تضارب المصالح بين «الأطباء» والجامعات يُطيح بأحلام طلاب كليات العلوم الطبية و«التعليم العالى»: وقف القبول لحين الوصول إلى بديل ولا ضرر على «الموجودين حالياً»

تضارب المصالح بين «الأطباء» والجامعات يُطيح بأحلام طلاب كليات العلوم الطبية و«التعليم العالى»: وقف القبول لحين الوصول إلى بديل ولا ضرر على «الموجودين حالياً»

تضارب المصالح بين «الأطباء» والجامعات يُطيح بأحلام طلاب كليات العلوم الطبية و«التعليم العالى»: وقف القبول لحين الوصول إلى بديل ولا ضرر على «الموجودين حالياً»

بعد عام دراسى ملىء بالاحتجاجات والتظاهرات، عاشه طلاب كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة بنى سويف، اعتراضاً على إصرار الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة على تغيير المسمى الوظيفى لخريجى الكلية، بالإضافة إلى مطالبة النقابة وزارة الصحة بوقف إصدار تراخيص مزاولة مهنة لخريجى الكلية، حتى أعلنت جامعة بنى سويف فى شهر مايو الماضى احتواء أزمة الطلاب، وتأكيد عدم تغيير المسمى الوظيفى، ووقوف الجامعة على مسافة واحدة من جميع الأطراف، إلا أن طلاب الكلية وخريجى الثانوية العامة، فوجئوا بعدم إدراج الكلية ضمن التنسيق فى المرحلة الأولى كالمعتاد، بعدما كانت حلماً للطلاب.

نرمين محمد فرحات، طالبة بالفرقة الثالثة بكلية العلوم الطبية التطبيقية، قسم تراكيب الأسنان، أكدت أنها فوجئت بعدم إدراج الكلية فى تنسيق المرحلة الأولى للعام الحالى، فانتابها الخوف على مستقبلها الذى تتحكم فيه نقابة الأطباء، وهى ليست مختصة، مشيرة إلى أن النقابة لا تعترف بالكلية، متابعة: «أسرتى طالبتنى بالتحويل من تلك الكلية بعد علمهم بعدم إدراجها فى التنسيق، رغم أنى قضيت بها عامين من عمرى، بعد أن حصلت على مجموع 97% فى الثانوية العامة، وبعد بحث كثير قررت وأسرتى الالتحاق بتلك الكلية، لأنها كلية قمة، والخريج بها يُكلف فى التعيين، على حد علمنا، وفق ما ذكره بعض أساتذة الكلية، بالإضافة إلى حاجة سوق العمل لخريجيها، وحينها كان من الممكن دخول الطب البيطرى أو الصيدلة، لكنى فضلت كلية العلوم الطبية، وبعد التحاقى بها سمعت كثيراً من أعضاء هيئة التدريس، وقيادات الجامعة، عن مميزاتها».

{long_qoute_1}

وأضافت أن الدراسة بالكلية باللغة الإنجليزية، وغالبية المواد الدراسية ذاتها هى التى تدرس بكليات الطب البشرى والأسنان، ونظام خمس سنوات، بينها السنة الأخيرة «الامتياز» فى المستشفيات الجامعية، وعلى عكس كلية الطب، يتم التخصّص فى كلية العلوم الطبية فى الفرقة الثانية، مطالبة بعدم تغيير مسمى الكلية إلى كلية العلوم الصحية، وأن يكون مسمى خريج الكلية «إخصائى»، وليس «مشرف» أو «فنى» أو «تقنى»، لأنه فى حال تغيير المسمى الوظيفى فإنه يساوى بين خريج معهد العلوم الصحية، وكلية العلوم الطبية، متابعة: «من وضع مناهج ومحتوى كليتنا أساتذة من كلية الطب، وشغل خريج العلوم الطبية وكلية الطب مكمل للآخر، فالجميع يهدف إلى تقديم خدمة طبية للمريض، ونعمل جميعاً من أجل مصلحة المريض، كل فى مجاله».

