ياااه يا«عم إيهاب»: محل ده ولا متحف؟.. هو لسه الدنيا فيها بوابير جاز؟.. لسه فيها «2 جنيه» أجرة تصليح؟

كتب: إنجى الطوخى

ياااه يا«عم إيهاب»: محل ده ولا متحف؟.. هو لسه الدنيا فيها بوابير جاز؟.. لسه فيها «2 جنيه» أجرة تصليح؟

ياااه يا«عم إيهاب»: محل ده ولا متحف؟.. هو لسه الدنيا فيها بوابير جاز؟.. لسه فيها «2 جنيه» أجرة تصليح؟

يقف أمام المحل فيكمل اللوحة التى طلاها الزمن باللون الأسود، يداه وكل ما يظهر من جسده مصبوغة بالأسود، محله كقطعة فحم تخشى لمسها، كل الأدوات حتى القماش البالى منها لونه أسود، فدخان بوابيز الجاز التى يقوم بتشغيلها بين الحين والآخر أثناء إصلاحها كانت كفيلة بترك آثارها على المكان كله. محل قديم فى باب الخلق، يكاد يكون متحفا لـ«بوابير الجاز» التى انقرضت بفعل الزمن، ما إن تقترب منه حتى تدمع عيناك من الدخان الكثيف الذى ينبعث منه، أما سعال صاحبه «عم إيهاب أحمد» فتسمعه على بعد مسافة طويلة، رغم أن الرجل اعتاد هذه المهنة منذ سنوات طويلة.. 150 عاما أو ما يزيد هى عمر المحل الذى ورثه صاحبه أبا عن جد، لم يتغير شكله طيلة هذه السنوات، لم تعرف الحداثة عتبة المحل، داخله تجد أدوات قديمة بعضها طالها الصدأ، وكأنها لم تلمسها يد منذ سنوات: «هى دى مهنتى ومهنة جدودى.. ماعرفش غيرها». أيام طويلة بل شهور يقاطع الزبائن المحل، لدرجة أن أدواته يكسوها التراب، وأيام أخرى يبتسم فيها الحظ لعم إيهاب وتجد الزبائن أمام المحل طوابير: «والله ما باشوف زبون إلا كل سنة مرة مع أزمة الأنابيب الناس خلاص نسيت وجع القلب ده ما بتفتكرش البابور إلا وقت الأزمة». مهنة «تصليح البوابير» فى زمن الغاز الطبيعى والبوتاجازات التى تعمل أوتوماتيكيا، أصابت «إيهاب» بمتاعب كثيرة ليس فقط فى عدم وجود زبائن ولكن فى العثور على قطع غيار: «دلوقتى مفيش غير مصنع واحد بس فى مصر كلها بيصنع بوابير هو مصنع بنس، عشان كده بالاقى قطع الغيار بطلوع الروح». الرجل الأربعينى الذى يبدو أكبر سنا، فكر كثيرا فى تغيير نشاطه وترميم محله ليناسب أى نشاط آخر خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم قدرته على الإنفاق على أولاده الأربعة، لكنه حتى الآن لا يعرف ماذا يفعل خاصة أنه لا يجيد مهنة أخرى: «مكسبى فى تصليح البابور مابيزيدش عن 2 جنيه ودول مايعملوش حاجة لأربع عيال بقهم مفتوح».