«بيت القاصرات».. مأوى آمن لفتيات ذُقن عذاب الشارع

«بيت القاصرات».. مأوى آمن لفتيات ذُقن عذاب الشارع
- أطفال بلا مأوى
- أماكن حساسة
- أهل الخير
- اعتداء جنسى
- الأنشطة التعليمية
- التربية الدينية
- التضامن الاجتماعى
- الحالة الصحية
- الخط الساخن
- أطفال بلا مأوى
- أماكن حساسة
- أهل الخير
- اعتداء جنسى
- الأنشطة التعليمية
- التربية الدينية
- التضامن الاجتماعى
- الحالة الصحية
- الخط الساخن
داخل «بيت القاصرات» فى منطقة عين شمس، تنتشر فتيات يرتدين زياً يشبه زى طالبات المدارس، منهن المبتسمات وأخريات عابسات وصامتات، لكن يجمعهن وضع اجتماعى واحد، فقد خرجن من منازلهن وأقمن فى الشارع وتذوقن المرارة، حتى كُتبت لهن النجاة بالانتقال إلى دار الرعاية.
بعض الفتيات اخترن الوجود فى «مشغل الخياطة» وعدد منهن دخل حجرة الكمبيوتر وعدد آخر فى غرفة الرسم، وعدد آخر فى المطبخ يساعد المشرفات على إعداد الطعام.
وبنبرة حزن قالت ندى خليل: «عندى 16 سنة وبقالى سنة فى الدار، كنت عايشة مع أبويا وكان شغال على عربية كارو وأمى معرفش حاجة عنها من وأنا صغيرة سابتنا ومشيت ومعرفش راحت فين»، وتابعت: «أبويا كان بيضربنى وبيحرقنى فى أماكن حساسة فى جسمى لما كنت بقعد يوم منزلش المصنع أشتغل، لأنه كان عاوزنى أديله فلوس عشان يشترى مخدرات»، وأضافت «منه لله أبويا جوزنى وأنا عندى 14 سنة لراجل عاجز علشان أخدمه وآخد منه شوية فلوس، وكنت رافضة بس جوزنى بالعافية بعقد عرفى عشان كنت لسه مبلغتش السن القانونى، وأختى كانت بتسخن أبويا عليا وتخليه يضربنى حتى وأنا متجوزة، فقررت أهرب وقبل ما أهرب قطعت الورقة العرفى اللى كنت متجوزة بها ورحت عشت مع واحدة اسمها وردة أبوها كان صاحب أبويا وكنت بخدمها هى وبنتها، ومرة نزلت من البيت راح العسكرى أخدنى وجابنى هنا»، وأضافت «هنا أحسن كتير من عيشة أبويا، هنا بيعاملونا معاملة كويسة وعلمونى الطبيخ والخياطة ولو أهلى طلبوا ياخدونى عمرى ما هروح معاهم».
{long_qoute_1}
وبحس فكاهى وروح مرحة قالت وردة علام وابتسامة كبيرة تعلو شفتيها: «عندى 15 سنة فى الصف الثانى الابتدائى وجيت هنا من سنتين، وأبويا توفى وأنا صغيرة، ولما كان عندى 10 سنين عشت مع ستى لحد 14 سنة، وكان ليا أخت كبيرة متجوزة، ستى قالت لى روحى اقعدى عندها، وفى يوم شفتها مع عمى فى وضع مخل (زنا محارم) ولما عرفوا إنى شفتهم ضربونى جامد وطردونى بره البيت فمشيت لحد باب الشعرية وفيه ناس كلمولى صندوق (تحيا مصر) وجابونى هنا»، وقالت إيمان محمد: «عندى دلوقتى 16 سنة وجيت الدار من 3 سنوات وقبلها كنت فى الشارع ببيع مناديل ولما أمى ماتت وأبويا اتجوز كانت زوجته بتضربنى وبعدها رحت قعدت عند ستى كانت برضه بتضربنى، فهربت للشارع وفضلت سنتين وكنت بتعرض لمضايقات كتير وأبات فى أى كمين عشان محدش يتعرض لى، لحد ما قسم الأزبكية جابنى هنا»، وأضافت «هنا الدنيا حلوة قوى بناكل أحسن أكل وبنلبس أحسن لبس وبيعاملونا كلنا حلو ومفيش أى تفريق بينا، ونفسى يغيروا اسم الدار لأن الناس بره بيربطوه بحاجات وحشة»، وقالت آية عادل: «عندى 18 سنة وكنت فى دار أيتام فى السيدة زينب ومعرفش أى حاجة عن أهلى من يوم ما وعيت على الدنيا، وفى الدار ماكانش عندهم ضمير كانوا بيضربونى وبيميزوا بينا وبين بعض وبحمد ربنا إنهم نقلونى هنا لأن حياتى بقى ليها شكل تانى»، وقالت حورية على، مديرة دار القاصرات، إن الدار بها 32 فتاة تتراوح أعمارهن بين 12 و21 عاماً «يتامى ومشردات» ومن يأتين عن طريق برنامج «أطفال بلا مأوى» أو الخط الساخن. وعن الإجراءات التى تتخذها الدار لدى قدوم أى فتاة إليها، قالت: «يتم عمل بحث أولى للفتاة من خلال الإخصائية لمعرفة ظروف الفتاة، وهل هى تركت البيت دون علم أهلها أم هى بدون أهل، والنوع الأول يتم التعامل معه من خلال التواصل مع أهل الفتاة ومعرفة سبب تركها للبيت وإعادتها لهم إن أمكن، وهناك فتيات يتم تحويلهن إلينا من دور أيتام».