«إحنا مش عايشين حياتنا فى الإجازة مثل زملائنا بباقى الكليات»، قالتها أسماء أحمد، طالبة بالفرقة الثالثة بالكلية تخصص صحة عامة وتغذية، مشيرة إلى أن حياتهم تحولت إلى كابوس، ما بين مظاهرات أثناء الدراسة، وقلق وعدم راحة فى الإجازة. وأضافت: «فجأة قررت وزارة التعليم العالى عدم إدراج كليتنا فى التنسيق، فانتابتنى حالة من الضحك، لأننى أقيم فى محافظة الأقصر، وقررت الدخول فى كلية العلوم الطبية، رغم بعد المسافة، وبعد عامين من المعاناة فى السفر والتنقل بين بنى سويف والأقصر، ومظاهرات واحتجاجات فى نهاية العام الدراسى الماضى، أعقبتها وعود بحل المشكلة والاتجاه إلى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، لتحديد المسمى الوظيفى لخريج كلية العلوم الطبية، فوجئنا بعدم إدراج الكلية فى التنسيق».

وأوضحت أن نقابة الأطباء تفرض على المجلس الأعلى للجامعات مسميات وظيفية لخريجى الكلية، رغم عدم اختصاصها، وفى حال تغيير المسمى الوظيفى لخريج الكلية إلى «فنى» أو «تقنى» أو حتى «مشرف»، لن يدخلها الطلاب، لأنها ستتساوى مع خريج معهد العلوم الصحية. وتابعت: ««أثناء دراستنا فى الفرقة الأولى كنا نرى معاملة جيّدة من الأساتذة، وينادون علينا «يا دكاترة»، وعقب بدء الدراسة فى الفرقة الثانية، تغيّرت المعاملة، وبدأ الأساتذة يخبروننا «انتم مش دكاترة»، ورأينا معاملة سيئة، وحالياً أفكر فى التحويل والدراسة بكلية أخرى، سواء خاصة أو حكومية، لأننى أرى أن المستقبل أمامنا غير واضح المعالم أو الملامح، وسأضطر إلى التضحية بعامين من عمرى فى الدراسة والسفر والتنقل، لكن أسرتى تحاول إثنائى عن ذلك».

{long_qoute_2}

ويقول طالب بالفرقة الثالثة قسم تركيبات الأسنان، رفض نشر اسمه: «بعد أن أمضيت عامين كاملين بالكلية لم أحصل على تدريب واحد داخلها، بل ليست لدينا معامل، فكلية طب الأسنان المجاورة لنا أقدمت على بناء مبنى ملحق لها، وتم الانتهاء منه خلال شهرين فقط، يستخدم فى الأنشطة والدراسة، إحنا مش عايزين نعمل مشاكل، وبنكره التظاهرات، ونعلم أنه لدينا رئيس جامعة محترم ووعدنا بحل مشاكل كثيرة، لكن فى الواقع، لم تحل أى من مشاكلنا، ونحن فى حالة من الاستغراب بسبب طريقة استنكار المسئولين لنا، وعدم وجود رد عملى على ما تثيره نقابة الأطباء من وقت إلى آخر عن المسمى الوظيفى لنا، حتى وصلنا إلى مرحلة عدم إدراج الكلية فى تنسيق العام الدراسى الحالى، ووصل طلاب الكلية إلى مرحلة من التوتر على مستقبل شباب يضيع أمامهم، وترك هؤلاء المسئولون الشائعات والتخمينات تحاصرنا، ما بين غلق الكلية أو تغيير مسماها للعلوم الصحية ويتبعها تغيير المسمى الوظيفى للخريج إلى فنى ومساواتنا بخريج المعاهد الصحية، رغم أننا من أوائل الطلبة وتقدّمنا لكلية قمة اشترطت الحصول على مجموع عالٍ فى الشهادة الثانوية».

