سألوا «أم ناصر» عن الحياة فى مقابر عين الصيرة.. فردت: «الموت أرحم»

كتب: هشام حجى

سألوا «أم ناصر» عن الحياة فى مقابر عين الصيرة.. فردت: «الموت أرحم»

سألوا «أم ناصر» عن الحياة فى مقابر عين الصيرة.. فردت: «الموت أرحم»

كل البشر يتزوجون لكى يدخلوا «دنيا»، إلا هى، تزوجت لتدخل المقابر، 48 عاماً منذ تاريخ زواجها المقيد فى قسيمة الزواج، وهى تعيش فى منزل صغير وسط مقابر عين الصيرة بالسيدة عائشة، لا يتكون من غرفتين وصالة، بل من غرفتين وحوش، أسفله أموات وأعلاه ربٌ يحرس الجميع، أمواتاً وأحياءً.

«أم ناصر»، امرأة سبعينية، تجلس طوال النهار خلف باب خشبى متآكل، لا يغلق بسبب ازدحام المكان بأوانى الطهى وبعض لوازم المعيشة، فمساحة الغرفة الواحدة لا تتعدى مترين فى متر ونصف المتر: «أنا هنا من سنين طويلة، جيت من بيت أبويا على المقابر، ومن يوم ما اتجوزت ماخرجتش من هنا، العيشة صعبة، وأكتر حاجة وحشة التعابين اللى بتقرصنا».

عيناها غائرتان، وفمها خالٍ إلا من ضرسين فى الفك العلوى، تضحك فيظهر فضاء جوفها كفضاء الأرض التى تعيش عليها: «جوزى كان شغال تُربى قبل ما يتعب وتيجى له جلطة، من يومها وهو راقد». بعد مرض زوجها لم ينقطع الأمل لديها، فابنها «ناصر» تولى زمام المهنة وأصبح خليفة والده، وتولى مهمة الإنفاق على الأسرة لكنه سرعان ما لحق بوالده بعد أن أصيب بانزلاق غضروفى ألزمه الفراش: «الدنيا مش سايبة حد فى حاله».

لم تجد «أم ناصر» طريقاً آخر غير العمل فى مهنة التربية: «بقيت أفتح التربة وأدخل الميت وأقفل عليه وآخد اللى فيه النصيب، شغلانة صعبة وتقيلة عليّا، لأن فيها شغل بالفاس وشيل التراب وردم صعب وأنا ست كبيرة، بس هاعمل إيه ده الشغل اللى قدامى ومن غيره نموت من الجوع».

ضعف البصر يزيد من الأعباء التى تعانيها «أم ناصر»: «التعابين والحشرات بيعدوا من جنبى وأنا نايمة، ماباشوفهمش غير وأنا باحرك إيدى وبتيجى على التعبان باحس بيه، نفسى فى أوضة واحدة بس بعيد عن الحشرات والتعابين، خايفة فى يوم التعبان يموتنى وأنا نايمة».


مواضيع متعلقة