أو تعريضهم للخطر والحيلولة دون التأثير على المرافق العامة أو النقل أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة وتعريضها للخطر"، والتاسعة عشر "يعاقب بالحبس مدة سنتين ولا تتجاوز 5 سنوات وغرامة 50 ألف إلى 200 ألف لكل من خالف الحظر المنصوص عليه في هذا القانون"، فإن الاحتلال الإنجليزي كان أرحم بالمصريين من الحكومة الحالية، فقانون التجمهر أعطى في مادته الأولى والثانية عقوبة 6 أشهر وغرامة 20 جنيها للمخالفين، في حين وصلت العقوبة في القانون الجديد إلى سنتين وغرامة تصل إلى 200 ألف جنيه.
وحول استخدام العنف في التظاهرات، فكانت العقوبة في القانون الذي وضعه الاحتلال في المادة الثالثة من القانون هي: "إذا استعمل المتجمهرين المنصوص عليهم فى المادة السابقة أو استعمل القوة أو العنف جاز إبلاغ مدة الحبس المنصوص علية في الفقرة الأولى من المادة السابقة إلى سنتين للأشخاص الذي يتألف التجمهر منهم، كما يجوز إبلاغ مدة الحبس المنصوص عليها في الفقرة الثانية منها إلى 3 سنوات لحاملي الأسلحة أو الآلآت المشابهة لها"، وهي العقوبة الأشد في قانون التظاهر الجديد في مادته السابعة عشرة وتنص بـ''السجن المشدد مدة سبع سنين وغرامة 100 ألف جنيه ولا تتجاوز 300 ألف لكل من قام بإحراز سلاح أو ذخائر أو متفجرات خلال مشاركته في الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة".
وقال محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي لـ"الوطن": "قانون التظاهرالجديد هو أسوأ قوانين التظاهر التي وضعت على الإطلاق، فهو ليس فقط يضر بالحريات، وإنما يضر بالعملية الديموقراطية متمثلة في الانتخابات واجتماعات المرشحين، فهو ليس قانون لتنظيم حق التظاهر وإنما لمصادرته، فهو طوارئ جديدة".