محمد فرحات، موظف بالتأمين الصحى، ولى أمر طالبة بالفرقة الثالثة كلية العلوم التطبيقية قسم تركيبات أسنان، أكد أن نقابة الأطباء تحارب الكلية منذ الإعلان عنها وإدراجها فى تنسيق الثانوية العامة، حتى إن الصحف حذّرت أولياء الأمور من إلحاق أبنائهم بكلية العلوم الطبية التطبيقية، بحجة عدم تأهيلهم للتعامل مع المرضى، متابعاً: «ليست المرة الأولى التى تقف فيها نقابة الأطباء ضد طلاب تلك الكلية، والأزمة نفسها حدثت مع خريجى بعض الكليات مثل العلاج الطبيعى والأسنان وجراحة الفم والأسنان، التى رفضت نقابة الأطباء سابقاً، ضمهم إليها».

وأشار إلى أن كلية العلوم الطبية تقبل أوائل الثانوية العامة، وتُعد كلية من كليات القمة، وتتفوق على كلية الطب البيطرى، والحد الأدنى للقبول بها حول 97%، مضيفاً: «تلك الكلية ليست وليدة فى مصر، حيث هناك 3 كليات بجامعات خاصة، بالإضافة إلى كلية العلوم الطبية ببنى سويف والمنوفية».

«خوفنا الأكبر أن تنتهى الأزمة بإلغاء الكلية وضياع مستقبلنا «قالها أحد طلاب الفرقة الثالثة بقسم الأشعة بكلية العلوم الطبية التابعة لجامعة المنوفية، رفض ذكر اسمه، مضيفاً أنه حصل على مجموع 96% فى الثانوية العامة، وقرر دخول الكلية، لأنها تخدم سوق العمل فى أكثر التخصّصات التكنولوجية والطبية تطوراً، مشيراً إلى أن الأزمة افتعلتها نقابة أطباء مصر. وأضاف: «لو تم تغيير المسمى للخريج وللكلية ستكون بمثابة عملية نصب كبرى والتلاعب بمستقبل نحو 1000 طالب بجميع أقسام ودفعات كلية العلوم الطبية بالمنوفية».

{long_qoute_3}

من جانبه، قال الدكتور منصور حسن، رئيس جامعة بنى سويف، ورئيس لجنة توحيد لائحة كليات العلوم التطبيقية على مستوى الجامعات، إنه لن يكون هناك مساس بالطلاب الحاليين فى كلية العلوم الطبية التطبيقية، فالطبيعى فى أى تغيير أن يكون التركيز على ما هو قادم، ولا مساس بلوائح ومسميات كلية العلوم الطبية بالنسبة للطلاب والدارسين الحاليين.

وتابع: «هناك لجنة مشكلة لوضع آليات ولوائح موحّدة لتلك الكليات، دون المساس بالدارسين الحاليين»، مشيراً إلى أن الجامعة لن تدخر جهداً فى توفير بيئة تعليمية آمنة لكل أبنائها الطلاب، وتحرص كل الحرص على مصلحتهم، فى إطار الحفاظ على اللوائح والقوانين المنظمة».

ولفت الدكتور كريم مصباح، عضو مجلس نقابة الأطباء فى بنى سويف إلى أن القانون 45 لسنة 69 ينص على أن «من يتعامل مع الأنسجة البشرية لا بد أن يكون طبيباً ومقيداً بالنقابة العامة للأطباء فقط، وكلية العلوم الصحية كما أفهمها جاءت لتخريج فنى متقدم مساعدة للأطباء فى تخصّصات مختلفة، مثل التخدير أو التصوير الطبى والمعامل، وبمسماها الأصلى كلية العلوم الصحية كانت محل ترحيب كبير من الأطباء ذاتهم والنقابة أيضاً، لأن المجال الطبى بحاجة إلى فنيين مهرة لمساعدة الأطباء، إلا أننا فوجئنا بتعديل مسمى الكلية إلى علوم طبية، وبدأ التوسّع فى إنشاء تخصصات جديدة بكثافة، ومع تخريج دفعات من الكليات الخاصة بدأ يخرج للنور المسمى الوظيفى لخريج الكلية، الذى تسبّب فى الأزمة بين خريجى تلك الكلية ونقابة الأطباء، حيث كشفت الأزمة عن فهم خاطئ لدور خريج الكلية، والمسمى الوظيفى له، مشيراً إلى أنه تم التغرير ببعض الطلاب من بعض المنتفعين من بيزنس الجامعات الخاصة، حتى وصل الأمر إلى وعد الطلاب عقب إتمام دراستهم وتخرّجهم بالانضمام إلى نقابة الأطباء ويصبحون أطباء بالفعل».

