رحلات الحج البري.. الصُحبة وفرحة الثواب تهوّن إرهاق يومي السفر

كتب: سلوى الزغبي

رحلات الحج البري.. الصُحبة وفرحة الثواب تهوّن إرهاق يومي السفر

رحلات الحج البري.. الصُحبة وفرحة الثواب تهوّن إرهاق يومي السفر

يومان قد يزيدان قليلًا، يتخالط الأغراب حتى يصيروا كالعائلة لا يجمعهم الدم لكن قبلتهم واحدة، قاصدين زيارة بيت الله الحرام طالبين الغفران، بعضهم يتخذ الطريق البري لأسباب اقتصادية وآخرون يعتبرونه "متعة" لا تعوضها الطائرة، وتنطلق اليوم أولى رحلات الحج البري حيث تغادر ميناء نويبع في طريقها إلى المملكة العربية السعودية.

الحج البري، إحدى وسائل المصريين لأداء فريضة الحج، فكثيرون يستقلون الطائرات التي تصل بهم في ساعة إلى الأراضي المقدسة، وعلى الرغم من أن "إبراهيم زكي" لديه مقدرة مالية لاستقلال طائرة فإنه يحرص على أداء فريضة الحج من خلال البر "كأني في البيت وبتعرف على ناس نيتهم الخير".

وبأنفاس متلاحقة يسرد زكي، لـ"الوطن"، تفاصيل الرحلة التي يتذكرها جيدًا ويحرص عليها إن لم يكن بدافع أداء فريضة الحج فتكون لأداء مناسك العُمرة، حيث ينطلق الأتوبيس في طريق ميناء نويبع، في رحلة تستغرق ساعات قليلة فإن تحركوا بعد صلاة العشاء يصلون على آذان فجر اليوم التالي، ولا يحصلون غير على استراحة واحدة حتى يصلوا إلى خليج العقبة ليستقلوا "العَبارة".

انتظار "العَبارة".. من أكثر الأمور إرهاقًا، فبحسب الرجل الخمسيني هو تحت رحمة موعد العبارة إما أن تأتي سريعة وإما ينتظرونها لمدة تفوق الـ3 ساعات، وما إن تظهر حتى يدلفوا إليها، فيسكن الأتوبيس باطنها، بينما يتجه المسافرون إلى الأعلى؛ ليرتاحوا، وهي مقسمة لنظام يشبه الصالونات، وكلٌ يختار شكل جلسته، فهي تستغرق نحو 3 ساعات حتى تصل إلى الشاطئ الآخر "المسافة مش بعيدة بس على ما بتلف وتتحرك بتاخد وقت"، ليصلوا إلى الأردن ويسيرون بالأتوبيس إلى حدود السعودية وتستغرق من هنا الرحلة نحو 20 ساعة، لا يسير فيها الأتوبيس غير 3 أو 4 ساعات متواصلة كحد أقصى.

بين المدد التي يسير فيها الأتوبيس تنتظرهم الاستراحات على طول الطريق والمجهزة لاستقبال الحجاج دون أي رسوم، فتحتل "الكافيتريات" مساحات واسعة وتخصص أماكن مغلقة للسيدات مجهزة بأدوات بسيطة للنوم حتى يستطعن إراحة أجسادهن بعيدًا عن أعين الرجال، وفي جهة أخرى مخصص مثلها للرجال أيضًا، حتى تمر نحو ساعة ويستأنفون رحلتهم، وقد تطول مدة المكوث في إحدى الاستراحات إلى 4 ساعات إذا ما غطَّ السائق في نوم عميق حتى يستطيع المواصلة، وتكون الاستراحة مخصصة غرفة له.

تفاصيل الرحلة التي يكررها إبراهيم مع كل مرة يزور فيها الأراضي المقدسة لا تفارقه والأناس الأغراب الذين يصبحون كالأقارب من طول المدة التي يقضونها سويًا يتحدثون في شتى الأمور ويذكرون الأدعية.

وهي المتعة نفسها التي تنتظرها خديجة صابر، السيدة الخمسينية التي تأتي من بلدتها في المنوفية إلى القاهرة للتحرك مع الأتوبيس من ميدان العتبة، لتخوض التفاصيل نفسها ولكن مع أناس آخرين "بيكون في بينا عيش وملح وكله بيسعى يساعد التاني وياخد ثوابه"، فهي غير ذلك تعتبر تلك الطريقة الأمثل لتوافق قدرتها المادية، إلا أنها لم تستقل "العَبارة" كالمعتاد، وإنما لتأخرها اضطرت إلى عبور الشاطئ عن طريق "لانش" وكان أسرع من العبارة كما رأت.

اختلاف الأمر بين الشباب والكبار تراه "خديجة" في هذه الرحلة يتضح في تحمل مشقة الجلوس لفترة طويلة على كرسي الأتوبيس المحكوم بحيز، ما كان يضطرها إلى ترك كرسيها لوالدتها المسنة حتى ترتاح عليه وتقف هي في ممر الأتوبيس، وعلى الرغم من هذه المشقة التي تراها السيدة الخمسينية فإن الأهم بالنسبة لها هو متعة رؤية شروق الشمس عن قرب، للاستمتاع ببداية يوم جديد تزداد فيه صلتها برفقاء الرحلة، وتستمتع معهم إلى الأناشيد الدينية التي ترددها بعض السيدات والذكر المتواصل.

ويهوّن عليهم بعد الوصول إلى السعودية "المياه المُثلجة" التي تكون في انتظارهم دون انتظار مقابل، وكذلك الأطعمة المختلفة حتى أنهم لا يضطرون في كثير من الأحيان إلى تناول الطعام الذي حملوه من مصر.


مواضيع متعلقة