هل أثرت قرارات أردوغان في ولايته الثانية على انهيار الليرة التركية؟

كتب: دينا عبدالخالق

هل أثرت قرارات أردوغان في ولايته الثانية على انهيار الليرة التركية؟

هل أثرت قرارات أردوغان في ولايته الثانية على انهيار الليرة التركية؟

منذ توليه الرئاسة في أغسطس 2014، وقبل ذلك بعدة أعوام، كان يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى فرض قبضته على البلاد من خلال عدة قرارات، والتي ارتفعت حدتها في أعقاب محاولة اقصاء اردوغان من الحكم الفاشلة يوليو 2016، ثم اشتدت مرة أخرى بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المبكرة التي جرت في 24 يونيو الماضي، وحصد أردوغان نسبة 52,59% من الأصوات فيما حصد حزبه 295 مقعدا من أصل 600 في البرلمان، لتبدأ مرحلة انيهار الليرة التركية حيث انخفضت نحو 3% إلى 4.74 أمام الدولار بعد دقائق من إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، وخلال الساعات الأخيرة من مساء أمس، شهدت الليرة التركية تدهورًا ضخما أيضًا، حيث عادلت أكثر من 7 ليرات أمام الدولار الأمريكي، بعد قرار الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على أنقرة، وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضاعفة التعريفة الجمركية على الصلب والألومنيوم التركيان، بجانب الرسوم الجمركية على البضائع التركية.

ومنذ إعلان اليوم التالي للاقتراع وإعلان النتائج شبه النهائية، ويصدر الرئيس التركي العديد من قرارات الاعتقال ضد مئات المواطنين، حيث أصدر أمرا باعتقال 57 عسكريا في 28 مدينة، بتهمة التواصل مع خصمه المعارض فتح الله جولن، الذي وجهت إليه الحكومة التركية تهمة محاولة الانقلاب الفاشلة، كما قررت السلطات توقيف 68 ضابطا في القوات البرية، للاشتباه بصلتهم بجماعة "جولن"، الذي من بينهم 19 في الخدمة و22 ضابطا برتبة عقيد و27 ضابطا برتبة مقدم، فيما أصدرت محكمة تركية اعتقال 12 شخصا، بتهمة إهانة الرئيس خلال تجمع لمرشحه المعارض محرم إينجه قبل الانتخابات في مدينة أزمير.

وبخلاف الاعتقالات، أصدر أردوغان، مرسومًا بنقل بعض الصلاحيات، ينص على تغير الإشارة من رئيس الوزراء ومجلس الوزراء إلى الرئيس ومكتب الرئيس، كما يتم إلغاء منصب رئيس الوزراء ويصبح بوسع الرئيس إصدار مراسيم لتشكيل وزارات وإقالة موظفين حكوميين دون الحاجة لموافقة البرلمان، حيث نص على استخدام عبارتي "رئيس الجمهورية" ومن قبل "رئاسة الجمهورية"، مكان العبارات "لجنة النواب التنفيذيين" و"مجلس الوزراء" و"رئاسة الوزراء" التي كانت واردة في بعض القوانين، ما يمنحه حق التدخل في النظام القانوني للبلاد وفرض حالة الطوارئ.

 وعشية أداء اليمين الدستورية، في 9 يوليو الماضي، فصلت السلطات أكثر من 18 ألف موظف أغلبهم من الشرطة والجيش، فيما قالت الحكومة إنه المرسوم الأخير بموجب حالة الطوارئ التي فرضت عقب انقلاب فاشل في 2016.

وفقد أكثر من 150 ألف موظف حكومي وظائفهم في حملة أمنية تلت الانقلاب وقالت وزارة الداخلية في أبريل 2017، إن نحو 77 ألفا وجهت لهم اتهامات رسمية وسيظلون في السجن خلال محاكماتهم، بحسب وكالة "رويترز".

تشكيل الحكومة الجديدة، كان أحد أولويات أردوغان بعد فوزه بالولاية الثانية، حيث اختار 16 وزيرًا، أغلبهم من المؤيدين له، على رأسهم صهره بيرات ألبيرق، وزيرا للخزانة والمالية في الحكومة الجديدة، وهو ما كان له مردود سيء على الأسواق التجارية، حيث انخفضت الليرة التركية نحو 3% إلى 4.74 أمام الدولار بعد دقائق من إعلان تشكيل الحكومة.

فيما يرى المعارضون الأتراك، بحسب "رويترز"، أن السلطات الجديدة تمثل توجها نحو نظام استبدادي واتهموا إردوغان بتقويض المؤسسات العلمانية التي أنشأها مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة.

كما تجاوز معدل التضخم 15%، يوليو الماضي، مسجلًا أعلى مستوى له منذ أكثر من 10 سنوات على الرغم من رفع البنك المركزي سعر الفائدة 500 نقطة أساس منذ أبريل.

وخلال الساعات الأخيرة من مساء أمس، شهدت الليرة التركية تدهورًا ضخما أيضا، حيث عادلت أكثر من 7 ليرات أمام الدولار الأمريكي، بعد قرار الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على أنقرة، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضاعفة التعريفة الجمركية على الصلب والألومنيوم التركيان، بجانب الرسوم الجمركية على البضائع التركية.

سياسات أردوغان.. هي أحد الأسباب وراء تدهور الاقتصاد التركي والأحداث الأخيرة بالبلاد وخاصة انهيار الليرة، وفقا للدكتور كرم سعيد، خبير الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، موضحا أن تدخل أدروغان بشكل مباشر في البنك المركزي والسياسة النقدية ورفضه لفكرة الفائدة البنكية، له بالغ الأثر على تراجع الاقتصاد والليرة.

وأضاف سعيد، لـ"الوطن"، أن بعد تعيين أردوغان اختار أشخاصًا على نهجه وأفكاره نفسها في حكومته الجديدة على رأسهم، محافظ البنك المركزي الجديد وصهره بيرات ألبيرق، وغياب الوجوه المعروفة لدى المستثمرين الأجانب كنائب رئيس الوزراء السابق محمد شيمشك وناجي إقبال وزير المالية السابق، كان له بالغ الأثر السلبي على الاقتصاد التركي، حيث ولد خوفا لدى المستثمرين بوجود رغبة في رسم سياسات مالية واستثمارية وتجارية مختلفة تتفق مع نهج أردوغان وحده، مشيرا إلى انخفاض الليرة بشكل واضح عقب تشكيل الحكومة.

ومن بين الأسباب الرئيسية أيضا المؤثرة على الأوضاع الاقتصادية بأنقرة، في رأي الخبير بالشؤون التركية، هو انخراط تركيا في صراعات إقليمية كسوريا والعراق والخلافات مع حزق العمال الكردستاني، بجانب التقارب التركي الروسي والخلافات مع الولايات المتحدة من الناحية الاقتصادية والتي تسببت في فرض رسوم على واردتها ومضاعفة الرسم الجمركية، مشيرا إلى أن الميزان التجاري بين واشنطن وأنقرة يعتبر متوازن للتقارب الشديد في نسبة الاستيراد والتصدير، بينما في ظل الأحداث الأخيرة يمكن لأمريكا الاستغناء عن ما تستورده من تركيا وهو ما يقلق الصناع الأتراك حاليا.


مواضيع متعلقة