دماغ تامر حسنى

طارق سعد

طارق سعد

كاتب صحفي

(وبشوقك عيش بشوقك.. ودماغك املاها على ذوقك.. وساعتها هيمشى سوقك)

الجملة الرئيسية لأحدث أغنيات "تامر حسنى" والتى تحمل نفس عنوان الألبوم الخاص بها وهى الجملة المتكررة فى الأغنية – الـ "سينيو"- كتبها "تامر" كحالة غنائية ولكنها الحقيقة التى أوصلته لامتلاك جزء مهم من القمة وهى سر نجاحاته بطول مشوار فنى امتد لـ يصل إلى 16 سنة رسمية كان مفتاحها الرئيسى "دماغ تامر حسنى".

هذه الـ "دماغ" هى التى جعلت منه المطرب الوحيد الذى يأتى بعد "عمرو دياب" يحمل هم العمل والجهد والبحث والتطوير والتجديد ومحاولة الاستباق ليبقى فى المقدمة وهو ما جناه بالفعل أمام مجهود شاق و"شغل على نفسه" بجانب منحة ربانية خاصة وهى القبول غير الطبيعى الذى يتمتع به "تامر" والذى جعل له مكانة خاصة وحب خاص فى قلوب الجماهير التى تتجاوز به عن أية أخطاء فحتى إن لم تكن من جمهور "تامر حسنى" وحتى إن ناصبته العداء فإنك لن تستطيع أن تنكر نجاحاته مع كل هذه المقومات وعلى رأسها "دماغ" تفكر وتجتهد وتبدع وتصنع النجاح صناعة يسجلها التاريخ الفنى باسمه ويوثقها.

دائماً ما يحاول "تامر" الخروج عن المألوف فى أغنياته وأفلامه أيضاً وهو ما حقق له رواجاً كبيراً وصنع منه الحالة المنفردة المثيرة للجدل فاهتمامه بالتفكير خارج الصندوق قاعدته الرئيسية إلا أنه هذه المرة نسف الصندوق نسفاً عندما قرر طرح ألبومه على "فلاشة" فى مفاجأة غير متوقعة وزيادة وكرم فى المفاجآت يقدم "تامر" ألبومه كاملاً 13 أغنية منها 11 مصورة بطريقة الـ "فيديو كليب" ليحقق نقلة جديدة فى تاريخ صناعة وتقديم الأغنية هى فى الحقيقة قفزة كبيرة فى طريق التطوير.

مغامرة "تامر" هذه المرة مغامرة قلب ميت قرر بها أن يضرب بقوة بحجر ضخم فى المياه الراكدة فجاء بمحتوى غنائى مختلف أيضاً ويقدم منه واحدة من أقوى الأغنيات الشعبية "100 وش" والتى يجب التوقف عندها والتركيز فى تفاصيلها فقرار "تامر" تقديم الأغنية مع ثلاثة من الأصوات الشعبية المتوحشة "دياب وشيبة ومصطفى حجاج" قرار منتهى الجرأة لا يمتلكه كثير من المطربين خاصة فى المقارنة بين خامة صوت "تامر" وأصوات شركائه فى الأغنية فظهورها بهذا الشكل يؤكد على مدى ثقته فى نفسه ودراسته للأمر بذكاء قبل تنفيذه وفوق كل ذلك كشف عن حقيقة مهمة وهى أن "تامر نفسيته حلوة" فتقديمه لزملائه وفرد مساحة معظم الأغنية لهم كان له أثر أكبر فى استقبال الجمهور للأغنية واحتفاءه بها ووصولها بكل قوة لتحقق نجاحاً ساحقاً كما فعلها سابقاً مع "بهاء سلطان- قوم أقف" رغم أنه كان يمكن له أن يطمع فى "100وش" لنفسه ويحقق بها نجاحاً شخصياً كبيراً كلون شعبى شارك أيضاً فى كتابته وتلحينه ويمس كل الجمهور وستعيش لسنوات طويلة إلا أنه "تامر حسنى" .. فهو يؤكد دائماً أنه بـ "وش واحد".

عودة "تامر" المتفجرة هى العنوان الرئيسى فتصوير أغنيات الألبوم صنع فارقاً كبيراً .. جمال الصورة وتفاصيلها والأفكار وأيضاً الديكور أعطى ثقلاً كبيراً فالمجهود المبذول بهذا الشكل وفى 11 أغنية دفعة واحدة وبنفس الجودة العالية يحتاج للتقدير والتصفيق بحرارة خاصة "100 وش" التى تدفعك لمشاهدتها عشرات المرات دون ملل وفى كل مرة تكتشف تفاصيل جديدة وهو ما نجح فيه "تامر" بجدارة رغم صعوبته كمهمة ثقيلة يقوم بها كمنتج رسمى لألبومه فلأول مرة تشاهد الألبوم كامل ولا تسمعه فقط بعدما كان يجف ريق الجمهور من مطالبته لنجمه بطرح "كليب" لأغنية واحدة من الألبوم ويحسب لـ "تامر" اكتشاف 2 من المخرجين الشباب بمواصفات عالية الجودة وتقديمهم ووضعهم على طريق ممهد تماماً للانطلاق بقوة بعد ما قدماه معه وهما "حسام الحسينى" ابن الفنانة الكبيرة "نهال عنبر" ورفيق درب "تامر" وأيضاً "مازن نيازى" الذى ينبئ بمشروع مخرج عالمى تنتظره بشغف لتشاهد ما سيقدمه فى الدراما والسينما مستقبلاً.

يحسب لـ "تامر" أيضاً اهتمامه بمحتوى الألبوم من كلمات الأغنيات بشكل كبير فكان الإبهار التعبيرى هذه المرة أهم من الإبهار الموسيقى المهم ليؤكد لك أنه "فايق" و"مركز قوى المرة دى" فالحقيقة أن "تامر حسنى الحقيقى" عاد أخيراً بعد اختفاء 8 سنوات منذ ألبوم "اخترت صح" ما دفع الجماهير لأن ترفع له لافتة عريضة بعنوان "حمدالله عالسلامة يا أخى ... وحشتنا"!

الحقيقة أن عودة "تامر حسنى" بكامل قوته وبريقه و"فوقانه" مكسب كبير خاصة أن هذه العودة لم تكن فقط على مستوى الجديد فى صناعة الأغنية ولكنها أيضاً فى تقديم المنتج وتسويقه فـ "تامر" بتلقائية استطاع أن يتحول لنموذج للتطوير واستخدام حلولاً غير تقليدية ومتطورة للوصول إلى الهدف وهو ما يجب أن يطبق فى كل المجالات وليس الفن وحده للقفز إلى مناطق جديدة متقدمة فالأمر بسيط والحلول كثيرة فقط تحتاج لـ "دماغ" تستطيع الالتقاط والترجمة السريعة.

هناك نجوم كثيرة ومنهم كبار أصيبوا بتراجع كبير فى الفترة الأخيرة ومنهم من أصيب بـ "لوثة" و"هوس" وجنون الشهرة ونصب نفسه ملك الغابة فهذا وهؤلاء يحتاجون لـ "دماغ" تديرهم وتقفز بهم لنجاحات أكبر ... "دماغ" تعيد البريق لمن خفت وتعيد الرشد لمن تاه وشرد خاصة أن غيرهم قد فعلها ....

فقط ينظرون لـ "دماغ تامر حسنى".