«روتين» البنوك الحكومية ونقص السيولة يضرب المدينة الصناعية بالفيوم

«روتين» البنوك الحكومية ونقص السيولة يضرب المدينة الصناعية بالفيوم
فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة لتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير قنوات تمويلية عبر حزمة إجراءات تحفيزية، لا تزال تلك المشروعات تواجه شبح التعثر بسبب ضعف التمويل وانخفاض السيولة لديها، وهو ما أدى إلى أن هناك نحو 356 مصنعاً لا تعمل بالمدينة الصناعية بمحافظة الفيوم.
وكشفت جولة أجرتها «الوطن» فى محافظة الفيوم عن أن أصحاب المشروعات الصغيرة يفضلون الاقتراض من الصندوق الاجتماعى للتنمية لانخفاض سعر العائد لديه إلى 8% مقارنة بنحو 17% بالبنوك. وأكد أصحاب المشروعات أن نقص التمويل يعد أبرز المشكلات التى تواجههم، فيما تبدو شكواهم واضحة من روتين البنوك الحكومية وبطء إجراءات ومستندات منح التمويل.
أصحاب المشروعات أكدوا أن الظروف التى مرت بها البلاد خلال الفترة الماضية لم تكن مواتية لتنفيذ توسعاتها، لكن البنوك رفضت تأجيل الأقساط المستحقة عليها، وهو ما جعلها عرضة للتعثر وتأخر استكمال تلك التوسعات، وهو ما أثر على معدلات ربحيتها.
محمد الشريف، صاحب أحد مصانع الأعلاف الممولة من الصندوق الاجتماعى للتنمية عبر البنك الأهلى المصرى، قال إن أبرز المشكلات التى تواجهها المدينة الصناعية بمحافظة الفيوم تتمثل فى توفير السيولة والحصول على التمويل، حيث إن عدد المصانع العاملة لا يتجاوز 144 مصنعاً من إجمالى 500 مصنع، وهو ما يشير إلى أن هناك 356 مصنعاً لا يعمل.
وأشار إلى أن عقبات الحصول على التمويل متعددة، من بينها الإجراءات البنكية المعقدة، وبخاصة فى البنوك الحكومية، حيث إن المستندات المطلوبة كثيرة ويتطلب استخراجها وقتاً غير عادى، وهو ما يشير إلى استحالة حصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تبدأ أعمالها للمرة الأولى على التمويل، نظراً لأنها لا تطلب موافقات وتراخيص نهائية وليست مبدئية لتمويلها، فى حين أن بعض تلك الإجراءات يتطلب تشغيل المشروع أو جزء منه، «ولولا أننا مشروع يعمل منذ سنوات ولدينا ملاءة مالية وتدفقات، ما كنا استطعنا الحصول على التمويل».
وأضاف أن «البنوك فى العالم تمول الأفكار وليست رؤوس الأموال فقط، لكن المؤسسات الحكومية فى مصر لم تمنحنى احتياجاتى التمويلية بل أعطتنى 50% فقط من رأس المال، وهو ما يوازى 6 ملايين جنيه، فى حين أن احتياجاتى تبلغ 10 ملايين جنيه لتنفيذ توسعات مشروع استثماراته تجاوزت 36 مليون جنيه، لذا قدمنا للبنك الحكومى دراسات جدوى وفقاً للتمويل المتاح».
وأشار إلى أن المشروعات واجهت مشكلة فى توفير النقد الأجنبى لتمويل استيراد المواد الخام أو المعدات من الخارج خلال الفترة الماضية، وهو ما أثر بالسلب على عملية الإنتاج، وقال: «قربنا نبوس إيديهم لفتح الاعتمادات، لأن سعر الصرف كان يرتفع بشكل كبير كل يوم».
وأضاف: «على الرغم من أن البنك الأهلى المصرى بادر بمنحنا التمويل، فإنه رفض طلبنا بتأجيل سداد أقساط القرض، مطالباً بدفع الأقساط رغم أن المشروع لم يكتمل بسبب الظروف التى مرت بها البلد فى الفترة الماضية. ونحتاج إلى مد مهلة السماح لحين البدء فى الإنتاج»، مؤكداً أنه لولا اعتماده على موارده الذاتية لأصبح عميلاً متعثراً.
وأشار إلى أن الإجراءات التى تطلبها البنوك الأجنبية العاملة فى السوق المحلية أيسر كثيراً من المؤسسات الحكومية لكن بسعر عائد مركب يتجاوز 12%، «فيما حصلنا على التمويل من البنك الأهلى المصرى بالتعاون مع الصندوق الاجتماعى للتنمية بعائد قدره 10%».
ربيع رشوان، صاحب مصنع حصير بلاستيك، قال إنه فضل الاقتراض من الصندوق الاجتماعى نظراً لانخفاض سعر الفائدة لديه مقارنة بالبنوك، كما أنه يتعامل مع الصندوق منذ سنوات طويلة. مؤكداً أنه حرص على إيداع حصيلة صادرات مصنعه لدول السودان والجزائر وليبيا من النقد الأجنبى لدى البنوك، بخاصة فى ظل تراجع إيرادات الدولة من النقد الأجنبى خلال الفترة الماضية.
وأكد «رشوان» أنه يعتزم تأسيس مصنع جديد فى مجال الشكاير البلاستيك عبر حصوله على قرض مباشر من الصندوق يجرى حالياً تحديد قيمته فى دراسة الجدوى.
جوزيف ميلاد، صاحب مصنع للورق، قال إنه يسعى للحصول على قرض قيمته 2.5 مليون جنيه من الصندوق الاجتماعى للتنمية لإجراء توسعات فى مصنعه، لعمل خط آلى يضاعف الإنتاج، وذلك لأن سعر العائد لدى الصندوق يبلغ نحو 8% ثابتة مقارنة بالبنوك التى تبلغ فيها الفائدة 17% بالمصاريف والعمولات، فيما تعيد البنوك إقراض أموال الصندوق بعائد 10%.