مِنْ مَقاصِد الحج
- أركان الحج
- الحجر الأسود
- الحديث الشريف
- الخطاب الدينى
- رمى الجمرات
- صفحة جديدة
- طوابير الخبز
- عبد الله
- لبيك اللهم لبيك
- من حولك
- أركان الحج
- الحجر الأسود
- الحديث الشريف
- الخطاب الدينى
- رمى الجمرات
- صفحة جديدة
- طوابير الخبز
- عبد الله
- لبيك اللهم لبيك
- من حولك
كثيراً ما يُغرق الخطاب الدينى فى بيان أركان الحج وأحكامه غافلاً عن مقاصده العليا، وأهدافه العظمى، وأول مقاصد الحج يرتبط بالعزة والكرامة والشموخ، تلك المعانى نجدها حينما نقول: (لبيك اللهم لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك).. فحين يعيش الإنسان هذا المعنى لا يذل نفسه، ولا ينافق، ولا يداهن ولا يحسد، ولا يحقد، ولا ييأس، لأنه يعلم أن مرسل النعم وصاحب الملك هو الله وحده.
ومن مقاصد الحج التوازن فى الحياة، «.. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ» فالحج يجمع بين مصالح الفرد الدنيوية والأخروية، فالمسلم يعيش متوازناً، يعبد الله ولا ينقطع عن الحياة، والتمتع بلذاتها وما فيها من رفاهية، ولا يستمع لخطاب المتشددين الذين حرّموا كل شىء.
ومن مقاصد الحج التعود على النظام والانتظام، فلا أنانية ولا فوضى، فهو يطوف بالكعبة، ويقف بعرفات ويرمى الجمرات وسط ازدحام شديد، فينمى هذا فيه الرقى فى أمور حياته، فيرتبها باتساق ونظام، ولا يقدم غير المهم على المهم، وينأى بنفسه عن مواضع الأنانية والفوضى. وينتقل له مقصد النظام والانتظام من الحج ليكون شعاراً له وهو يقف فى هيئات البريد والتموين والبنوك وطوابير الخبز وهكذا.
ومن مقاصد الحج فتح صفحة جديدة مع الله والمجتمع والنفس، ففى الحديث الشريف: (من حج فلم يرفث أو يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، فهذه صفحة جديدة يفتحها الإنسان مع ربه بالطاعة، ومع مجتمعه بالعمران والأخلاق، وإغاثة الملهوف، ومع نفسه بتزكيتها، ويعيد مراجعة أفكاره لتتماشى مع المنهج المنضبط، فيرجع للحياة كيوم ولدته أمه.
ومن مقاصد الحج أن تطوف بقلبك مع جسدك، وتستحضر عظمة البيت فى القلب كأنك تشاهد رب البيت لشدة تعظيمه إياه، وتشكره حيث شاء أن يُلحق الزائرين بزمرة الوافدين عليه، آملين الانتقال إلى جهة الجنة فيدخلوها هم «ومَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ».
وللعدد سبعة مقصد جليل.. سبعة أشواط من الطواف، وسبعة من السعى، وسبعة فى رمى الجمرات، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، والبحر يمده من بعده سبعة أبحر.. إنها سباعية الكون، حتى تشعر بالأكوان من حولك، تتلطف بها، وتتعايش معها، وتسعى لخدمتها.
وأما تقبيل الحجر الأسود فله مقصد عظيم أيضاً، فهو من جنس الجمادات، فيعلمك الإسلام الأدب مع الجمادات حيث تقبيل الحجر الأسود، والأدب مع النباتات حيث نُهى عن قطع الأشجار فى الحرم، والأدب مع الحيوانات: «لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ»، والأدب مع الإنسان: «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِى الْحَجِّ».
ولو فهم الحاج ما فى البيت من أسرار لامتلأ قلبه بالتواضع والرحمة والإيثار، ومحبة العمران، والانفتاح على العالم لا الاصطدام معه، فأخلاقيات البيت تسع المسلم، والمسيحى، والعلمانى، والليبرالى، واليسارى، والملحد، لا يشعر أحد فى شئون المعاملة أنه مكرَه ولا مكروه ولا منبوذ.
وهناك على عرفات الله مقصد جليل من الوحدة الإسلامية والإنسانية، تراه فى اختلاف اللغات، واجتماع الأمم.. الموقف شريف، والرحمة تصل من حضرة الجلال إلى كافة الخلق بواسطة القلوب العزيزة، فإذا اجتمعت هممهم، وتجردت للضراعة والابتهال قلوبهم، وارتفعت إلى الله أيديهم، وشخصت نحو السماء أبصارهم مجتمعين بهمة واحدة، حدث التعارف والتواصل.
وأخيراً فإن من أعظم الذنوب أن يحضر الحاج عرفات ويعيش مقاصد الحج ثم يظن أن الله لن يغفر له، أو أن يقف بجوار مقام سيد الخلق وآل بيته الأطهار خاشعاً متوسلاً ويظن أن جنة الله ورحمته بعيدة عنه.. رَبِّ أعن وتقبل.