"مكافحة جرائم الإنترنت".. قانون رادع ومخاوف من غلق المواقع الإلكترونية

كتب: أحمد البهنساوى

"مكافحة جرائم الإنترنت".. قانون رادع ومخاوف من غلق المواقع الإلكترونية

"مكافحة جرائم الإنترنت".. قانون رادع ومخاوف من غلق المواقع الإلكترونية

منذ أن أقر الرئيس عبدالفتاح السيسي قانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات" قبل يومين، تباينت ردود الفعل بشأن أثر هذا القانون على وسائل الإعلام سلبا وإيجابا، ومدى مساسها بحرية عملها، حيث أكد خبراء تحدثوا لـ"الوطن" أن القانون مهم في الفترة الحالية ويتماشى مع اهتمام عالمي بهذا الموضوع المتصاعد، فيما أبدى البعض تخوفه من تغول الجهة الإدارية التي لها حق غلق أو حجب المواقع الإلكترونية.

ويعد القانون الجديد الأول من نوعه بمصر في مجال مكافحة الجريمة الإلكترونية، حيث يَنص على فرض عقوبات تصل إلى السجن، ولغرامة مالية قد تصل إلى 5 ملايين جنيه ضد مستخدمي الإنترنت والشركات مقدمة الخدمة لمواجهة محاولة اختراق المواقع والبريد الإلكتروني أو حتى الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

{long_qoute_1}

"تنقية الشوائب" الوظيفة الأهم التي يفعلها القانون بحسب قول الدكتور سامي عبدالعزيز، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، موضحا أن القانون الجديد يعمل عملية تنقية من الشوائب والعيوب التي صاحبت هذه الوسائل، كما أنه يجعل كل من يقدر على إساءة استخدام هذه الوسيلة ويحولها من نعمة إلى نقمة محل محاسبة.

وأضاف عبدالعزيز، لـ"الوطن": "التجارب أثبتت أن القوانين وحدها لا تمنع ولا تردع لكن هنا لا بد من توافر مسؤولية المجتمع والمواطن في أن يكون شريكا إما في الإبلاغ عما يتوقع فيه الجريمة الإلكترونية، وإما سد الطرق لإغلاق هذه البوابات بمبادرة ذاتية في وجه صاحبها، وهنا يحدث نوع من التلاقي بين القانون والممارسة الواقعية".

تشكيل دائرة قضائية، كان مطلبا لعميد إعلام القاهرة الأسبق، لسرعة الفصل في القضايا المتهم فيها مخالفي هذا القانون، "لأن سرعة انتشار الجريمة الإلكترونية أسرع من أي جريمة أخرى، وكلما عجلت بالتطبيق الفعلي له بشكل علني قانوني يرتدع الباقي، كما سيتم نفي تهمة التقييد على الحريات"، حسب قول عبدالعزيز.

كما طالب بضرورة أن يصاحب هذا القانون حملة توعية تحت شعار لا تجعلوا النعمة نقمة "لأن وسائل التواصل بها نعم لكن عندما يساء استخدامها يتحول إلى نقمة، والإنترنت هو الآن من يحرك الشعوب والسوشيال ميديا تغير مفاهيم وقيم، وهذه هي الخطورة الحقيقية، فياليتها معارضة سياسية أو تستخدم كساحة للمبارزة الفكرية وثقافة الاختلاف وليس الصراع"، حد تعبيره.

ويكلف القانون رئيس المحكمة الجنائية المختصة بإصدار أوامر "بضبط أو سحب أو جمع أو التحفظ على البيانات والمعلومات أو أنظمة المعلومات، وتتبعها في أي مكان، أو نظام، أو برنامج، أو دعامة إلكترونية، أو حاسب تكون موجودة فيه، ويجري تسليمها للجهة المنفذة للأمر، في حال كان لذلك فائدة في إثبات ارتكاب جريمة تستلزم العقوبة بمقتضى أحكام هذا القانون".

