المخابرات العامة والأسئلة الصعبة

لدينا فى مصر آفة النسيان حتى فى أخطر الأمور، حتى فيما يخص الأمن القومى، فهناك أسئلة تحتاج إلى إجابات يذهب إليها بالإشارة كثيراً الباحث المتميز الأستاذ جمال طه، غير أنها تستلزم منا تفصيلاً يجب ألا تغفله الشعوب فى لحظات الاختيار المصيرية، فدور المخابرات العامة قبل مرسى وبعد مرسى يحمل علامات استفهام تمس تاريخ هذا الجهاز العظيم، فأى متابع للقضايا الأخيرة يصل إلى يقين خيانة الإخوان للوطن المصرى، وهو ما بدا فى مكالمات مرسى وأحمد عبدالعاطى وكذلك حركة الإخوان داخل القصر الرئاسى التى كان فيها أسعد الشيخة رجل الشاطر ينقل من خلالها باطن الدولة المصرية فى حجر سيده خيرت الشاطر، فكيف تعامل رأفت شحاتة الذى أقسم بالمصحف على الولاء لمرسى مع هذا الملف؟ وكيف تعامل رجاله مع سلطة الإخوان؟ وهل كان الأمن الوطنى والمخابرات يتعاونان فى السر لإجهاض تركيع الدولة المصرية لصالح الإخوان؟ أم أن حركة الجماهير هى التى دفعتهم إلى العمل ضد الإخوان؟ ولماذا خرج شحاتة وجاء بدلاً منه شخص مقرب من الفريق السيسى؟ وهل فعل شحاتة شيئاً يمس عمله فكان القرار بترقية فى شكل إقالة؟ هذه أسئلة تستحق الإجابة وتدفع بدماء جديدة فى شريان حكاية الجهاز الوطنى، وما دمنا نتعامل مع جهاز «السرية دستوره» فإننا بمنطق وطنى بحت لا نرضى بأن يتعرض هذا الجهاز لمحنة أخرى تتعلق بسلطة الحكم فى أى وقت، الثوابت للدولة واحدة، والتشويش الذى أصاب الجهاز فى بداية عهد مرسى غير خاف على أحد، والذى دفع مراد موافى فى لقاء مرسى الشهير فى مبنى المخابرات أن يقدم رجاله بأسماء وهويات أخرى حسبما تقول تسريبات عام الرمادة الإخوانى! ولكن ما لا يرضاه أى عاقل أن تظل هذه الأجهزة متعلقة بسلطة أياً كان لونها أو شكلها أو توجهاتها وهى مسألة خطيرة على دولة مهددة ويتربص بها الأعداء وتشهد حدودها حرباً حقيقية، فكيف نأمن على هذا الجهاز الوطنى ونحن لا نرى رئيس مصر القادم وخلفيته؟ وهل يجب أن يتعلق الجهاز برئيس أو خلافه أم أن المسألة تحتاج تقنيناً يساعدنا ويمنحنا طمأنينة تتعلق بالمستقبل وتحدياته؟ فى الولايات المتحدة هناك نسق لإدارة أجهزة المخابرات رغم أن السلطة فى يد الرئيس، لكن هناك مؤسسات تراقب وتنتقد وتراجع. الواجب أن يجاب عن هذه الأسئلة التى ستظل معلقة فى رقبة المخابرات لأنها تمنح المشهد مزيداً من الضبابية وهى تخص زمن مبارك، والسكوت على فساد عصره وتجريف الداخل المصرى والتبعية للخارج، وكذلك ما يخص عامى ما قبل مرسى وأيضا عام الإخوان ومدى تعاون الجهاز مع مرسى ورجاله وهل اخترقه الإخوان؟ وحكاية الجهاز مع يونيو ومستقبله فى ظل تجربة سلبية كانت تمثل تهديداً حقيقياً يقوض الدولة المصرية لصالح تنظيم دولى يكره الأوطان!