سياسة حافة الهاوية تدفع ترامب للقاء الرئيس الإيراني

سياسة حافة الهاوية تدفع ترامب للقاء الرئيس الإيراني
ينتقدك.. يهددك.. ثم يقابلك، هكذا ارتسمت سياسة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في التعامل مع البلدان التي شهدت علاقاتها مع أمريكا توترا على مدار سنوات، كان آخرها اجتماع القمة مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، وقبله بأسابيع كان اللقاء مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جون أون، بعد تبادل للتهديدات بينهما.
ويعيد ترامب الآن الكرة ويعلن استعداده للقاء الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بعد أيام من تراشق ووعيد بينهما كاد يدفعهما لحافة الهاوية قبل أن يعلنها ترامب: لا حرج في الاجتماع.
اقرأ أيضا: روحانى.. اللعب بالنار
يأتي إعلان ترامب بعد أيام حبس فيها العالم أنفاسه ترقبا بعدما أعلنتها طهران محذرة ترامب بـعدم اللعب مع ذيل الأسد لأن الحرب بين البلدين ستكون أم الحروب، ليأتي الرد الأمريكي حاسما في تغريدات ترامب: إياك أبدا أن تهدد الولايات المتحدة مرة أخرى وإلا فستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ، إلا أن الرئيس الأمريكي خفف من حدة لهجته بتصريحات في مؤتمر صحفي أخير: سألتقي بالتأكيد مع إيران إذا كانوا مستعدين للقاء .. لكن لا أعتقد أن إيران جادة في تحديد موعد للاجتماع.
جاء الرد الإيراني سريعا بتغريدة لمعاون الرئيس الإيراني، حميد أبو طالبي، احترام حقوق الأمة الإيرانية وخفض الأعمال العدائية والعودة للاتفاق النووي خطوات يتعين اتخاذها لتمهيد طريق المحادثات الصعب بين إيران وأمريكا في إشارة لضرورة عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي المبرم بين 6 قوى عالمية وإيران عام 2015 بعد انسحابها منه مايو الماضي، بمثابة شرط رئيس لعقد اللقاء.
في حين لم يعلن ترامب أي شروط للاجتماع مع نظيره الإيراني بقوله: لن يتطلب ذلك أي شروط مسبقة لعقد اجتماع .. مستعد في أي وقت يريدون.
قبل المهادنة الترامبية مع إيران بـ48 ساعة، توجه وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، إلى واشنطن ولقائه مع وزير الدفاع الأمريكي، جميس ماتيس، وهو ما اعتبرته أوساط دبلوماسية مساع إيرانية للتهدئة بوساطة عمانية، خصوصا أن هذه الزيارة سبقها بأسبوع زيارة لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، لسلطنة عمان، ما يشير إلى مساعي طهران لبحث عن وساطة مسقط لفتح قنوات تواصل مع الإدارة الأمريكية، مثلما حدث عام 2013، وأفضى ذلك للاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
جاءت زيارة علوي بعد ساعات من تصريحات قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، التي لوح فيها بالاستعداد للمواجهة في البحر الأحمر بغلق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات المائية المفتوحة للعبور في العالم وتنتظر طهران تطبيق عقوبات أمريكية عليها نوفمبر المقبل.
اقرأ أيضا: قاسم سليماني لـ ترامب: قد تبدأ أنت الحرب لكن نحن من سينهيها
ويرى الخبراء بأنها تبحث عن أي مخرج لتجنب هذه العقوبات لتجنب الغضب الشعبي، في الوقت الذي لن يرجح البيت الأبيض المواجهة العسكرية مع طهران بل أقصى ما تسعى له واشنطن بحسب تصريحات ماتيس: نهدف لتغيير سلوك إيران في الشرق الأوسط، فمن سيربح أوراق المائدة هذه المرة في قمة ترامب –روحاني؟.
يجيب الدكتور فولكر ستانزل، عضو المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وكبير مستشاري المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، بأن ترامب يريد تحقيق نجاح آخر من أجل الدعاية فقط، مثلما حدث في لقائه مع كلا من بوتين وكيم جونج، ويشعر بأن الوقت أصبح يحتاج لنجاح آخر من خلال إعلانه لقاء الرئيس الإيراني.
يتوقع فولكر في تصريحات لــ"الوطن" صعوبة نجاح الاجتماع المقترح في الحصول على اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، أو الحد من التدخل العسكري لإيران في الشرق الأوسط، إلا أنها تعد فرصة للإيرانيين وغيرهم من الساعين في جهود السلام بالمنطقة لإيجاد مبادرات جديدة، وجهودا يمكن بذلها فيما يتعلق بالملف النووي.
اقرأ أيضا: الريـال الإيراني ينهار أمام الدولار بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي
وما زالت احتمالية عودة أمريكا للاتفاق النووي قائمة، بحسب فولكر، موضحا "كل شئ ممكن مع ترامب".
ويعتقد علي واعظ، المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإيراني بمنظمة مجموعة الأزمات الدولية، أن ترامب يسعى من أجل إتمام صفقة أفضل مع إيران رغم أن مساعدوه مثل بولتون مستشار الأمن القومي وبومبيو وزير الخارجية لا يشاركونه نفس المشاعر، ويطمحوا ليس بأقل من تغيير النظام الحالي.
لفت واعظ في تصريحات لــ"الوطن" إلى أن الإيرانيين قد لا يوافقوا على اجتماع ترامب خصوصا بعد انتهاكه للاتفاق النووي، والإهانات المستمرة التي يوجهها للقيادات، ما يجعل روحاني يدفع ثمنا باهظا إذا ما قرر الاجتماع مع نظيره الأمريكي.
ويستبعد واعظ أن تلغي أمريكا انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني، خصوصا أن أولى العقوبات الأمريكية التي يعاد فرضها على إيران تبدأ خلال أيام، ومن المرجح أن إدارة ترامب تنتظر تطبيق العقوبات قبل التعرف على الخطوة المقبلة المقرر إجرائها.
اقرأ أيضا:
إيران تشكو أمريكا بحكمة العدل الدولية وإعادة فرض عقوبات عليه
أمريكا تتهم إيران بإعداد هجمات سيبرانية على الدول الغربية
إيران تواجه انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي بجذب الاستثمارات الأجنبية