هل كان من الضرورى ثورة يوليو؟!
- أحمد لطفى
- أحمد هيكل
- الإصلاح الزراعى
- الحديد والصلب
- السد العالى
- الشركات العالمية
- العالم الإسلامى
- العالم العربى
- القاهرة الخديوية
- القطاع الخاص
- أحمد لطفى
- أحمد هيكل
- الإصلاح الزراعى
- الحديد والصلب
- السد العالى
- الشركات العالمية
- العالم الإسلامى
- العالم العربى
- القاهرة الخديوية
- القطاع الخاص
لا شك أن ثورة يوليو قد أحدثت زلزالاً عميقاً وعريضاً، عميقاً بعمق إزالتها نظماً سياسية عميقة، وعريضاً بعرض الوطن العربى وأفريقيا وآسيا، وهكذا سجلت نفسها. وهى حركة جيش، لم تكن ثورة شعب، ولكن انبهار الشعب بها جعله يلتف حولها، ولقد كان للثورة سنوات انبهار بضباط شبان أزالوا باشوات بعمر الدولة التركية فى العالم الإسلامى كله، وتربع شباب مصرى بطين مصر وماء نيلها على كرسى الحكم فيها، ولا شك أن صغر سن هؤلاء الشباب كان عاملاً حاسماً فى سرعة اتخاذ قرارات كادت أن تكون تهوراً، وسرعة إنجاز كادت أن تكون معجزة، وأهمها معجزة السد العالى فى الإنجاز، ونكسة يونيو، وقبلها احتلال 1956 فى التهور، وسوف يظل المحللون والمؤرخون يختلفون اختلافاً شديداً حول: هل كانت ثورة يوليو عماراً أم خراباً على مصر والوطن العربى وآسيا وأفريقيا.
وسوف يسارع أحدهم ويرد: أليست هى التى حررت آسيا وأفريقيا والعالم العربى؟ وأقول: نعم، وأنفقت فى سبيل ذلك كل ما تملك مصر من ثروات مالية، وخسرت زيادة عليها تكلفة حروب 1956، 1967، 1973، مقابل خسارة نظام الملك فاروق تكلفة حرب 1948، التى كانت السبب الرئيسى للثورة التى بدأت حركة جيش معترضة على أسلحة حرب 1948، وتحولت إلى أحلام شعب فى الإصلاح الزراعى (أى تأميم أملاك الأغنياء) والتصنيع (أى إنشاء صناعة معظمها على النيل من كفر الدوار شمالاً إلى حلوان جنوباً) وإسكان شعبى (من المكس إلى عين الصيرة إلى مدينة الحديد والصلب).
وسوف يرد أحدهم: وماذا عن النظام السياسى الديمقراطى الذى قال فيه عباس العقاد إن الشعب مستعد أن يقطع أكبر رأس فى البلد إذا خالف الدستور، وقال فيه مكرم عبيد إننى قبطى ديناً ومسلم وطناً؟! وماذا عن الأحزاب القوية والوفد الذى تربّع على عرش الحكم سنوات عديدة وحكومات مديدة، وماذا عن حرية الصحافة وحرية الأدب وحرية الحرية لا قيد ولا شرط؟
وفى الاقتصاد سوف تجد فريقاً يقول: وماذا عن كل البنوك الدولية والشركات العالمية والبورصة التى قادت ونافست كل اقتصاديات العالم، وفى الإسكان ماذا عن الإسكندرية اليونانية والقاهرة الخديوية الفرنسية، والمعادى الإنجليزية، وزمالك الباشوات، وجاردن سيتى العمارات، وفى الأدب والثقافة طه حسين، والعقاد، وأحمد لطفى السيد، والزيات، وروز اليوسف، وأحمد هيكل، بل إن مشاهير الأدب لثورة عبدالناصر هم نتاج ما قبل يوليو، من توفيق الحكيم إلى نجيب محفوظ، وفى الصحافة كان أبوالفتوح وآل دياب يقودون نهضة صحفية عامرة لا ينافسهم إلا ورثة آل تكلا فى الأهرام.
ويبقى مشاعر أبناء يوليو، وأنا منهم، فقد استفادوا من المجانية فى التعليم والصحة والتوظيف الكامل فى الحكومة لكل من يتخرج، ولكن البعض من أبناء يوليو، وأنا منهم، يرون أن «يوليو» تبنّت فكرة «اشتراكية الفقر للجميع»، وتحوّل فيها باشوات بنوا ثرواتهم بجهدهم فى القطاع الخاص إلى باشوات آخرين برتب مشابهة (مثل البيه الذى يستخدم حتى الآن رغم قرار يوليو بإلغائه والباشا، أو الأفندى)، فرغم الإلغاء الرسمى للألقاب فإن كل من يركب سيارة فاخرة وبدلة لامعة أصبح «باشا أو بيه أو أفندى»، وأصبح السائق «باشمهندس»، وأصبح المدرس «يا معلمى»!!
وختاماً: إن حواراً عميقاً ومحايداً يجب أن يقرر أمام التاريخ، وأمام أجيال صاعدة، هل كانت ثورة يوليو نعمة على مصر بالسد العالى، أم نقمة على مصر فى نكسة يونيو.