«قضية سكريبال» تدفع «واشنطن» لفرض عقوبات جديدة على «موسكو» قبل انتخابات الكونجرس

كتب: نادية الدكرورى

«قضية سكريبال» تدفع «واشنطن» لفرض عقوبات جديدة على «موسكو» قبل انتخابات الكونجرس

«قضية سكريبال» تدفع «واشنطن» لفرض عقوبات جديدة على «موسكو» قبل انتخابات الكونجرس

«أهلاً بولايات العقوبات المتحدة».. بهذه الكلمات استقبلت «موسكو» إعلان «واشنطن» فرض عقوبات جديدة خلال أيام بسبب ما قالت الإدارة الأمريكية إنها تأكدت منه بشأن تورط روسيا فى تسميم العميل الروسى السابق سيرجى سكريبال، فى وقت سابق من العام الجارى فى أحد شوارع العاصمة «لندن» باستخدام غاز «نوفتشوك» السام، وهو الغاز الذى لم يستخدم منذ الحرب العالمية الثانية.

العقوبات الجديدة تهدف إلى إظهار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بوجه أكثر جدية أمام روسيا قبل انتخابات التجديد النصفى الأمريكى لـ«الكونجرس» الأمريكى نوفمبر المقبل. ووصف النائب الأول لمندوب روسيا لدى الأمم المتحدة ديمترى بوليانسكى، فى تغريدة على موقع «تويتر»، اتهامات «واشنطن» بـ«السخيفة والمفبركة»، مضيفاً: «دعونا نرحب بولايات العقوبات المتحدة». وقال رئيس لجنة العلاقات الدولية فى مجلس الاتحاد الروسى قسطنطين كوساتشوف، إن «العقوبات الأمريكية الجديدة بصدد قضية سكريبال تدعو للقلق»، فيما تراجعت البورصة الروسية، أمس، بعد فرض عقوبات أمريكية.

وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، أعلنت أن بلادها قررت فرض العقوبات على روسيا، متهمة إياها بـ«انتهاك القانون الدولى»، مشيرة إلى أن العقوبات من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ فى 22 من أغسطس الجارى، بالتزامن مع قانون مكافحة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء على الحرب لعام 1991. وأضافت «هيذر»: «نعم أخبرنا الروس بالعقوبات».

{long_qoute_1}

فى الوقت ذاته، رحب المتحدث باسم الحكومة البريطانية بإعلان «واشنطن»، قائلاً إن «الاستجابة الدولية القوية لاستخدام سلاح كيماوى فى شوارع ساليزبرى، ترسل رسالة لا لبس فيها إلى روسيا مفادها أن سلوكها الاستفزازى المتهور لن يمر دون تحدٍ»، فيما قالت صحيفة «جارديان» البريطانية، إن «الحكومة البريطانية مستعدة لتقديم طلب تسليم اثنين من الروس المشتبه فى قيامهم بهجوم (ساليزبرى) إلى موسكو».

وكان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب التقى نظيره الروسى فلاديمير بوتين، الشهر الماضى، فى «هلسنكى»، فى قمة تسببت فى عاصفة من الغضب من قبَل الاستخبارات الأمريكية، وهو ما دفع «ترامب» إلى التراجع عن بعض تصريحاته بالقمة. ويوجّه الجانب البريطانى الاتهامات إلى روسيا بتورطها فى تسميم «سكريبال» وابنته، وطردت «لندن» وعدة دول دبلوماسيين روساً تضامناً مع بريطانيا فى القضية مارس الماضى، رغم النفى الروسى المتكرر، وتأكيدات المسئولين الروس على التخلص من كل الأسلحة الكيميائية لديها، وفقاً لاتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية.

«موسكو فاجأت الغرب بقدراتها»، هكذا أكد مدير مركز أبحاث دراسات النزاع البريطانى وخبير الشأن الروسى والأمن الأوروبى فى المعهد الملكى للدراسات الدولية «تشاثام هاوس» الدكتور كير جايلز، لافتاً لـ«الوطن» إلى أن القلق الغربى والتحرك نحو فرض عقوبات على موسكو يتنامى بعد التحول شبه الكامل وغير المسبوق للقوات المسلحة الروسية منذ عام 2008، واستفادة الجيش الروسى من التدريب المستمر باستغلال وجوده فى أوكرانيا وسوريا.

وأشار «جايلز» إلى أن الحكومات والقادة الغربيين بدأوا الخطوة الأولى الأساسية نحو إدارة أكثر نجاحاً للعلاقة مع «موسكو»، بالاعتراف بأن قيم الغرب ومصالحه الاستراتيجية لا تتوافق مع مصالح روسيا بشكل أساسى. وتشمل العقوبات الأمريكية قيوداً على تصدير بعض التكنولوجيا التى من الممكن أن تستخدم فى إنتاج غاز الأعصاب «نوفيتشوك»، حيث تحتوى نصف الصادرات الأمريكية إلى روسيا على تكنولوجيا فائقة، وفى حال تطبيق العقوبات سيحظر تصديرها لجميع الشركات الروسية الحكومية أو غير الرسمية، وهو ما تصفه صحيفة «الجارديان» البريطانية، فى تقرير أمس، بـ«اكتساح» كبير للاقتصاد الروسى، خصوصاً أنها تشكل نحو 70% من الاقتصاد الروسى، و40% من القوة العاملة التى تعمل بهذه الشركات والمؤسسات الروسية، ويتوقع أن تصل قيمة الصادرات المتضررة من العقوبات إلى مئات الملايين من الدولارات. وطالبت «واشنطن» الكرملين باتخاذ إجراءات علاجية فى غضون 90 يوماً قبل فرض عقوبات إضافية أكثر شدة، مثل تعليق العلاقات الدبلوماسية، إلا أنه من غير المتوقع أن تقبل «موسكو» بطلبات التشريع الأمريكى التى تتضمن فتح المنشآت العلمية والأمنية الروسية لعمليات التفتيش الدولية لتقييم ما إذا كانت تنتج أسلحة كيميائية وبيولوجية، انتهاكاً للقانون الدولى.

وتوصف الجولة الثانية من العقوبات الأمريكية على «موسكو» بأنها «الأكثر قسوة» بسبب قضية غاز «نوفيتشوك»، بعد أن تضمنت الجولة الأولى طرد 60 دبلوماسياً. وفى يونيو الماضى تعرض مواطنان فى منطقة «ساليزبرى» البريطانية للغاز من خلال التقاط إحدى العبوات التى ألقيت بجوار منزلهما يشتبه بأنها متبقية من هجوم مارس الماضى، ما أدى لوفاة أحدهما منذ أيام.


مواضيع متعلقة