"الحج الحرام".. حكايات المسؤولين الباحثين عن التطهير بـ"المال الحرام"

07:17 م | الأحد 19 أغسطس 2018

بدأت مناسك الحج في المشاعر المقدسة، اليوم، الموافق الثامن من ذي الحجة، بعد تصعيد حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، استعدادًا للصعود إلى مشعر عرفات، غدا، في مناسك يشارك فيها نحو مليوني حاج.

"الركن الخامس من أركان الإسلام"، وفرض عين على كل مسلم بالغ قادر".. هناك من يستغله استغلالا خاطئا من أجل تطهير النفس أمام الناس دون النظر إلى عاقبتها في الآخرة، إذ ظهرت في الآونة الأخيرة "رشاوى" متمثلة في "رحلات حج".

وكانت سعاد الخولي نائب محافظ الإسكندرية، جرى اتهماها بالحصول على رحلة حج "vip"، تجاوزت قيمتها الـ200 ألف جنيه، على نفقة أحد رجال الأعمال المتهمين في القضية المتهمة فيها بتقاضي رشوة.

وفي 15 مارس الماضي اتهم حازم القويضي محافظ حلوان الأسبق، بتهم الحصول على رحلات حج وسيارة مرسيدس موديل (إس 350) قيمتها تقدر بنحو مليون جنيه ضمن "رشوته" من رئيس مجلس إدارة شركة بالمعادي.

وفي 18 أغسطس الماضي، اتهم عضوان سابقان بمجلس الشعب، أحدهما يشغل منصب عمدة حالي، نظير تخفيف الحكم على أحد المتهمين الصادر ضده حكم بالإعدام شنقا، لإدانته في قضية قتل عمد، وتبين أن من ضمن تلك الرشوة تأشيرة للحج، وتبين أن القاضي كان ذهب للأداء الفريضة قبل القبض علية بعدة أيام، حسب أوراق القضايا .

وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن الذهاب للحج بمال الرشوة أو حج المرتشي، شيء معيب ومسيء ومشين، يدل على الانفصال والانفصام بين التدين الصحيح وبين مجرد إقامة الشعائر فهناك الكثيرون يتعاملون بما تقتضي العبادة لتبرير الغش أو سرقة إلى آخرة.

وأكد كريمة في حديثة لـ"الوطن"، أن حجهم غير مقبول مستشهدا بالحديث الشريف: "إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز، فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور. وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجليه في الغرز، فنادى لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور".

وقال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، إن اللجوء للحج بعد الرشوة يؤكد ازدواجية الثقافة عند الشعب المصري كما أنه مؤشر على انحراف السلوك وانحدار الثقافة، كما أنه صورة من صور الازدواجية الدينية.

وأكد في حديثه لـ"الوطن"، أن معظم المرتشون يكونون في حالة إنكار ولا يشعرون بالذنب لأنهم يبررون لأنفسهم الرشوة، ويعتبرونها حق مكتسب، ومن المنظور النفسي هذا أمر وارد، فنجدهم يضعون مسميات أخرى للرشوة مثل "شاي أو إكرامية أو شكر"، حتى أصبح الأمر ثقافة مجتمع، مؤكدا ضرورة إنشاء لجنة ثقافية لمناهضة هذه الأفكار.

وأرجع الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، لجوء المرتشين للحج إلى أنه يعطي "حصانة اجتماعية" مؤكدا أن لقب حاج أصبح "تايتل" يعطي صاحبه فيعني أنه رجل أمين وصادق ويعتمد عليه، كما أنه ينفي عنه الطمع.

وأكد صادق في تصريحاته لـ"الوطن": "أن المصريين قابلين للتعرض للخداع باسم التدين" وهي آفة متأصلة فينا مجتمعيا، فنجد المصريون يرتدون جلبا أو يضعون كتب مقدسة على مكاتبهم، لإكساب أنفسهم وجاهة مجتمعية.

وفي 2017، أثارت قضية "الرشوة الكبرى" المتهم فيها جمال اللبان و3 آخرين ومرتبطة برشوة جنسية للمتهمة رباب لتسهيل أعمال زوجها، وحصل فيها المتهم على رشوة حج.

وفي 30 مايو 2016، ألقت هيئة الرقابة الإدارية، القبض على مستشار وزير الصحة لأمانة المراكز الطبية المتخصصة، التي حصل فيها على 4 ملايين جنيه، كان بها أيضًا رشوة حج، فضلا عن رشوة وزير الزراعة السابق صلاح هلال التي كانت في نهاية عام 2015 شملت رحلات حج له وأسرته بفندق 5 نجوم أيضا.