وتابعت أن بين الفتيات 23 فى مراحل التعليم المختلفة وفى «محو الأمية»، وتوجد مدرسة داخل الدار حتى لا تضطر الفتاة للخروج منها، وأشارت «حورية» إلى أنه من النادر أن تتسلم الدار فتاة من ذويها، وقالت إن «بعض الأسر تسلم بنتها نتيجة تكرار هروبها من المنزل وعدم قدرتها على السيطرة على سلوكها، وفى هذه الحالة نقوم بعمل بحث للأسرة وإذا ثبت صلاح الأسرة يتم عمل جلسات نفسية للفتاة وتحليل جوانب شخصيتها من خلال الإخصائية النفسية والاجتماعية، ثم نلتقى أسرتها ونبلغها أيضاً من خلال جلسات بكيفية التعامل مع ابنتها ثم نقوم بتسليمها لأسرتها، والعام الماضى سلمنا 17 فتاة لأسرهن.
وعن البنات المنتقلات من الشارع إلى الدار، قالت: «حالات عديدة تم تسليمها للدار بعد إقامتها فى الشارع، من بينها فتيات مكثن فى الشارع لأكثر من سنتين، ويختلف سلوكهن فى هذه الحالة حسب المدة التى أقمنها فى الشارع ويعتبر السلوك العدوانى هو المسيطر عليهن وتتم السيطرة عليه بعد فترة من إقامتهن فى الدار وإصلاحهن نفسياً».
{long_qoute_2}
وأكملت مدير «دار القاصرات» قائلة: «يتم تقسيم البنات فى الدار من خلال أسر فهناك 3 أسر هى (المستقبل - الأحلام - الزهور) وكل أسرة تضم فتيات فى مراحل عمرية مختلفة، ولكل منهن مستوى تعليمى مختلف حتى يعلمن بعضهن، وتقسيم الأسر ليس عشوائياً لكن لهدف، وذلك لكى تشعر الفتاة بالانتماء، ولدينا نظام وهو أن كل أسرة تدير عمل المؤسسة لمدة 10 أيام فى الشهر كحكم ذاتى بداية من الإذاعة الصباحية وحتى موعد النوم».
وعن البرنامج اليومى للفتيات، قالت: «يبدأ 8 صباحاً وتتولى الأسرة المسئولة عن إدارة اليوم تنظيمه، بداية من الإذاعة الصباحية وإعداد طعام الإفطار ثم تنظيف المطعم وتوزيعهن على المشاغل حسب تخصصاتهن من 9 صباحاً وحتى الواحدة والنصف ظهراً، وفى يوم الدراسة يتم دخول المشاغل بداية من 12 ظهراً، وبعد ذلك يتم تناول وجبة الغداء ثم دخول المكتبة أو ممارسة الرياضة، ولدينا مشروع جديد لأول مرة يُطبق وهو مشروع خدمة المرأة العاملة حيث تقوم الفتيات بتجهيز الوجبات الجاهزة وتجهيز الخضراوات المحفوظة وإعداد الفطائر والمعجنات بجميع أنواعها ونوفرها للناس بأسعار تكلفة تقل عن سعر السوق وبجودة أعلى».
أما التعليم داخل «بيت القاصرات» فتقول عنه: «لدينا 3 مدارس، ابتدائى وإعدادى وثانوى تجارى تتبع إدارة عين شمس التعليمية، بخلاف برامج محو الأمية»، وعن التعامل مع حالات شغب بعض الفتيات، توضح أن هناك برامج تنفذها الإخصائية النفسية والاجتماعية اعتماداً على مبدأ الثواب والعقاب وتحليل شخصية كل فتاة، حيث إن كلاً منهن لديها ملف اجتماعى ونفسى وطبى، ويتم تعديل سلوك الفتيات من خلال برامج تتيح لهن التعبير عن أنفسهن وإخراج الطاقة المخزونة لديهن فى الرياضة والفنون الشعبية والموسيقى والشعر والرسم والأدب، كما يتم تنظيم رحلات خارجية ومعسكرات مرشدات لإكسابهن العادات الحسنة، وفى إطار التربية الدينية تهتم المؤسسة بتبصير الفتاة بالقيم الدينية والأخلاقية وحثهن على تأدية الفرائض والابتعاد عن كل ما يخالف الدين، كما تضم المكتبة كتباً متنوعة فى جميع المجالات لتثقيفهن.
الحالة الصحية للفتيات محل اهتمام إدارة الدار، وعن ذلك تقول «حورية»: «يتم الكشف الطبى على الفتيات فى جميع التخصصات باطنة وعظام وأسنان وجلدية، وعمل كشف عذرية، وهناك 80% تقريباً من الفتيات تبين تعرضهن لاعتداء جنسى، وبعضهن فقدن عذريتهن نتيجة الإقامة فى الشارع».
وعن تاريخ الدار قالت «حورية»: «تأسست عام 1962 فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر لهدف إيواء وخدمة الفتيات المنحرفات والفتيات المعرضات للانحراف وتم تطويرها فكانت فى البداية تابعة للاتحاد العام لرعاية الأحداث ثم أسندت لهيئة الشئون الاجتماعية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى ثم للجمعية المصرية للانتفاع الاجتماعى فى عام 1988»، وأضافت أن «تمويل الدار أهلى حكومى، فالوزارة ترسل للدار إعانات سنوية والجمعية فتحت باب التبرع للإنفاق على الأنشطة التعليمية والتدريبية والمصروف الشهرى لكل فتاة ودفتر التوفير، وإعانات الدعم التى ترد من الوزارة إلى مؤسسات الدفاع الاجتماعى كان لها أكبر الأثر فى إحلال وتجديد وتطوير المؤسسات واستقرار العاملين بها، وهناك جهد لمجلس الإدارة فى الاتصال بالجهات المختلفة ورجال الأعمال وأهل الخير وحثهم على التبرع».