{long_qoute_2}

فيما رأى الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة وعضو الهيئة الوطنية للصحافة، أن تأثيرات القانون في صالح المستخدم والمجتمع ووسائل الإعلام، "لأن القضية ببساطة أن هذه وسيلة جديدة مختلفة عن الوسائل التقليدية، كما أن هناك 4.2 مليار في العالم يدخلون على الإنترنت منهم 3.3 مليار يدخلون على السوشيال ميديا في ظل قواعد جديدة للعبة الإعلامية، لا سيطرة لمؤسسات مهنية احترافية لها كيانها القانوني على المحتوى، وبالتالي كان لا بد من تنظيم لأن هناك جرائم إلكترونية تبدأ من سرقة المحتوى وانتحاله والتحرش الإلكتروني والتزييف والتحريض ونشر الشائعات"، بحسب تعبيره.

واعتبر علم الدين، والذي يترأس لجنة التدريب بالهيئة الوطنية للصحافة، أنه "في ظل التأثيرات الواسعة للوسائل الرقمية الجديدة سواء على المستوى النفسي أو الاجتماعي أو الجنائي، فلا بد من اتخاذ إجراءات قوية وأيضا هناك أشياء من الصعب انتظار القضاء فيها، فعندما نجد شائعة منتشرة خاصة بالقوات المسلحة أو بسمعة شخص فيجب التدخل".

"القانون يساير الكثير من دول العالم"، حسب علم الدين، "فالعالم يجرب المداخل الإلكترونية، ورغم أن هناك اختلافا حولها لكن الاتجاه في العالم الآن للتقنين مثل فرنسا وألمانيا وماليزيا لكنها سحبته، لأنها وجدت أن قانون العقوبات أقوى والهند الشيء نفسه، وفي الوقت ذاته البعض يطرح المخاوف من فكرة من التقنين".

ويتيح القانون للجهات المختصة "البحث والتفتيش، والدخول والنفاذ إلى برامج الحاسب وقواعد البيانات وغيرها من الأجهزة والنظم المعلوماتية تحقيقا لغرض الضبط"، وكذلك " أمر مقدم الخدمة بتسليم ما لديه من بيانات أو معلومات تتعلق بنظام معلوماتي أو جهاز تقني، موجودة تحت سيطرته أو مخزنة لديه، وكذا بيانات مستخدمي خدمته، وحركة الاتصالات التي تمت على ذلك النظام أو الجهاز التقني أو في نطاقه".

{long_qoute_3}

بينما رأى الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز، أن أخطر مشكلة في القانون هي ما يتعلق بإعطاء الحق لجهات التحقيق بإلغاء أو وقف مواقع إلكترونية بداعي أنها ترتكب أخطاء أو تجاوزات معينة، بينما هذا الحق مخول للقضاء في الجانب غير الإعلامي، بينما الجانب الإعلامي فإنه مخول للمجلس الاعلى لتنظيم الإعلام، "فهذا خطر كبير على الحالة المعلوماتية وبه شبهة عدم الدستورية فيما يتعلق بإناطة سلطة غير قضائية بغلق موقع إلكتروني" بحسب تعبيره.

وأوضح عبدالعزيز المسألة الأخرى التي يتخوف منها، وتتعلق بتضييق هوامش الحديث العمومي في المجال العام عبر فرض سيطرة على المنابر الاتصالية غير النظامية الممثلة في الحسابات التي سيبلغ عدد أعضائها 5 آلاف أو أكثر، لكن تخوفه لم يمنع من إشادته ببعض المواد، قائلا: "القانون ينطوي على بعض المواد الجيدة وتأثيره على الحالة الإعلامية ليس جوهريا لكن يمكن قياسه".

وفرض التشريع في مادته "18" عقوبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه كل من اخترق بريدًا إلكترونيا أو موقعًا أو حسابًا خاصًا، وغلظ القانون العقوبة في حالة إذا كان البريد الإلكتروني أو الحساب الشخصي ملك لشخصية اعتبارية، لتصبح 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه.


مواضيع متعلقة