الدكتورة مشيرة عبدالواحد، عميدة كلية العلوم الطبية بالمنوفية، أكدت أنه فى إطار التطور التكنولوجى للأجهزة والتقنيات الطبية أصبح هناك احتياج كبير لخريجى الكلية لرفع مستوى المنظومة الصحية فى مصر. وأضافت أن مثل هذه الكليات منتشرة فى جميع أنحاء العالم لمواكبة التطور والتقدم فى المنظومة الصحية، وما حدث أن نقابة الأطباء ثارت، اعتراضاً على حصول الخريج على لقب إخصائى عقب تخرجه، بدعوى أن ذلك سينافس الطبيب، رغم أنه لا توجد أوجه منافسة، وكلاهما يخدم المنظومة الطبية ومصلحة المريض. وأشارت إلى أن قسم الأشعة هو أكثر الأمثلة التى أثارت لغطاً كبيراً بسبب المسمى، حيث إن الكلية تخرج إخصائى علوم طبية تخصص أشعة، طبقاً للائحة الكلية، ويعمل تحت إشراف الطبيب، ولا يستطيع تحرير تقرير للمريض، وما أثير حول رفض ضم خريجى الكلية لنقابة الأطباء، فطبقاً للائحة الكلية، فإن الخريجين ليس لهم علاقة بنقابة الأطباء ولديهم نقابة خاصة باسم نقابة العلوم الطبية التطبيقية.

وفى ما يخص الطلاب، أكدت عميدة الكلية، أن قرار رئيس الوزراء يخص التوقف عن قبول دفعات جديدة والدراسة فى الفرقة الأولى، لحين توفيق أوضاع الكلية، وأضافت أن هناك مخاوف كبيرة لدى الطلاب وأولياء أمورهم ما يتطلب تواصل الكلية مع الطلاب لتوضيح الصورة وتأكيد تخرج الطلاب القدامى طبقاً للائحة الكلية القديمة وأن أى تعديل سيطرأ سيشمل الدفعات الجديدة، مشيرة إلى أن الأزمة الأخيرة تخص التصريح بفتح مراكز أشعة وتحاليل، فيما أكد الدكتور حسين ندا، نقيب أطباء المنوفية، فى تصريحات صحفية، أن الأزمة تكمن فى توصيف الخريج من «إخصائى» إلى «فنى» أو «تقنى»، لافتاً إلى أن طريقة الدراسة مختلفة تماماً عن كليات الطب، حيث إن طلابها يدرسون كيفية التعامل مع المريض، بينما خريج العلوم الطبية يدرس مواد فنية.

فى حين رد الدكتور عادل عبدالغفّار، المستشار الإعلامى لوزارة التعليم العالى، قائلاً: إن المجلس الأعلى للجامعات هو الذى اتخذ قرار رفع كليات العلوم الطبية من تنسيق القبول بالجامعات، مشيراً إلى وقف القبول بهذه الكليات لحين الوصول لقرار بديل من خلال اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للجامعات بخصوص هذا الأمر.

وأضاف «عبدالغفّار» لـ«الوطن» أن قرار المجلس الأعلى للجامعات يطبق على الجامعات الحكومية والخاصة، باستثناء من تم قبوله بشعبة التمريض.

وتعليقاً على غضب طلاب جامعة بنى سويف، قال «عبدالغفّار»، إنه ليس هناك ضرر بالطلاب الموجودين بالجامعة قبل صدور هذا القرار، قائلاً: من دخل من الطلاب بلائحة يتخرج عليها.


مواضيع متعلقة